مسألة : قال  الشافعي      - رضي الله عنه - : "  ولا يكفل رجل في حد   ولا لعان ولا      [ ص: 129 ] يحبس بواحد . ( قال  المزني      ) - رحمه الله - : هذا دليل على إثباته كفالة الوجه في غير الحد " .  
قال  الماوردي      :  وللكفالة بالنفس   حالتان :  
إحداهما : في حقوق الله عز وجل .  
والثاني : في حقوق الآدميين ، فأما في حقوق الله - سبحانه وتعالى - فلا يصح ؛ لأنها إن كانت في حدود فهي موضوعة على الإدراء والتسهيل ، وإن كانت في أموال فهي موكولة إلى أمانته إن تعلقت بذمته أو زكاة تؤخذ من عين ما بيده ، - أما حقوق الآدميين فضربان : أموال ، وحدود .  
فأما الأموال فالذي نص عليه  الشافعي      - رضي الله عنه - في أكثر كتبه أن الكفالة بالنفس فيها جائزة وقال في كتاب الدعاوى والبينات : غير أن كفالة الأبدان عندي ضعيفة .  
فاختلف أصحابنا في مراد  الشافعي      - رضي الله عنه - بتضعيفها ، فمنهم من حمله على إبطالها وخرج كفالة النفس على قولين ، ومنهم من حمله على ضعفها في القياس ؛ لأنه ضمان عين بعقد لكن جاز للضرورة الداعية إليه ، وكما خالف ضمان الدرك مع مخالفة الأصول ، وأما الحدود كالقصاص وحد القذف ، فقد اختلف فيه أصحابنا على وجهين :  
أحدهما : أنه كحدود الله تعالى التي لا تجوز الكفالة فيها ؛ لأنه لما لم يجز فيها ضمان ما في الذمة لم تجز فيه الكفالة بذي الذمة ، وبهذا المعنى فارق الكفالة في المال .  
والوجه الثاني : من مذاهب أصحابنا : أنها كالأموال في جواز الكفالة فيها بالنفس على ما قدمنا من الشرح ؛ لأن جميعها من حقوق الآدميين التي يباشر فيها من هي عليه ويستوثق فيها لمن هي له ، وليس على الكفيل بالنفس المطالبة بالحق الذي في الذمة ، فاستوى فيها ما يجوز ضمانه وما لا يجوز .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					