الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 286 ] باب اجتماع العدتين والقافة

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " فإذا تزوجت في العدة ودخل بها الثاني فإنها تعتد بنية عدتها من الأول ، ثم تعتد من الثاني ، واحتج في ذلك بقول عمر وعلي ، وعمر بن عبد العزيز رحمة الله عليهم ( قال الشافعي ) : لأن عليها حقين بسبب الزوجين وكذلك كل حقين لزما من وجهين " . قال الماوردي : وهذا كما قال ، وجوب العدة تمنع من عقد النكاح قبل انقضائها ، فإن نكحت في عدتها كان النكاح باطلا بالإجماع المنعقد عن النص في قوله تعالى ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله [ البقرة : 235 ] ولفساد العقد حالتان : إحداهما : أن يخلو من وطء . والثاني : أن يقترن به وطء . فإن خلا من الوطء فلا حد عليهما فيه لكن يعزران إن علما بالتحريم ، ولا يعزران إن جهلاه ، والتعزير لإقدامهما على التعرض لمحظور النكاح ، ولا ينعقد النكاح ؛ لأنه ليس بعقد ولا يتعلق به شيء من أحكام النكاح فلا يستحق به مهر ، ولا نفقة ، ولا سكنى ولا تصير فيه فراشا ولا يثبت به تحريم المصاهرة ، ولا يجب بالتفرقة بينهما عدة ، ولا تنقطع به عدة الأول ، وتكون جارية فيها . فإن قيل : أفليس الرجعة في العدة تقطع عدة المطلق حتى إن طلقها بعد الرجعة لم يحتسب بما بين الرجعة ، والطلاق الثاني من العدة فهلا كانت المنكوحة في العدة قاطعة للعدة ما لم يفرق بينهما . قلنا : لأن المرتجعة تكون فراشا فلم يحتسب بمدة الفراش من العدة ، والمنكوحة في العدة لا تكون فراشا فجاز أن يحتسب بمدة الاجتماع من العدة ، فعلى هذا إن أكملت العدة قبل التفرقة بينهما فقد حلت للأزواج ، وكان للناكح لها في العدة أن يتزوجها بعد العدة وأحسب مالكا يقول لا يجوز له أن يتزوجها وهي محرمة عليه ما لم تنكح غيره . [ ص: 287 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية