الفصل الثاني فيما يوجب قصاص الطرف .
nindex.php?page=treesubj&link=9174الجنايات فيما دون النفس ثلاثة أنواع : جرح يشق ، وقطع يبين ، وإزالة منفعة بلا شق ولا إبانة .
النوع الأول : الجرح ، ويتعلق به القصاص في الجملة ، قال الله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45والجروح قصاص )
[ المائدة : 45 ] ثم تنقسم إلى واقعة على الرأس والوجه ، وإلى غيرها .
الضرب الأول : الواقعة على الرأس والوجه ، وتسمى الشجاج ، وهي عشر ، إحداها : الحارصة وهي التي تشق الجلد قليلا نحو الخدش ، وتسمى الحرصة أيضا .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=9437الدامية : وهي التي تدمي موضعها من الشق والخدش ، ولا يقطر منها دم ، هكذا نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأهل اللغة .
قال أهل اللغة : فإن سال منها دم ، فهي الدامعة بالعين المهملة ، وذكر الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي في تفسيرها : سيلان الدم وهو خلاف الصواب .
[ ص: 180 ] الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=9438الباضعة وهي التي تبضع اللحم بعد الجلد ، أي : تقطعه .
الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=9439المتلاحمة وهي التي تغوص في اللحم ، ولا تبلغ الجلدة بين اللحم والعظم ، وتسمى اللاحمة أيضا .
الخامسة :
nindex.php?page=treesubj&link=9440السمحاق وهي التي تبلغ تلك الجلدة ، وتسمى تلك الجلدة السمحاق ، وقد تسمى هذه الشجة : الملطى والملطاة واللاطئة .
السادسة :
nindex.php?page=treesubj&link=9443الموضحة وهي التي تخرق السمحاق ، وتوضح العظم ، السابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=9446الهاشمة وهي التي تهشم العظم ، أي : تكسره .
الثامنة :
nindex.php?page=treesubj&link=9449المنقلة وهي التي تنقل العظم من موضع إلى موضع ، ويقال : هي التي تكسر وتنقل ، ويقال : هي التي تكسر العظم حتى يخرج منها فراش العظام .
والفراشة : كل عظم رقيق ، وفراش الرأس : عظام رقاق تلي القحف .
التاسعة :
nindex.php?page=treesubj&link=9452المأمومة وهي التي تبلغ أم الرأس ، وهي خريطة الدماغ المحيطة به ، ويقال لها : الآمة أيضا .
العاشرة : الدامغة وهي التي تخرق الخريطة وتصل الدماغ وهي مذففة .
فهذه العشرة هي المشهورة ، وذكر فيها ألفاظ أخر تئول إلى هذه ، وجميع هذه الشجاج تتصور في الجبهة كما تتصور في الرأس ، وكذلك تتصور ما عدا المأمومة والدامغة في الخد ، وفي قصبة الأنف ، واللحي الأسفل ، إذا عرفت هذا ، فالقصاص واجب في الموضحة ، لتيسر ضبطها ، واستيفاء مثلها .
ولا قصاص فيما بعدها من الهاشمة
[ ص: 181 ] والمنقلة وغيرهما ، وأما ما قبلها ، فلا قصاص في الحارصة قطعا ، ولا في الباضعة والمتلاحقة والسمحاق على المذهب ، والدامية كالحارصة ، وقيل : كالباضعة .
فإن أوجبنا القصاص في المتلاحمة والباضعة ، فإن كان على رأس كل واحد من الشاج والمشجوج موضحة ، تيسرت معرفة النسبة بهما .
وإن لم تكن ، راجعنا أهل الخبرة لينظروا في المقطوع والباقي ، ويحكموا بأنه نصف ، أو ثلث بالاجتهاد بعد غمر رأس الشاج والمشجوج ويحكمون أيضا عند القصاص ، ويعمل باجتهادهم ، فإن شكوا في أن المقطوع نصف أو ثلث أخذ باليقين .
الضرب الثاني : الجراحات في سائر البدن ، فما لا قصاص فيه إذا كان على الرأس والوجه لا قصاص فيه إذا كان على غيرهما ، وأما الموضحة التي توضح عظم الصدر ، أو العنق ، أو الساعد أو الأصابع ، ففي وجوب القصاص فيها وجهان ، أحدهما : لا ، كما لا يجب فيها أرش مقدر ، وأصحهما : نعم ، وهو ظاهر النص لتيسر استيفاء المثل .
وإذا اختصرت ، وأجبت في الجراحات في جميع البدن بالمختار ، قلت : يجب القصاص في الجراحة على أي موضع كانت بشرط أن تنتهي إلى عظم ولا تكسره .
الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُوجِبُ قِصَاصَ الطَّرَفِ .
nindex.php?page=treesubj&link=9174الْجِنَايَاتُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ : جُرْحٌ يَشُقُّ ، وَقَطْعٌ يُبِينُ ، وَإِزَالَةُ مَنْفَعَةٍ بِلَا شَقٍّ وَلَا إِبَانَةٍ .
النَّوْعُ الْأَوَّلُ : الْجُرْحُ ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْقِصَاصُ فِي الْجُمْلَةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45وَالْجُرُوحُ قِصَاصٌ )
[ الْمَائِدَةُ : 45 ] ثُمَّ تَنْقَسِمُ إِلَى وَاقِعَةٍ عَلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ ، وَإِلَى غَيْرِهَا .
الضَّرْبُ الْأَوَّلُ : الْوَاقِعَةُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ ، وَتُسَمَّى الشِّجَاجُ ، وَهِيَ عَشْرٌ ، إِحْدَاهَا : الْحَارِصَةُ وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ الْجِلْدَ قَلِيلًا نَحْوَ الْخَدْشِ ، وَتُسَمَّى الْحَرْصَةُ أَيْضًا .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9437الدَّامِيَةُ : وَهِيَ الَّتِي تُدْمِي مَوْضِعَهَا مِنَ الشَّقِّ وَالْخَدْشِ ، وَلَا يَقْطُرُ مِنْهَا دَمٌ ، هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ اللُّغَةِ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : فَإِنْ سَالَ مِنْهَا دَمٌ ، فَهِيَ الدَّامِعَةُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847وَالْغَزَالِيُّ فِي تَفْسِيرِهَا : سَيَلَانُ الدَّمِ وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ .
[ ص: 180 ] الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9438الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ ، أَيْ : تَقْطَعُهُ .
الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9439الْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ ، وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ ، وَتُسَمَّى الْلَاحِمَةُ أَيْضًا .
الْخَامِسَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9440السِّمْحَاقُ وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ تِلْكَ الْجِلْدَةَ ، وَتُسَمَّى تِلْكَ الْجِلْدَةُ السِّمْحَاقُ ، وَقَدْ تُسَمَّى هَذِهِ الشَّجَّةُ : الْمِلْطَى وَالْمِلْطَاةُ وَاللَّاطِئَةُ .
السَّادِسَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9443الْمُوضِحَةُ وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ السِّمْحَاقَ ، وَتُوضِحُ الْعَظْمَ ، السَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9446الْهَاشِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَهْشِمُ الْعَظْمَ ، أَيْ : تَكْسِرُهُ .
الثَّامِنَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9449الْمُنَقِّلَةُ وَهِيَ الَّتِي تَنْقُلُ الْعَظْمَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ ، وَيُقَالُ : هِيَ الَّتِي تَكْسِرُ وَتَنْقُلُ ، وَيُقَالُ : هِيَ الَّتِي تَكْسِرُ الْعَظْمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا فِرَاشُ الْعِظَامِ .
وَالْفَرَاشَةُ : كُلُّ عَظْمٍ رَقِيقٍ ، وَفَرَاشُ الرَّأْسِ : عِظَامٌ رِقَاقٌ تَلِي الْقِحْفَ .
التَّاسِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9452الْمَأْمُومَةُ وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ أُمَّ الرَّأْسِ ، وَهِيَ خَرِيطَةُ الدِّمَاغِ الْمُحِيطَةُ بِهِ ، وَيُقَالُ لَهَا : الْآمَّةُ أَيْضًا .
الْعَاشِرَةُ : الدَّامِغَةُ وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ الْخَرِيطَةَ وَتَصِلُ الدِّمَاغَ وَهِيَ مُذَفَّفَةٌ .
فَهَذِهِ الْعَشَرَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ ، وَذُكِرَ فِيهَا أَلْفَاظٌ أُخَرُ تَئُولُ إِلَى هَذِهِ ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الشِّجَاجِ تُتَصَوَّرُ فِي الْجَبْهَةِ كَمَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّأْسِ ، وَكَذَلِكَ تُتَصَوَّرُ مَا عَدَا الْمَأْمُومَةَ وَالدَّامِغَةَ فِي الْخَدِّ ، وَفِي قَصَبَةِ الْأَنْفِ ، وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا ، فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ فِي الْمُوضِحَةِ ، لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهَا ، وَاسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا .
وَلَا قِصَاصَ فِيمَا بَعْدَهَا مِنَ الْهَاشِمَةِ
[ ص: 181 ] وَالْمُنَقِّلَةِ وَغَيْرِهِمَا ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهَا ، فَلَا قِصَاصَ فِي الْحَارِصَةِ قَطْعًا ، وَلَا فِي الْبَاضِعَةِ وَالْمُتَلَاحِقَةِ وَالسِّمْحَاقِ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَالدَّامِيَةُ كَالْحَارِصَةِ ، وَقِيلَ : كَالْبَاضِعَةِ .
فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ فِي الْمُتَلَاحِمَةِ وَالْبَاضِعَةِ ، فَإِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّاجِّ وَالْمَشْجُوجِ مُوضِحَةٌ ، تَيَسَّرَتْ مَعْرِفَةُ النِّسْبَةِ بِهِمَا .
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ، رَاجَعْنَا أَهْلَ الْخِبْرَةِ لِيَنْظُرُوا فِي الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي ، وَيَحْكُمُوا بِأَنَّهُ نِصْفٌ ، أَوْ ثُلُثٌ بِالِاجْتِهَادِ بَعْدَ غَمْرِ رَأْسِ الشَّاجِّ وَالْمَشْجُوجِ وَيَحْكُمُونَ أَيْضًا عِنْدَ الْقِصَاصُ ، وَيُعْمَلُ بِاجْتِهَادِهِمْ ، فَإِنْ شَكُّوا فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ أُخِذَ بِالْيَقِينِ .
الضَّرْبُ الثَّانِي : الْجِرَاحَاتُ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ ، فَمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ إِذَا كَانَ عَلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ لَا قِصَاصَ فِيهِ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِمَا ، وَأَمَّا الْمُوِضِحَةُ الَّتِي تُوضِحُ عَظْمَ الصَّدْرِ ، أَوِ الْعُنُقِ ، أَوِ السَّاعِدِ أَوِ الْأَصَابِعِ ، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهَا وَجْهَانِ ، أَحَدُهُمَا : لَا ، كَمَا لَا يَجِبُ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ ، وَأَصَحُّهُمَا : نَعَمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ لِتَيَسُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَثَلِ .
وَإِذَا اخْتَصَرْتَ ، وَأَجَبْتَ فِي الْجِرَاحَاتِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ بِالْمُخْتَارِ ، قُلْتَ : يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحَةِ عَلَى أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ بِشَرْطِ أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَى عَظْمٍ وَلَا تَكْسِرَهُ .