الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
والقسم الثاني من هذا الصنف : أصحاب الظلمات وهم المنغمسون في الجهل بحيث قد أحاط بهم من كل وجه فهم بمنزلة الأنعام بل هم أضل سبيلا ، فهؤلاء أعمالهم - التي عملوها على غير بصيرة بل بمجرد التقليد واتباع الآباء من غير نور " من " الله تعالى - كظلمات - جمع ظلمة - وهي ظلمة الجهل ، وظلمة الكفر ، وظلمة الظلم واتباع الهوى ، وظلمة الشك والريب ، وظلمة الإعراض عن الحق الذي بعث الله تعالى به رسله صلوات الله وسلامه عليهم ، والنور الذي أنزله معهم ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور ، فإن المعرض عما بعث الله تعالى به محمدا صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق يتقلب في خمس ظلمات ، قوله ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومدخله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره إلى الظلمة ، فقلبه مظلم ، ووجهه مظلم ، وكلامه مظلم ، وحاله مظلمة ، وإذا قابلت بصيرته الخفاشية ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من [ ص: 58 ] النور جد في الهرب منه وكاد نوره يخطف بصره فهرب إلى ظلمات الآراء التي هي به أنسب وأولى كما قيل .

خفافيش أعشاها النهار بضوئه ووافقها قطع من الليل مظلم فإذا جاء إلى زبالة الأفكار ونحاتة الأذهان ، جال وصال ، وأبدى وأعاد ، وقعقع وفرقع . فإذا طلع نور الوحي وشمس الرسالة ، انحجر في أحجرة الحشرات .

التالي السابق


الخدمات العلمية