الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( دعا ) ( س هـ ) فيه أنه أمر ضرار بن الأزور أن يحلب ناقة وقال له : دع داعي اللبن لا تجهده أي أبق في الضرع قليلا من اللبن ولا تستوعبه كله ، فإن الذي تبقيه فيه يدعو ما وراءه من اللبن فينزله ، وإذا استقصي كل ما في الضرع أبطأ دره على حالبه .

                                                          * وفيه ما بال دعوى الجاهلية هو قولهم : يال فلان ، كانوا يدعون بعضهم بعضا عند الأمر الحادث الشديد .

                                                          * ومنه حديث زيد بن أرقم فقال قوم يال الأنصار ، وقال قوم : يال المهاجرين ، فقال صلى الله عليه وسلم : دعوها فإنها منتنة . * ومنه الحديث تداعت عليكم الأمم أي اجتمعوا ودعا بعضهم بعضا .

                                                          ( س ) ومنه حديث ثوبان يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها . [ ص: 121 ] ( س ) ومنه الحديث كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى . كأن بعضه دعا بعضا .

                                                          * ومنه قولهم : تداعت الحيطان . أي تساقطت أو كادت .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر كان يقدم الناس على سابقتهم إلى أعطياتهم ، فإذا انتهت الدعوة إليه كبر أي النداء والتسمية ، وأن يقال دونك يا أمير المؤمنين . يقال : دعوت زيدا : إذا ناديته ، ودعوته زيدا : إذا سميته . ويقال : لبني فلان الدعوة على قومهم : إذا قدموا في العطاء عليهم .

                                                          ( هـ ) وفيه لو دعيت إلى ما دعي إليه يوسف عليه السلام لأجبت يريد حين دعي للخروج من الحبس فلم يخرج ، وقال : ارجع إلى ربك فاسأله . يصفه بالصبر والثبات : أي لو كنت مكانه لخرجت ولم ألبث . وهذا من جنس تواضعه في قوله : لا تفضلوني على يونس بن متى . ( هـ ) وفيه أنه سمع رجلا يقول في المسجد : من دعا إلى الجمل الأحمر ؟ فقال : لا وجدت يريد من وجده فدعا إليه صاحبه ، لأنه نهى أن تنشد الضالة في المسجد .

                                                          ( س ) وفيه لا دعوة في الإسلام الدعوة في النسب بالكسر ، وهو أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه وعشيرته ، وقد كانوا يفعلونه ، فنهى عنه وجعل الولد للفراش .

                                                          * ومنه الحديث ليس من رجل ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه إلا كفر وفي حديث آخر فالجنة عليه حرام وفي حديث آخر فعليه لعنة الله وقد تكررت الأحاديث في ذلك . والادعاء إلى غير الأب مع العلم به حرام ، فمن اعتقد إباحة ذلك كفر لمخالفة الإجماع ، ومن لم يعتقد إباحته ففي معنى كفره وجهان : أحدهما أنه أشبه فعله فعل الكفار ، والثاني أنه كافر نعمة الله والإسلام عليه ، وكذلك الحديث الآخر فليس منا أي إن اعتقد جوازه خرج من الإسلام ، وإن لم يعتقده فالمعنى أنه لم يتخلق بأخلاقنا .

                                                          ومنه حديث علي بن الحسين المستلاط لا يرث ويدعى له ويدعى به . المستلاط : المستلحق في النسب . ويدعى له : أي ينسب إليه ، فيقال : فلان ابن فلان ، ويدعى به : أي يكنى فيقال : هو أبو فلان ، ومع ذلك لا يرث ; لأنه ليس بولد حقيقي . [ ص: 122 ] ( س ) وفي كتابه إلى هرقل أدعوك بدعاية الإسلام أي بدعوته ، وهي كلمة الشهادة التي يدعى إليها أهل الملل الكافرة ، وفي رواية : بداعية الإسلام ، وهي مصدر بمعنى الدعوة ، كالعافية والعاقبة .

                                                          ( س ) ومنه حديث عمير بن أفصى ليس في الخيل داعية لعامل أي لا دعوى لعامل الزكاة فيها ، ولا حق يدعو إلى قضائه ، لأنها لا تجب فيها الزكاة .

                                                          ( هـ ) وفيه الخلافة في قريش ، والحكم في الأنصار ، والدعوة في الحبشة أراد بالدعوة الأذان ، جعله فيهم تفضيلا لمؤذنه بلال .

                                                          * وفيه لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة يعني الشيطان الذي عرض له في صلاته ، وأراد بدعوة سليمان عليه السلام قوله : ( وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ومن جملة ملكه تسخير الشياطين وانقيادهم له .

                                                          * ومنه الحديث سأخبركم بأول أمري : دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى دعوة إبراهيم عليه السلام هي قوله تعالى : ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك وبشارة عيسى قوله : ( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد . * ومنه حديث معاذ لما أصابه الطاعون قال : ليس برجز ولا طاعون ، ولكنه رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم أراد قوله اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون . ( س ) ومنه الحديث فإن دعوتهم تحيط من ورائهم أي تحوطهم وتكنفهم وتحفظهم ، يريد أهل السنة دون أهل البدعة . والدعوة : المرة الواحدة من الدعاء .

                                                          * وفي حديث عرفة أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفات : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير إنما سمي التهليل والتحميد والتمجيد دعاء لأنه بمنزلته في استيجاب ثواب الله وجزائه ، كالحديث الآخر : إذا شغل عبدي ثناؤه علي عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية