الفرض السادس :
nindex.php?page=treesubj&link=57غسل الرجلين مع الكعبين .
وقيل : إليهما دونهما ، وهما الناتئان في الساقين لقوله عليه السلام : ( ويل
[ ص: 269 ] للأعقاب من النار ) ، فلو كان معقد الشراك لما عوقب على ترك العقب ، وفي قوله تعالى : ( إلى الكعبين ) إشارة إليهما ; لأن اليد لها مرفق واحد ، ولو كان المراد الناتئ في ظهر القدم لكان للرجل كعب واحد ، فكان يقول : إلى الكعاب كما قال : إلى المرافق لتقابل الجمع بالجمع ، فلما عدل عن ذلك إلى التثنية دل ذلك على أن مراده الكعبان اللذان في طرف الساق فيصير معنى الآية : اغسلوا كل رجل إلى كعبيها .
وروى
ابن القاسم ، وغيره عن
مالك رحمة الله عليهما أنهما اللذان عند معقد الشراك فيكون غاية الغسل ، والأول : مذهب الكتاب ، والثاني : في غيره .
والكعبان يدخلان في الغسل على المذهب ؛ لما تقدم في المرفقين .
فرعان :
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=59تخليل أصابع الرجلين مستحب على المذهب ، وقيل : واجب ، وقيل : مكروه ، والفرق بين أصابع اليدين ، والرجلين شدة الالتصاق ، وصغر الحجم الموجبان للتحاك ، والتدلك .
الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=27016أقطع الرجلين يغسل الكعبين بخلاف أقطع اليدين لتقاربهما في الرجلين بعد القطع .
تمهيد : قوله تعالى : ( وأرجلكم ) قرئ بالرفع ، والنصب ، والخفض أما الرفع ، فتقديره مبتدأ خبره محذوف تقديره اغسلوها ، والنصب عطف على اليدين ، والخفض اختلف الناس فيه ، فحمله
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري ،
وداود على التخيير بين الغسل ، والمسح جمعا بين القراءتين ، وحمله الشيعة على تعين المسح ، وتأولوا قراءة النصب بأن الرجل معطوف على الرأس قبل دخول حرف الجر عليه كقول الشاعر :
معاوي إننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال ولا الحديدا
.
[ ص: 270 ] والفرق بينهما أن ليس تتعدى بنفسها لنصب خبرها بخلاف المسح لا يتعدى لمفعولين بنفسه ، وقد بينا أن أحد مفعوليه المنصوب مضمر فيكون الرأس المفعول الثاني ، فيتعين له حرف الجر .
وقال
المازري وابن العربي ، وجماعة من أصحابنا : الخفض محمول على حالة لبس الخفين ، والنصب على حالة عدمهما ، ومنهم من قال : الأصل النصب ، وإنما الخفض على الجوار كقول العرب : هذا جحر ضب خرب ، وورد عليهم أمران :
أحدهما : أن المثال لا لبس فيه بخلاف الآية ، فإن المسح في الرجلين ممكن ، وليس يمكن أن يوصف الضب بالخراب .
وثانيهما : أن العطف في الآية يأبى ذلك لاقتضائه التشريك بخلاف المثال .
تذييل : قال بعض العلماء : ينبغي في غسل اليدين ، والرجلين أن يختم المتطهر أبدا بالمرافق ، والكعبين مراعاة لظاهر الغاية الواردة في القرآن ، وإن فعل غير ذلك أجزأ لكن الأدب أولى .
الْفَرْضُ السَّادِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=57غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ .
وَقِيلَ : إِلَيْهِمَا دُونَهُمَا ، وَهُمَا النَّاتِئَانِ فِي السَّاقَيْنِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( وَيْلٌ
[ ص: 269 ] لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ) ، فَلَوْ كَانَ مَعْقِدَ الشِّرَاكِ لَمَا عُوقِبَ عَلَى تَرْكِ الْعَقِبِ ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) إِشَارَةٌ إِلَيْهِمَا ; لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا مِرْفَقٌ وَاحِدٌ ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ النَّاتِئَ فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ لَكَانَ لِلرَّجُلِ كَعْبٌ وَاحِدٌ ، فَكَانَ يَقُولُ : إِلَى الْكِعَابِ كَمَا قَالَ : إِلَى الْمَرَافِقِ لِتَقَابُلِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ ، فَلَمَّا عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى التَّثْنِيَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْكَعْبَانِ اللَّذَانِ فِي طَرَفِ السَّاقِ فَيَصِيرُ مَعْنَى الْآيَةِ : اغْسِلُوا كُلَّ رِجْلٍ إِلَى كَعْبَيْهَا .
وَرَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَغَيْرُهُ عَنْ
مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اللَّذَانِ عِنْدَ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ فَيَكُونُ غَايَةَ الْغَسْلِ ، وَالْأَوَّلُ : مَذْهَبُ الْكِتَابِ ، وَالثَّانِي : فِي غَيْرِهِ .
وَالْكَعْبَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْغَسْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِرْفَقَيْنِ .
فَرْعَانِ :
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=59تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَقِيلَ : وَاجِبٌ ، وَقِيلَ : مَكْرُوهٌ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ ، وَالرِّجْلَيْنِ شِدَّةُ الِالْتِصَاقِ ، وَصِغَرُ الْحَجْمِ الْمُوجِبَانِ لِلتَّحَاكِّ ، وَالتَّدَلُّكِ .
الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=27016أَقْطَعُ الرِّجْلَيْنِ يَغْسِلُ الْكَعْبَيْنِ بِخِلَافِ أَقْطَعِ الْيَدَيْنِ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الرِّجْلَيْنِ بَعْدَ الْقَطْعِ .
تَمْهِيدٌ : قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَأَرْجُلَكُمْ ) قُرِئَ بِالرَّفْعِ ، وَالنَّصْبِ ، وَالْخَفْضِ أَمَّا الرَّفْعُ ، فَتَقْدِيرُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ اغْسِلُوهَا ، وَالنَّصْبُ عَطْفٌ عَلَى الْيَدَيْنِ ، وَالْخَفْضُ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ ، فَحَمَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ ،
وَدَاوُدُ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْغَسْلِ ، وَالْمَسْحِ جَمْعًا بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ ، وَحَمَلَهُ الشِّيعَةُ عَلَى تَعَيُّنِ الْمَسْحِ ، وَتَأَوَّلُوا قِرَاءَةَ النَّصْبِ بِأَنَّ الرِّجْلَ مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّأْسِ قَبْلَ دُخُولِ حَرْفِ الْجَرِّ عَلَيْهِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
مُعَاوِيَ إِنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الْحَدِيدَا
.
[ ص: 270 ] وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ لَيْسَ تَتَعَدَّى بِنَفْسِهَا لِنَصْبِ خَبَرِهَا بِخِلَافِ الْمَسْحِ لَا يَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَحَدَ مَفْعُولَيْهِ الْمَنْصُوبَ مُضْمَرٌ فَيَكُونُ الرَّأْسُ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ ، فَيَتَعَيَّنُ لَهُ حَرْفُ الْجَرِّ .
وَقَالَ
الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا : الْخَفْضُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ ، وَالنَّصْبُ عَلَى حَالَةِ عَدَمِهِمَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الْأَصْلُ النَّصْبُ ، وَإِنَّمَا الْخَفْضُ عَلَى الْجِوَارِ كَقَوْلِ الْعَرَبِ : هَذَا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ ، وَوَرَدَ عَلَيْهِمْ أَمْرَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمِثَالَ لَا لَبْسَ فِيهِ بِخِلَافِ الْآيَةِ ، فَإِنَّ الْمَسْحَ فِي الرِّجْلَيْنِ مُمْكِنٌ ، وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يُوصَفَ الضَّبُّ بِالْخَرَابِ .
وَثَانِيهِمَا : أَنَّ الْعَطْفَ فِي الْآيَةِ يَأْبَى ذَلِكَ لِاقْتِضَائِهِ التَّشْرِيكَ بِخِلَافِ الْمِثَالِ .
تَذْيِيلٌ : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : يَنْبَغِي فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ ، وَالرِّجْلَيْنِ أَنْ يَخْتِمَ الْمُتَطَهِّرُ أَبَدًا بِالْمَرَافِقِ ، وَالْكَعْبَيْنِ مُرَاعَاةً لِظَاهِرِ الْغَايَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ ، وَإِنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ أَجْزَأَ لَكِنَّ الْأَدَبَ أَوْلَى .