الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  337 ( قال أبو عبد الله : صبأ خرج من دين إلى غيره ، وقال أبو العالية : الصابئين فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا إلى آخره رواية المستملي وحده ، وأبو عبد الله هو البخاري نفسه ، وأراد بإيراد هذه الإشارة إلى الفرق بين الصابئ المراد في هذا الحديث والصابئ المنسوب إلى الطائفة الذين بينهم أبو العالية رفيع بن مهران الرباحي ، أما الصابئ الذي هو المراد في هذا الحديث في قول المرأة المذكورة " الذي يقال له الصابئ " فهو من صبا إلى الشيء يصبو إذا مال ، وهو غير مهموز ، وكانت العرب تسمي النبي - صلى الله عليه وسلم - الصابئ ؛ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام ويسمون من يدخل في دين الإسلام مصبوا ؛ لأنهم كانوا لا يهمزون ، ويسمون المسلمين الصباة بغير همزة جمع صاب غير مهموز كقاض وقضاة وغاز وغزاة وقد يقال : [ ص: 33 ] صبا الرجل إذا عشق وهوى ، وقد يقال : صابئ بالهمز من صبا يصبو بغير همز ، وأما الصابئون الذين ذكرهم أبو العالية فأصله من صبأ يصبأ صبأ وصبوأ إذا خرج عن دين إلى آخر ، وهذه الطائفة يسمون الصابئين ، واختلف في تفسيره ، فقال أبو العالية : هم فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور ، وقد وصل هذا التعليق ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عنه وعن مجاهد ليسوا بيهود ولا نصارى ولا دين لهم ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم ، وكذا روى عن الحسن وابن نجيح ، وقال ابن زيد : الصابئون أهل دين من الأديان ، كانوا بالجزيرة جزيرة الموصل ، يقولون : لا إله إلا الله ، وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي ، ولم يؤمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعن الحسن قال : أخبر زياد أن الصابئين يصلون إلى القبلة ، ويصلون الخمس ، قال : فأراد أن يضع عليهم الجزية فأخبر بعد أنهم يعبدون الملائكة . وعن قتادة وأبي جعفر الرازي : هم قوم يعبدون الملائكة ، ويصلون إلى القبلة ، ويقرءون الزبور . وفي الكتاب الزاهر لابن الأنباري : هم قوم من النصارى قولهم ألين من قول النصارى ، قال الله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين فيقال : الذين آمنوا هم المنافقون أظهروا الإيمان وأضمروا الكفر والذين هادوا اليهود المغيرون المبدلون والنصارى المقيمون على الكفر بما يصفون به عيسى - عليه الصلاة والسلام - من المحال ، والصابئون الكفار أيضا المفارقون للحق ، ويقال الذين آمنوا المؤمنون حقا ، والذين هادوا الذين تابوا ولم يغيروا ، والنصارى نصار عيسى - عليه الصلاة والسلام - والصابئون الخارجون من الباطل إلى الحق ، من آمن بالله معناه من دام منهم على الإيمان بالله تعالى فله أجره ، وفي كتاب الرشاطي : الصابي نسبه إلى صابي بن متوشلخ بن خنوخ بن برد بن مهليل بن فتين بن ياش بن شيث بن آدم - عليه الصلاة والسلام - ، وقال أبو المعالي في كتابه المنتهى : هم جنس من أهل الكتاب يزعمون أنهم من ولد صاب بن إدريس النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وقيل : نسبتهم إلى الصابئ بن ماري ، وكان في عصر إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، وقال النسفي في منظومته :


                                                                                                                                                                                  الصابئيات كالكتابيات في حكم حل العقد والذكاة

                                                                                                                                                                                  .

                                                                                                                                                                                  وشرحه : أن أبا حنيفة يقول : إنهم يعتقدون نبيا ، ولهم كتاب ، فتحل مناكحة نسائهم ، وتؤكل ذبائحهم ، وقال أبو يوسف ومحمد : هم يعتقدون الكواكب فلا تحل مناكحة نسائهم ولا تؤكل ذبائحهم .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية