الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال تعالى: فأرسلنا فيهم رسولا منهم [المؤمنون: 32] هو قوم هود، أو ثمود، أو شعيب -عليهم السلام-.

أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون . وقال تعالى: فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ؛ أي: تنزه عن الشركاء، والأولاد، وهو الملك الذي يحق له الملك على الإطلاق إيجادا وإعداما، بدءا وإعادة، إحياء وإماتة، عقابا وإثابة، وكل ما سواه مملوك له بالذات، مقهور لملكوته، مالك بالعرض من وجه دون وجه، وفي حال دون حال.

وقال تعالى: ويعلمون أن الله هو الحق المبين [النور:25] إنما سمي سبحانه «الحق»؛ لأن عبادته هي الحق دون عبادة غيره.

وقد سمي بـ: «الحق»؛ أي: الموجود؛ لأن نقيضه الباطل»، وهو المعدوم. [ ص: 41 ] وقال: الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى [النمل:26].

خص العرش بالذكر؛ لأنه أعظم المخلوقات كما ثبت ذلك في المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله [النمل: 45].

أي: وحده.

فإذا هم فريقان يختصمون المراد بهما: المؤمنون منهم، والكافرون.

وقال تعالى: أإله مع الله [النمل:62] الذي يوليكم هذه النعم الجسام قليلا ما تذكرون ما زائدة لتقليل القليل، وهو كناية عن العدم بالكلية.

أإله مع الله تعالى الله عما يشركون [النمل:63]. أي: تنزه، وتقدس عن وجود ما يجعلونه له شريكا.

وقال تعالى: أإله مع الله قل هاتوا برهانكم [النمل:64]؛ أي: حجتكم، عقلية أو نقلية على أن الله سبحانه شريكا، أو على أن ثم صانعا يصنع كصنعه.

إن كنتم صادقين ، وفي هذا تبكيت لهم، وتهكم بهم.

وقال تعالى: وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة [القصص:70]؛ لأنه المولي للنعم كلها، عاجلها، وآجلها.

يحمده المؤمنون في الآخرة، كما حمدوه في الدنيا.

والتحميد ثمة على وجه اللذة، لا على وجه الكلفة.

اللهم إني أحمدك على نعمك كلها، التي لا أحصيها كثرة، على كثرة ذنوبنا، فتب علينا أنت، إنك التواب الرحيم.

و وله الحكم ؛ أي: القضاء النافذ في كل شيء، فيقضي بين عباده بما شاء من غير مشارك وإليه لا إلى غيره ترجعون بالبعث والنشور، والخروج من القبور.

وقال تعالى: من إله غير الله [القصص: 72]؛ أي: هل لكم من إله بزعمكم من الآلهة التي تعبدونها يأتيكم بضياء ويرفع هذه الظلمة الدائمة عنكم؟ [ ص: 42 ]

أفلا تسمعون [القصص: 71] هذا الكلام سماع فهم، وقبول، وتدبر، وتفكر.

وقال تعالى: من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون [القصص: 73] هذه المنفعة إبصار متعظ متيقظ حتى تنزجروا عما أنتم فيه من عبادة غير الله؟!

فإذا أقروا بأنه لا يقدر على ذلك إلا الله -عز وجل-، فقد لزمتهم الحجة، وبطل ما يتمسكون به من الشبهة الساقطة

وقال تعالى: لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه [القصص: 88].

قال ابن عباس: لما نزلت: كل من عليها فان [الرحمن: 26] قالت الملائكة: هلك أهل الأرض.

فلما نزلت: كل نفس ذائقة الموت [الأنبياء: 35] قالت الملائكة: هلك كل نفس.

فلما نزلت هذه الآية، قالت الملائكة: هلك أهل السماء والأرض.

قال أهل العلم: المستثنى من الهلاك، والفناء ثمانية أشياء نظمها السيوطي -رحمه الله- في قوله:

ثمانية حكم البقاء يعمها من الخلق والباقون في حيز العدم     هي العرش والكرسي نار وجنة
وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم

وفي الآية نعي على أهل الشرك الذين يقولون بإلهية دون الله بفناء كل ما سوى الله.

التالي السابق


الخدمات العلمية