الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) : وإن تبايع الراهن والمرتهن على شرط الرهن وهو أن يوضع على يدي المرتهن فجائز ، وإن وضعاه على يدي عدل فجائز ، وليس لواحد منهما إخراجه من حيث يضعانه إلا باجتماعهما على الرضا بأن يخرجاه ( قال الشافعي ) فإن خيف الموضوع على يديه فدعا أحدهما إلى إخراجه من يديه فينبغي للحاكم إن كانت تغيرت حاله عما كان عليه من الأمانة حتى يصير غير أمين أن يخرجه ثم يأمرهما أن يتراضيا فإن فعلا ، وإلا رضي لهما كما يحكم عليهما فيما لم يتراضيا فيه بما لزمهما . قال : وإن مات الموضوع على يديه الرهن فكذلك يتراضيان أو يرضى لهما القاضي إن أبيا التراضي .

( قال الشافعي ) : وإن مات المرتهن والرهن على يديه ، ولم يرض الراهن وصية ، ولا وارثه قيل لوارثه - إن كان بالغا أو لوصيه إن لم يكن بالغا - : تراض أنت وصاحب الرهن فإن فعلا ، وإلا صيره الحاكم إلى عدل وذلك أن الراهن لم يرض بأمانة الوارث ، ولا الوصي .

ولما كان للوارث حق في احتباس الرهن حتى يستوفي حقه كان له ما وصفنا من الرضا فيه إذا كان له أمر في ماله .

( قال الشافعي ) : وإن مات الراهن [ ص: 196 ] فالدين حال ويباع الرهن فإن أدى ما فيه فذلك ، وإن كان في ثمنه فضل رد على ورثة الميت ، وإن نقص الرهن من الدين رجع صاحب الحق بما بقي من حقه في تركة الميت ، وكان أسوة الغرماء فيما يبقى من دينه .

( قال الشافعي ) : وليس لأحد من الغرماء أن يدخل معه في ثمن رهنه حتى يستوفيه ، وله أن يدخل مع الغرماء بشيء إن بقي له في مال الميت غير المرهون إذا باع رهنه فلم يف .

( قال الشافعي ) : وإذا كان الرهن على يدي عدل فإن كانا وضعاه على يدي العدل على أن يبيعه فله بيعه إذا حل الأجل فإن باعه قبل أن يحل الأجل بغير أمرهما معا فالبيع مفسوخ ، وإن فات ضمن القيمة إن شاء الراهن والمرتهن ، وكانت القيمة أكثر مما باع به ، وإن شاء فللراهن ما باع به الرهن قل أو كثر ثم إن تراضيا أن تكون القيمة على يديه إلى محل الأجل ، وإلا تراضيا أن تكون على يدي غيره ; لأن بيعه للرهن قبل محل الحق خلاف الأمانة ، وإن باعه بعد محل الحق بما لا يتغابن الناس بمثله رد البيع إن شاء فإن فات ففيها قولان . أحدهما : يضمن قيمته ما بلغت فيه فيؤدي إلى ذي الحق حقه ويكون لمالك الرهن فضلها . والقول الآخر : يضمن ما حط مما لا يتغابن الناس بمثله ; لأنه لو باع بما يتغابن الناس بمثله جاز البيع فإنما يضمن ما كان لا يجوز له بحال .

( قال الشافعي ) : وحد ما يتغابن الناس بمثله يتفاوت تفاوتا شديدا فيما يرتفع وينخفض ويخص ويعم فيدعى رجلان عدلان من أهل البصر بتلك السلعة المبيعة فقال أيتغابن أهل البصر بالبيع في البيع بمثل هذا ؟ فإن قالوا نعم جاز ، وإن قالوا : لا . رد إن قدر عليه ، وإن لم يقدر عليه فالقول فيه ما وصفت .

( قال الشافعي ) : ولا يلتفت إلى ما يتغابن به غير أهل البصر ، وإلى ترك التوقيت فيما يتغابن الناس بمثله رجع بعض أصحابه وخالفه صاحبه ، وكان صاحبه يقول حد ما يتغابن الناس بمثله العشرة ثلاثة فإن جاوز ثلاثة لم يتغابن أهل البصر بأكثر من ثلاثة .

( قال الشافعي ) : وأهل البصر بالجوهر والوشي وعليه الرقيق يتغابنون بالدرهم ثلاثة وأكثر ، ولا يتغابن أهل البصر بالحنطة والزيت والسمن والتمر في كل خمسين بدرهم وذلك لظهوره وعموم البصر به مع اختلاف ما يدق وظهور ما يجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية