الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        ليس لمستحق القصاص استيفاؤه إلا بإذن الإمام أو نائبه ، وعن أبي إسحاق ومنصور التميمي أن المستحق يستقل بالاستيفاء كالأخذ بالشفعة وسائر الحقوق .

                                                                                                                                                                        والصحيح المنصوص الأول ، وسواء فيه قصاص النفس والطرف ، وإذا استقل به عزر ، لكنه لا غرم عليه ، ويقع عن القصاص ، ولو استقل المقذوف باستيفاء حد القذف بإذن القاذف ، أو بغير إذنه ، ففي الاعتداد به وجهان .

                                                                                                                                                                        فإن قلنا : لا يعتد به ، ترك حتى يبرأ ثم يحد ، ولو مات منه ، وجب القصاص إن جلده بغير إذنه ، وإن كان بإذنه ، فلا قصاص .

                                                                                                                                                                        وفي الدية خلاف ، كما لو قتله بإذنه ، ثم إذا طلب المستحق أن يستوفي القصاص بنفسه ، فإن لم يره أهلا له كالشيخ والزمن والمرأة ، لم يجبه ، وأمره أن يستنيب ، وإن رآه أهلا له ، فإن كان المطلوب قصاص النفس ، والطالب الولي ، فوضه إليه بخلاف الجلد في القذف لا يفوض إلى المقذوف ، لأن تفويت النفس مضبوط ، والجلدات يختلف موقعها .

                                                                                                                                                                        والتعزير كحد القذف ، وإن كان المطلوب قصاص الطرف ، والطالب المجني عليه ، فوجهان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : يفوضه إليه كالنفس ، لأن إبانة الطرف مضبوطة ، وأصحهما : المنع ، لأنه لا يؤمن أن يردد الحديدة ، ويزيد في الإيلام .

                                                                                                                                                                        فرع .

                                                                                                                                                                        يستحب للإمام أن يحضر الاقتصاص عدلين متيقظين ، ليشهدا إن أنكر المقتص ، ولا يحتاج إلى القضاء بعلمه إن كان الترافع إليه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 222 ] فرع .

                                                                                                                                                                        يتفقد الإمام السيف ، ويقتص بصارم لا كال ، فلو كان الجاني قتل بكال ، فهل يقتص بكال أم يتعين الصارم ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : الأول ، وإذا لم نجوز بالكال ، فبان بعد الاستيفاء كلاله ، عزر المستوفي .

                                                                                                                                                                        فرع .

                                                                                                                                                                        يضبط الجاني في قصاص الطرف ، لئلا يضطرب ، فيؤدي إلى استيفاء زيادة .

                                                                                                                                                                        فرع .

                                                                                                                                                                        إذا أذن للولي في ضرب الرقبة ، فأصاب غيرها ، واعترف بأنه تعمد ، عزر ، وكذا لو ادعى الخطأ فيما لا يقع الخطأ بمثله ، بأن ضرب رجله أو وسطه ، لكن لا يمنع من الاستيفاء ، ولا يعزل ، لأنه أهل له ، وإن تعدى بفعله ، كما لو جرحه قبل الارتفاع إلى الحاكم ، لا يمنع من الاستيفاء ، وفيه وجه ، أو قول ضعيف : أنه يعزل ، ويؤمر بالاستنابة ، لأنه لا يؤمن أن يتعدى ثانيا ، ولو ادعى الخطأ فيما يمكن فيه الخطأ ، بأن ضرب كتفه ، أو رأسه مما يلي الرقبة ، حلف ، ولا يعزر إذا حلف ، لكن يعزل ، لأن حاله يشعر بعجزه وخرقه .

                                                                                                                                                                        وحكي قول ، أو وجه : أنه يعذر بالخطأ ولا يعزل ، قال الإمام : وهذا الوجه ينبغي أن يكون مخصوصا بما إذا لم يتكرر الخطأ منه ، ولم يظهر خرقه .

                                                                                                                                                                        فإن ظهر فليمنع بلا خلاف ، قال : وعزله على الصحيح ينبغي أن يكون مخصوصا بمن لم تعرف مهارته في ضرب الرقاب ، فأما الماهر فينبغي أن لا يعزل بخطأ اتفق له بلا خلاف .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية