الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  406 78 - حدثنا إسحاق بن نصر قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، سمع أبا هريرة ، [ ص: 155 ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه ، فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه ، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا ، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " فيدفنها " .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم خمسة ؛ الأول : إسحاق بن نصر ، هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر ، وقد تقدم . الثاني : عبد الرزاق صاحب المصنف . الثالث : معمر بن راشد . الرابع : همام - على وزن فعال بالتشديد - ابن منبه . الخامس : أبو هريرة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد والإخبار كذلك ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه التصريح بسماع همام عن أبي هريرة ، وفيه عنعنة أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه أن رواته ما بين بخاري - بالباء الموحدة والخاء المعجمة - وصنعاني وبصري .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله ( فلا يبصق ) نهى الغائب .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فإنما يناجي الله ) ، وفي رواية الكشميهني : فإنه يناجي .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ما دام في مصلاه ) ؛ أي : مدة دوامه في مصلاه . ( فإن قلت ) : هذا تخصيص المنع بما إذا كان في الصلاة ، ورواية " أذى المسلم " تقتضي المنع مطلقا ولو لم يكن في الصلاة - قلت : هذه مراتب ، فكونه في الصلاة أشد إثما مطلقا ، وكونه في جدار القبلة أشد إثما من كونه في غيرها من جدر المسجد .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فيدفنها ) بنصب النون ؛ لأنه جواب الأمر ، ويجوز رفعها على أن تكون خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : فهو يدفنها ، ويجوز الجزم عطفا على الأمر ، وتأنيث الضمير في " فيدفنها " على تأويل البصقة التي يدل عليها قوله " وليبصق " . وقيل : إنما لم يقل يغطيها لأن التغطية يستمر الضرر بها ، إذ لا يؤمن أن يجلس غيره عليها فتؤذيه بخلاف الدفن فإنه يفهم منه التعميق في باطن الأرض . قلت : يؤيد هذا ما رواه الطبراني " فليحفره وليدفنه " ، وعند ابن أبي شيبة مرفوعا : إذا بزق في المسجد فليحفر وليمعن ، وفي صحيح ابن خزيمة " فليبعد " ، لا يقال إن الباب معقود على دفن النخامة ، والحديث يدل على دفن البزاق ؛ لأنا نقول : قد قلنا فيما مضى أنه لا تفاوت بينهما في الحكم . ( فإن قلت ) : قوله : " فإن عن يمينه ملكا " يقتضي اختصاص منع البزق عن يمينه لأجل الملك ، وفي يساره أيضا ملك ! قلت : أجيب بأنا لو سلمنا ذلك فلليمين شرف ، وفيه نظر لا يخفى ، وقيل : بأن الصلاة أم الحسنات البدنية فلا دخل لكاتب السيئات فيها ، وفيه نظر أيضا لأنه ولو لم يكتب لا يغيب عنه ، فأحسن ما يجاب به أن يقال : إن لكل واحد قرينا وموقفه يساره كما ورد في حديث أبي أمامة رواه الطبراني " فإنه يقوم بين يدي الله وملكه عن يمينه وقرينه عن يساره " ، فلعل المصلي إذا تفل عن يساره يقع على قرينه وهو الشيطان ولا يصيب الملك منه شيء . .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية