الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل

                                                                                                          ثم يحرم عقيب مكتوبة أو نفل ، نص عليه ( و هـ ) قال ابن بطال : هو قول جمهور العلماء .

                                                                                                          وقال البغوي : عليه العمل عند أكثر العلماء ، وعنه : عقيبها ، وإذا ركب وإذا سار سواء ، واختار شيخنا عقب فرض إن كان وقته ، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه ، وعند مالك : إذا ركب ; لأنه أصح من غيره ; لأنه في الصحيحين من حديث ابن عمر . وللبخاري من حديث جابر وقال : رواه أنس وابن عباس . وفي الموطإ عن عروة مرسلا : { كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين ، فإذا استوت به راحلته أهل } ، . [ ص: 294 ] وذكره في شرح مسلم في الصحيح أظنه من حديث ابن عمر .

                                                                                                          وإن استحباب الركعتين قول عامة العلماء ، ولا يركعهما وقت نهي . ويتوجه فيه خلاف صلاة الاستسقاء ولا من عدم الماء والتراب ، وأحد قولي الشافعي كقولنا ، وأظهرهما إذا سار ، روى أحمد وأبو داود والنسائي عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر ثم ركب راحلته فلما علا على جبل البيداء أهل } . وجه الأول عن ابن إسحاق : حدثني خصيف الجزري { عن سعيد بن جبير قلت لابن عباس : عجبا لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 295 ] في إهلاله ، فقال : إني لأعلم الناس بذلك ، خرج حاجا ، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أهل بالحج حين فرغ منهما ، فسمع ذلك منه أقوام فحفظوا عنه ، فلما استقلت به ناقته أهل ، فأدرك ذلك منه أقوام فحفظوا عنه ، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالا ، فقالوا إنما أهل حين استقلت به ناقته ، فلما علا على شرف البيداء أهل ، فأدرك ذلك منه أقوام فقالوا إنما أهل حين علا على شرف البيداء } . رواه أحمد وأبو داود . وفي لفظ : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل في دبر الصلاة } . رواه جماعة منهم النسائي والترمذي من رواية خصيف من غير رواية ابن إسحاق وقال : هو الذي يستحبه أهل العلم أن يحرم دبر الصلاة ، وأكثرهم يوثق ابن إسحاق ويخشى منه التدليس . وقد زال . وخصيف وثقه ابن معين وأبو زرعة وابن سعد .

                                                                                                          وقال النسائي : صالح . وقال ابن عدي : إذا حدث عنه ثقة فلا بأس به .

                                                                                                          وقال يحيى القطان : كنا نجتنبه . وضعفه أحمد ، وفيه زيادة وجمع بين الأخبار وأحوط وأسرع إلى العبادة فهو أولى ، ويتوجه احتمال إن كان للميقات مسجد استحب صلاة .

                                                                                                          [ ص: 296 ] الركعتين فيه ، وقاله الشافعية وأنه يستحب أن يستقبل القبلة عند إحرامه ، صح عن ابن عمر .

                                                                                                          وقاله الحنفية والشافعية أيضا : ويستحب تعيين النسك لفعله عليه السلام وفعل من معه في حجة الوداع ، وللشافعي قول : إطلاق الإحرام أفضل . ويستحب ( و هـ ش ) قوله : اللهم إني أريد نسك كذا فيسره لي وتقبله [ مني ] . ولم يذكروا هذا في الصلاة لقصر مدتها وتيسرها عادة وذكره بعض الحنفية فيها ، وكلامه في الرعاية هنا فيه نظر . ويستحب أن يشترط : ومحلي حيث حبستني أو معناه ، نحو أريد كذا إن تيسر وإلا فلا حرج علي ، أو قول عائشة لعروة : قل : اللهم إني أريد الحج فإن تيسر وإلا فعمرة ( و ش ) { لقول ضباعة : يا رسول الله ، إني أريد الحج وأجدني وجعة ، فقال : حجي واشترطي ، وقولي : اللهم محلي حيث حبستني } متفق عليه ، زاد النسائي في رواية إسنادها جيد { فإن لك على ربك ما استثنيت } ، ولأحمد بإسناد جيد { فإن حبست أو مرضت فقد حللت من ذلك بشرطك على ربك } ، فمتى حبس بمرض وخطإ طريق وغيره حل ولا شيء عليه ، نص عليه ، قال في المستوعب وغيره : إلا أن يكون معه هدي فيلزمه نحره ، ولو قال : فلي أن أحل خير ، ولو شرط أن يحل متى شاء أو إن أفسده لم يقضه لم يصح ، ذكره القاضي وغيره ; لأنه لا عذر له في ذلك . وقيل : يصح اشتراطه بقلبه ، [ ص: 297 ] لأنه تابع للإحرام ، وينعقد بالنية ، فكذا هو ، واستحب شيخنا الاشتراط للخائف خاصة ، جمعا بين الأدلة . ونقل أبو داود : إن اشترط فلا بأس ، وعند أبي حنيفة ومالك : لا فائدة في الاشتراط ، { لأن ابن عمر كان ينكر الاشتراط في الحج ويقول : أليس حسبكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه لم يشترط } ؟ رواه النسائي ، وصححه الترمذي .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية