الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الفوات والإحصار

قوله ( ومن طلع عليه الفجر يوم النحر ، ولم يقف بعرفة : فقد فاته الحج ) بلا نزاع وسواء فاته الوقوف لعذر حصر أو غيره أو لغير عذر قوله ( ويتحلل بطواف وسعي ) يحتمل أن يكون مراده : أنه يتحلل بطواف وسعي فقط ولو لم يكن عمرة وهو الظاهر وهو قول ابن حامد ذكره عنه جماعة ويحتمل أن يكون مراده : تحلل بعمرة من طواف وسعي وغيره ولا ينقلب [ ص: 63 ] إحرامه واختاره ابن حامد أيضا ذكره عنه القاضي وهو رواية عن أحمد واختاره في الفائق وعنه أنه ينقلب إحرامه بعمرة وهذه الرواية هي المذهب نص عليه قال في التلخيص : هذا الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع ، والمستوعب ، وقالا : اختاره الأكثر قارنا وغيره منهم أبو بكر وهو ظاهر كلام الخرقي وهو من المفردات قال الزركشي : فالمذهب المنصوص : أنه تحلل بعمرة اختاره الخرقي ، وأبو بكر ، والقاضي ، وأصحابه ، والشيخان قال : فعلى هذا صرح أبو الخطاب ، وصاحب التلخيص ، وغيرهما : أن إحرامه ينقلب بمجرد الفوات إلى عمرة قال الشارح : ويحتمل أن من قال " ويجعل إحرامه عمرة " أراد : أنه يفعل فعل المعتمر ، من الطواف والسعي فلا يكون بين القولين خلاف انتهى .

ونقل ابن أبي موسى أنه يمضي في حج فاسد ويلزمه توابع الوقوف : من مبيت ، ورمي وغيرهما ويقضيه انتهى .

فعلى المذهب : دخل إحرام الحج فقط وقال أبو الخطاب : فائدة الخلاف ، أنه إذا صارت عمرة : جاز إدخال الحج عليها فيصير قارنا وإذا لم تصر عمرة : لم يجز له ذلك واحتج القاضي بعدم الصحة : على أنه لم يبق إحرام الحج ، وإلا لم يصح وصار قارنا ، واحتج ابن عقيل : بأنه لو جاز بقاؤه : لجاز أداء أفعال الحج به في السنة المقبلة وبأن الإحرام : إما أن يؤدي به حجة أو عمرة فأما عمل عمرة فلا فائدة :

هذه العمرة التي انقلبت لا تجزئ عن عمرة الإسلام على الصحيح من المذهب نص عليه لوجوبها كمنذورة وقيل : تجزئ قال في الشرح : ويحتمل أن يصير إحرام الحج إحراما بعمرة ، بحيث يجزيه [ ص: 64 ] عن عمرة الإسلام ولو أدخل الحج عليها : لصار قارنا إلا أنه لا يمكنه الحج بذلك الإحرام ، إلا أن يصير محرما به في غير أشهره فيكون كمن قلب الحج في غير أشهره ولأن قلب الحج إلى العمرة يجوز من غير سبب فمع الحاجة أولى قوله ( ولا قضاء عليه ، إلا أن يكون فرضا ) إن كان فرضا : وجب عليه القضاء بلا نزاع وإن كان نفلا ، فقدم المصنف : أنه لا قضاء عليه وهو إحدى الروايتين وقدمه في المستوعب ، والترغيب ، والتلخيص وصححه في البلغة ، والشرح ، وتصحيح المحرر ، والنظم ، وصححه ابن رزين في شرحه ، فيما إذا أحصر بعدو وهو من المفردات وعنه عليه القضاء كالفرض وهو المذهب قال في الفروع : والمذهب لزوم قضاء النفل وجزم به الخرقي ، وصاحب الوجيز وقال الزركشي : هذه الرواية أصحهما عند الأصحاب وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم وقدمه ابن رزين فيمن فاته الوقوف بعرفة وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والخلاصة ، والشرح ، والفائق قوله ( وهل يلزمه هدي ؟ على روايتين ) وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والخلاصة ، والفائق إحداهما :

يلزمه هدي وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وصححه في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، والحاويين وشرح ابن رزين ، والتصحيح ، وغيرهم وقدمه له في المستوعب ، والحاويين قال الزركشي : هي أصحهما عند الأصحاب

والرواية الثانية : لا هدي عليه فعلى المذهب : لا فرق بين أن يكون ساق هديا أم لا نص عليه ويذبح الهدي في حجة القضاء ، إن قلنا عليه قضاء وإلا ذبحه في عامه [ ص: 65 ] قال في المستوعب : إن كان قد ساق هديا نحره ، ولم يجزه عن دم الفوات وقاله ابن أبي موسى ، وصاحب التلخيص ، وغيرهما وقال المصنف : لا يجزيه إن قلنا بوجوب القضاء انتهى .

فعلى الأول : متى يكون قد وجب عليه ؟ فيه وجهان

أحدهما : وجب في سنته ولكن يؤخر إخراجه إلى قابل

والثاني : لم يجب إلا في سنة القضاء انتهى .

قال في الفروع : ويلزمه هدي على الأصح قيل : مع القضاء وقيل : يلزمه في عامه دم ولا يلزمه ذبح إلا مع القضاء ، إن وجب قيل تحلله منه ، كدم التمتع ، وإلا في عامه انتهى .

وقال في الرعاية : يخرجه في سنة الفوات فقط إن سقط القضاء وإن وجب فمعه لا قبله سواء وجب سنة الفوات في وجه ، أو سنة القضاء انتهى .

قلت : الصواب وجوبه مع القضاء وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى ، والحاويين فائدة

" الهدي " هنا : دم وأقله شاة هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب قطعوا به وقال في الموجز : يلزمه بدنة فعلى المذهب : لو عدم الهدي زمن الوجوب : صام عشرة أيام ، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو من مفردات المذهب وقال الخرقي : يصوم عن كل مد من قيمته يوما وتقدم التنبيه على ذلك في الفدية في الضرب الثالث .

تنبيه :

محل الخلاف في وجوب الهدي : إذا لم يشترط أن محلي حيث حبستني على ما يأتي في آخر الباب

التالي السابق


الخدمات العلمية