الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( أو يشترط المشتري نفع البائع في المبيع ، كحمل الحطب وتكسيره ، وخياطة الثوب وتفصيله ) . الواو هنا بمعنى " أو " تقديره : كحمل الحطب أو تكسيره ، وخياطة الثوب أو تفصيله . بدليل قوله ( وإن جمع بين شرطين : لم يصح ) . فلو جعلنا الواو على بابها كان جمعا بين شرطين ، ولا يصح ذلك . [ ص: 346 ] واعلم أن الصحيح من المذهب : صحة اشتراط المشتري نفع البائع في المبيع . وعليه أكثر الأصحاب . ونص عليه . قال أبو بكر ، وابن حامد : المذهب جوازه . وسواء كان حصادا ، أو جز رطبة أو غيرهما . قال الزركشي : هو المختار للأكثرين . قال في الهداية ، والمستوعب ، والفائق : هذا ظاهر المذهب . نص عليه . وكذا قال في القواعد الفقهية ، والحاوي الكبير ، في غير شرط الحصاد . قال القاضي : لم أجد بما قال الخرقي رواية في المذهب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الشرح وغيره . وصححه في الفروع وغيره . وهو من مفردات المذهب . وعنه : لا يصح . صححه في الرعاية الكبرى . وأطلقهما في التلخيص ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير .

فائدة :

حكى كثير من الأصحاب فيما إذا اشترط المشتري نفع البائع في المبيع الروايتين . وقطعوا بصحة شرط البائع نفعا معلوما في المبيع . وفرقوا بينهما بأن في اشتراط نفع البائع جمعا بين بيع وإجارة . فقد جمع بين بيعتين في بيعة . وهو منهي عنه . وأما اشتراط منفعة المبيع : فهو استثناء بعض أعيان المبيع . وكما لو باع أمة مزوجة أو مؤجرة ، أو شجرة عليها ثمرة قد بدا صلاحها .

تنبيه :

فعلى الصحة : لا بد من معرفة النفع . لأنه بمنزلة الإجارة . فلو شرط الحمل إلى منزله ، وهو لا يعرفه : لم يصح . ذكره المصنف وغيره . قوله ( وذكر الخرقي في جز الرطبة : إن شرطه على البائع ، لم يصح ) وجعله ابن أبي موسى المذهب ، وقدمه في في القواعد الفقهية . قال المصنف : فيخرج هاهنا مثله . وخرجه قبله أبو الخطاب ، وابن الجوزي وجماعة . [ ص: 347 ] واعلم أنه اختلف في كلام الخرقي ، فقيل : يقاس عليه ما أشبهه من اشتراط منفعة البائع . وهو الذي ذكره المصنف ، وهؤلاء الجماعة . وهو الصواب . فإنه نقل عن الإمام أحمد رحمه الله رواية توافق من خرج . ذكرها صاحب التلخيص ، والمجد ، صاحب الفروع وغيرهم . واختارها في الرعاية الكبرى كما تقدم . وإليه ميل الزركشي وغيره . وقيل : تختص مسألة الخرقي بما يفضي الشرط فيه إلى التنازع لا غير . قال المصنف ، والشارح : وهو أولى الوجهين .

أحدهما : أنه قال في موضع آخر : ولا يبطل البيع بشرط واحد .

الثاني : أن المذهب صحة اشتراط منفعة البائع في المبيع . وأطلق هذين القولين عن كلام الخرقي في الكافي . قال في نهاية ابن رزين : وقيل : لا يصح شرط جز الرطبة عليه . فخرج هنا مثله . وليس بشيء . وتبعه في تجريد العناية ، وناظم النهاية . قال ابن رزين في شرحه : هذا التخريج ضعيف بعيد . يخالف القواعد والأصول . وخرج ابن رجب في قواعده : صحة الشرط في النكاح . قال : وهو ظاهر كلام أكثر المتأخرين . ولذلك استشكلوا مسألة الخرقي في حصاد الزرع . انتهى . فعلى المذهب ، في أصل المسألة : يلزم البائع فعل ما وقع عليه الشرط . وله أن يقيم غيره بعمله . فهو كالأجير . فإن مات أو تلف ، أو استحق : فللمشتري عوض ذلك . نص عليه . ولو أراد البائع بذل العوض عنه : لم يلزم المشتري قبوله . وإن أراد المشتري أخذ العوض عنه : لم يلزم البائع بذله . فلو رضيا بعوض النفع ، ففي جوازه وجهان . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والفروع . [ ص: 348 ]

أحدهما : يجوز . جزم به في الرعاية ، وقدمه ابن رزين في شرحه . قلت : وهو الصواب .

والثاني : يجوز .

التالي السابق


الخدمات العلمية