( 3909 ) فصل : في
nindex.php?page=treesubj&link=15650الألفاظ التي يثبت بها الإقرار ، إذا قال : له على ألف . أو قال له : لي عليك ألف ؟ فقال : نعم ، أو أجل ، أو صدقت ، أو لعمري ، أو أنا مقر به ، أو بما ادعيت ، أو بدعواك . كان مقرا في جميع ذلك ; لأن هذه الألفاظ وضعت للتصديق ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم } .
وإن قال : أليس لي عندك ألف ؟ قال : بلى . كان إقرارا صحيحا ; لأن بلى جواب للسؤال بحرف النفي ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم قالوا بلى } . وإن قال : لك علي ألف في علمي ، أو فيما أعلم . كان مقرا به ، لأن ما في علمه لا يحتمل إلا الوجوب .
وإن قال : اقضني الألف الذي لي عليك . قال : نعم . كان مقرا به ; لأنه تصديق لما ادعاه . وإن قال : اشتر عبدي هذا . أو أعطني عبدي هذا . فقال : نعم . كان إقرارا ; لما ذكرنا . وإن قال : لك علي ألف إن شاء الله تعالى . كان مقرا به .
نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وقال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليس بإقرار ; لأنه علق إقراره على شرط ، فلم يصح ، كما لو علقه على مشيئة
زيد ، ولأن ما علق على مشيئة الله تعالى لا سبيل إلى معرفته . ولنا ، أنه وصل إقراره بما يرفعه كله ، ولا يصرفه إلى غير الإقرار ، فلزمه ما أقر به ، وبطل ما وصله به ، كما لو قال : له علي ألف إلا ألفا . ولأنه عقب الإقرار بما لا يفيد حكما آخر ، ولا يقتضي رفع الحكم ، أشبه ما لو قال : له علي ألف في مشيئة الله تعالى .
وإن قال : له علي ألف إلا أن يشاء الله . صح الإقرار ; لأنه أقر ، ثم علق رفع الإقرار على أمر لا يعلم ، فلم يرتفع . وإن قال : لك علي ألف ، إن شئت ، أو إن شاء
زيد . لم يصح الإقرار . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : يصح ; لأنه عقبه بما يرفعه ، فصح الإقرار دون ما يرفعه ، كاستثناء الكل ، وكما لو قال : إن شاء الله . ولنا ، أنه علقه على شرط يمكن علمه . فلم يصح ، كما لو قال : له علي ألف ، إن شهد بها فلان .
وذلك لأن الإقرار إخبار بحق سابق ، فلا يتعلق على شرط مستقبل . ويفارق التعليق على مشيئة الله تعالى ، فإن مشيئة الله تعالى تذكر في الكلام تبركا وصلة وتفويضا إلى الله تعالى ، لا للاشتراط ، كقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم } .
وقد علم الله أنهم سيدخلون بغير شك . ويقول الناس : صلينا إن
[ ص: 127 ] شاء الله تعالى . مع تيقنهم صلاتهم ، بخلاف مشيئة الآدمي . الثاني ، أن مشيئة الله تعالى لا تعلم إلا بوقوع الأمر ، فلا يمكن وقف الأمر على وجودها ، ومشيئة الآدمي يمكن العلم بها ، فيمكن جعلها شرطا . يتوقف الأمر على وجودها ، والماضي لا يمكن وقفه ، فيتعين حمل الأمر هاهنا على المستقبل ، فيكون وعدا لا إقرارا .
وإن قال : بعتك إن شاء الله تعالى ، أو زوجتك إن شاء الله تعالى . فقال
أبو إسحاق بن شاقلا لا أعلم خلافا عنه في أنه إذا قيل له : قبلت هذا النكاح ؟ فقال : نعم إن شاء الله تعالى . أن النكاح وقع به .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ولو قال : بعتك بألف إن شئت . فقال : قد شئت وقبلت . صح ; لأن هذا الشرط من موجب العقد ومقتضاه ، فإن الإيجاب إذا وجد من البائع كان القبول إلى مشيئة المشتري واختياره .
وإن قال : له علي ألفان إن قدم فلان . لم يلزمه ; لأنه لم يقر بها في الحال ، وما لا يلزمه في الحال ، لا يصير واجبا عند وجود الشرط . وإن قال : إن شهد فلان علي لك بألف صدقته . لم يكن إقرارا ; لأنه يجوز أن يصدق الكاذب . وإن قال : إن شهد بها فلان فهو صادق . احتمل أن لا يكون إقرارا ; لأنه علقه على شرط ، فأشبهت التي قبلها .
واحتمل أن يكون إقرارا في الحال ; لأنه لا يتصور صدقه إذا شهد بها ، إلا أن تكون ثابتة في الحال ، وقد أقر بصدقه . وإن قال : له علي ألف إن شهد بها فلان . لم يكن إقرارا ; لأنه معلق على شرط .
( 3910 ) فصل : وإن قال : لي عليك ألف . فقال : أنا أقر . لم يكن إقرارا ; لأنه وعد بالإقرار في المستقبل . وإن قال : لا أنكر . لم يكن إقرارا ; لأنه لا يلزم من عدم الإنكار الإقرار ، فإن بينهما قسما آخر ، وهو السكوت عنهما . وإن قال : لا أنكر أن تكون محقا . لم يكن إقرارا ; لذلك . وإن قال : أنا مقر . ولم يزد ، احتمل أن يكون مقرا ; لأن ذلك عقيب الدعوى ، فينصرف إليها .
وكذلك إن قال : أقررت . قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا } ولم يقولوا أقررنا بذلك ولا زادوا عليه فكان منهم إقرارا . واحتمل أن لا يكون مقرا لأنه يحتمل أن يريد غير ذلك مثل أن يريد : أنا مقر بالشهادة أو ببطلان دعواك وإن قال لعل أو عسى لم يكن مقرا لأنهما للترجي ، وإن قال : أظن أو أحسب أو أقدر لم يكن إقرارا لأن هذه الألفاظ تستعمل للشك ، وإن قال : خذ ، أو اتزن لم يكن إقرارا لأنه يحتمل : خذ الجواب ، أو اتزن شيئا آخر ، وإن قال : خذها ، أو اتزنها ، أو هي صحاح .
ففيه وجهان ; أحدهما ليس بإقرار ; لأن الصفة ترجع إلى المدعي ، ولم يقر بوجوبه ، ولأنه يجوز أن يعطيه ما يدعيه من غير أن يكون واجبا عليه ، فأمره بأخذها أولى أن لا يلزم منه الوجوب . والثاني ، يكون إقرارا ; لأن الضمير يعود إلى ما تقدم . وإن قال : له علي ألف إذا جاء رأس الشهر . أو إذا جاء رأس الشهر فله علي ألف . فقال أصحابنا : الأول إقرار ، والثاني ليس بإقرار .
وهذا منصوص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لأنه في الأول بدأ بالإقرار ، ثم عقبه بما لا يقتضي رفعه ، لأن قوله : إذا جاء رأس الشهر . يحتمل أنه أراد المحل ، فلا يبطل الإقرار بأمر محتمل ، وفي الثاني بدأ بالشرط فعلق عليه لفظا يصلح للإقرار ويصلح للوعد ، فلا يكون إقرارا مع الاحتمال . ويحتمل أنه لا فرق بينهما ; لأن تقديم الشرط وتأخيره سواء ، فيكون فيهما جميعا وجهان . .
( 3909 ) فَصْلٌ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=15650الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْإِقْرَارُ ، إذَا قَالَ : لَهُ عَلَى أَلْفٌ . أَوْ قَالَ لَهُ : لِي عَلَيْك أَلْفٌ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، أَوْ أَجَلْ ، أَوْ صَدَقْت ، أَوْ لَعَمْرِي ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ ، أَوْ بِمَا ادَّعَيْت ، أَوْ بِدَعْوَاك . كَانَ مُقِرًّا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وُضِعَتْ لِلتَّصْدِيقِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ } .
وَإِنْ قَالَ : أَلَيْسَ لِي عِنْدَك أَلْفٌ ؟ قَالَ : بَلَى . كَانَ إقْرَارًا صَحِيحًا ; لِأَنَّ بَلَى جَوَابٌ لِلسُّؤَالِ بِحَرْفِ النَّفْيِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } . وَإِنْ قَالَ : لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فِي عِلْمِي ، أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ . كَانَ مُقِرًّا بِهِ ، لِأَنَّ مَا فِي عِلْمِهِ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا الْوُجُوبَ .
وَإِنْ قَالَ : اقْضِنِي الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك . قَالَ : نَعَمْ . كَانَ مُقِرًّا بِهِ ; لِأَنَّهُ تَصْدِيقٌ لِمَا ادَّعَاهُ . وَإِنْ قَالَ : اشْتَرِ عَبْدِي هَذَا . أَوْ أَعْطِنِي عَبْدِي هَذَا . فَقَالَ : نَعَمْ . كَانَ إقْرَارًا ; لِمَا ذَكَرْنَا . وَإِنْ قَالَ : لَك عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . كَانَ مُقِرًّا بِهِ .
نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ وَقَالَ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : لَيْسَ بِإِقْرَارٍ ; لِأَنَّهُ عَلَّقَ إقْرَارَهُ عَلَى شَرْطٍ ، فَلَمْ يَصِحَّ ، كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ
زَيْدٍ ، وَلِأَنَّ مَا عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ . وَلَنَا ، أَنَّهُ وَصَلَ إقْرَارَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ كُلَّهُ ، وَلَا يَصْرِفُهُ إلَى غَيْرِ الْإِقْرَارِ ، فَلَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ ، وَبَطَلَ مَا وَصَلَهُ بِهِ ، كَمَا لَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَلْفًا . وَلِأَنَّهُ عَقَّبَ الْإِقْرَارَ بِمَا لَا يُفِيدُ حُكْمًا آخَرَ ، وَلَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْحُكْمِ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ . صَحَّ الْإِقْرَارُ ; لِأَنَّهُ أَقَرَّ ، ثُمَّ عَلَّقَ رَفْعَ الْإِقْرَارِ عَلَى أَمْرٍ لَا يُعْلَمُ ، فَلَمْ يَرْتَفِعْ . وَإِنْ قَالَ : لَك عَلَيَّ أَلْفٌ ، إنْ شِئْت ، أَوْ إنْ شَاءَ
زَيْدٌ . لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ عَقَّبَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ ، فَصَحَّ الْإِقْرَارُ دُونَ مَا يَرْفَعُهُ ، كَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ ، وَكَمَا لَوْ قَالَ : إنْ شَاءَ اللَّهُ . وَلَنَا ، أَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ يُمْكِنُ عِلْمُهُ . فَلَمْ يَصِحَّ ، كَمَا لَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ، إنْ شَهِدَ بِهَا فُلَانٌ .
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ ، فَلَا يَتَعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ . وَيُفَارِقُ التَّعْلِيقَ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى تُذْكَرُ فِي الْكَلَامِ تَبَرُّكًا وَصِلَةً وَتَفْوِيضًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى ، لَا لِلِاشْتِرَاطِ ، كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ } .
وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ سَيَدْخُلُونَ بِغَيْرِ شَكٍّ . وَيَقُولُ النَّاسُ : صَلَّيْنَا إنْ
[ ص: 127 ] شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . مَعَ تَيَقُّنِهِمْ صَلَاتَهُمْ ، بِخِلَافِ مَشِيئَةِ الْآدَمِيِّ . الثَّانِي ، أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُعْلَمُ إلَّا بِوُقُوعِ الْأَمْرِ ، فَلَا يُمْكِنُ وَقْفُ الْأَمْرِ عَلَى وُجُودِهَا ، وَمَشِيئَةُ الْآدَمِيِّ يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِهَا ، فَيُمْكِنُ جَعْلُهَا شَرْطًا . يَتَوَقَّفُ الْأَمْرُ عَلَى وُجُودِهَا ، وَالْمَاضِي لَا يُمْكِنُ وَقْفُهُ ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْأَمْرِ هَاهُنَا عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ ، فَيَكُونُ وَعْدًا لَا إقْرَارًا .
وَإِنْ قَالَ : بِعْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، أَوْ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَقَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا لَا أَعْلَمُ خِلَافًا عَنْهُ فِي أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ : قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . أَنَّ النِّكَاحَ وَقَعَ بِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ وَلَوْ قَالَ : بِعْتُك بِأَلْفٍ إنْ شِئْت . فَقَالَ : قَدْ شِئْت وَقَبِلْت . صَحَّ ; لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مِنْ مُوجِبِ الْعَقْدِ وَمُقْتَضَاهُ ، فَإِنَّ الْإِيجَابَ إذَا وُجِدَ مِنْ الْبَائِعِ كَانَ الْقَبُولُ إلَى مَشِيئَةِ الْمُشْتَرِي وَاخْتِيَارِهِ .
وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ . لَمْ يَلْزَمْهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِهَا فِي الْحَالِ ، وَمَا لَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ ، لَا يَصِيرُ وَاجِبًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ . وَإِنْ قَالَ : إنْ شَهِدَ فُلَانٌ عَلَيَّ لَك بِأَلْفٍ صَدَّقْته . لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَدِّقَ الْكَاذِبَ . وَإِنْ قَالَ : إنْ شَهِدَ بِهَا فُلَانٌ فَهُوَ صَادِقٌ . احْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ إقْرَارًا ; لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ ، فَأَشْبَهَتْ الَّتِي قَبْلَهَا .
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا فِي الْحَالِ ; لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ صِدْقُهُ إذَا شَهِدَ بِهَا ، إلَّا أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً فِي الْحَالِ ، وَقَدْ أَقَرَّ بِصِدْقِهِ . وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَهِدَ بِهَا فُلَانٌ . لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا ; لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ .
( 3910 ) فَصْلٌ : وَإِنْ قَالَ : لِي عَلَيْك أَلْفٌ . فَقَالَ : أَنَا أُقِرُّ . لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا ; لِأَنَّهُ وَعَدَ بِالْإِقْرَارِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أُنْكِرُ . لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِنْكَارِ الْإِقْرَارُ ، فَإِنَّ بَيْنَهُمَا قِسْمًا آخَرَ ، وَهُوَ السُّكُوتُ عَنْهُمَا . وَإِنْ قَالَ : لَا أُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ مُحِقًّا . لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا ; لِذَلِكَ . وَإِنْ قَالَ : أَنَا مُقِرٌّ . وَلَمْ يَزِدْ ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا ; لِأَنَّ ذَلِكَ عَقِيبَ الدَّعْوَى ، فَيَنْصَرِفُ إلَيْهَا .
وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ : أَقْرَرْت . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا } وَلَمْ يَقُولُوا أَقْرَرْنَا بِذَلِكَ وَلَا زَادُوا عَلَيْهِ فَكَانَ مِنْهُمْ إقْرَارًا . وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ مُقِرًّا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُرِيدَ : أَنَا مُقِرٌّ بِالشَّهَادَةِ أَوْ بِبُطْلَانِ دَعْوَاك وَإِنْ قَالَ لَعَلَّ أَوْ عَسَى لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لِأَنَّهُمَا لِلتَّرَجِّي ، وَإِنْ قَالَ : أَظُنُّ أَوْ أَحْسَبُ أَوْ أُقَدِّرُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُسْتَعْمَلُ لِلشَّكِّ ، وَإِنْ قَالَ : خُذْ ، أَوْ اتَّزِنْ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ : خُذْ الْجَوَابَ ، أَوْ اتَّزِنْ شَيْئًا آخَرَ ، وَإِنْ قَالَ : خُذْهَا ، أَوْ اتَّزِنْهَا ، أَوْ هِيَ صِحَاحٌ .
فَفِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا لَيْسَ بِإِقْرَارِ ; لِأَنَّ الصِّفَةَ تَرْجِعُ إلَى الْمُدَّعِي ، وَلَمْ يُقِرَّ بِوُجُوبِهِ ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَدَّعِيه مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَيْهِ ، فَأَمْرُهُ بِأَخْذِهَا أَوْلَى أَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْهُ الْوُجُوبُ . وَالثَّانِي ، يَكُونُ إقْرَارًا ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إلَى مَا تَقَدَّمَ . وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ . أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ . فَقَالَ أَصْحَابُنَا : الْأَوَّلُ إقْرَارٌ ، وَالثَّانِي لَيْسَ بِإِقْرَارٍ .
وَهَذَا مَنْصُوصُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ ، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِمَا لَا يَقْتَضِي رَفْعَهُ ، لِأَنَّ قَوْلَهُ : إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ . يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَحَلَّ ، فَلَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ ، وَفِي الثَّانِي بَدَأَ بِالشَّرْطِ فَعَلَّقَ عَلَيْهِ لَفْظًا يَصْلُحُ لِلْإِقْرَارِ وَيَصْلُحُ لِلْوَعْدِ ، فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا مَعَ الِاحْتِمَالِ . وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ تَقْدِيمَ الشَّرْطِ وَتَأْخِيرَهُ سَوَاءٌ ، فَيَكُونُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَجْهَانِ . .