الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 657 ] تصح مطلقة ومقيدة من مكلف ، قال في الكافي : لم يعاين الموت ( و ش ) قال : لأنه لا قول له ، والوصية قول ، ولنا خلاف ، هل تقبل التوبة ما لم يعاين الملك أو ما دام مكلفا أو ما لم يغرغر ؟ فيه أقوال ( م 1 ) [ ص: 658 ] وفي مسلم وغيره : { يا رسول الله ؟ أي الصدقة أفضل ؟ قال : أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان } معنى بلغت الحلقوم بلغت الروح ، قال في شرح مسلم إما من عنده أو حكاية عن الخطابي : والمراد قاربت بلوغ الحلقوم ، إذ لو بلغته حقيقة لم تصح وصيته ولا صدقته ولا شيء من تصرفاته ، باتفاق الفقهاء .

                                                                                                          [ ص: 657 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 657 ] كتاب الوصايا ( مسألة 1 ) قوله : ولنا خلاف هل تقبل التوبة ما لم يعاين الملك أو ما دام مكلفا أو ما لم يغرغر ؟ فيه [ ثلاثة ] أقوال .

                                                                                                          ( أحدها ) تقبل ما لم يغرغر ، لما روى الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } قال ابن رجب في كتاب اللطائف : فمن تاب قبل أن يغرغر قبلت توبته ، وقدمه ، لأن الروح تفارق القلب عند الغرغرة فلا يبقى له نية ولا قصد .

                                                                                                          ( والقول الثاني ) تقبل ما لم يعاين الملك ، وهو قول الحسن ومجاهد وغيرهما . وقد خرج ابن ماجه عن أبي موسى قال : { سألت النبي صلى الله عليه وسلم : متى تنقطع معرفة العبد من الناس ؟ قال : إذا عاين } يعني الملك ، وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي قال : " لا يزال العبد في مهلة من التوبة ما لم يأته ملك الموت يقبض روحه ، فإذا نزل ملك الموت فلا توبة حينئذ " وبإسناده عن ابن عمر قال : " التوبة مبسوطة ما لم ينزل سلطان الموت " .

                                                                                                          وروى في كتاب الموت عن أبي موسى [ ص: 658 ] قال : " إذا عاين الميت الملك ذهبت المعرفة " . وعن مجاهد نحوه ، وقدمه ابن حمدان في آداب الرعايتين ، ونهاية المبتدين في أصول الدين ، والمصنف في الآداب الكبرى والوسطى ، والشيخ عبد الله كتيلة في كتاب العدة .

                                                                                                          ( والقول الثالث ) تقبل توبته ما دام مكلفا ، وهو قوي ، والصواب قبولها ما دام عقله ثابتا وإلا فلا . وقد ذكر المصنف في أول الباب الذي يلي هذا ما يتعلق بمن تحقق أنه يموت سريعا ، وتأتي هذه الأقوال استطرادا في كتاب الجنايات ، والأقوال الثلاثة قريب بعضها من بعض وقد ذكرها ابن حمدان وغيره .




                                                                                                          الخدمات العلمية