الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن جحده أو خلط بصرة موصى بقفيز منها بغيرها بخير وقيل : مطلقا ، أو عمل الثوب قميصا أو الخبز فتيتا أو نسجه أو ضرب النقرة أو ذبح الشاة أو بنى أو غرس فوجهان ( م 3 - 5 ) وذكرهما ابن رزين في وطئه .

                                                                                                          [ ص: 663 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 663 ] مسألة 3 - 5 ) قوله : وإن جحده أو خلط صبرة موص بقفيز منها بغيرها بخير ، وقيل : مطلقا ، أو عمل الثوب قميصا أو الخبز فتيتا أو نسجه أو ضرب النقرة أو ذبح الشاة أو بنى أو غرس فوجهان ، انتهى في هذه الجملة مسائل :

                                                                                                          ( المسألة الأولى 3 ) إذا جحد الوصية فهل يكون رجوعا أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في المغني والمقنع والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجى والحارثي وغيرهم .

                                                                                                          ( أحدهما ) ليس برجوع ، وهو الصحيح ، صححه في التصحيح وغيره ، وبه قطع في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم ، وقدمه في الكافي ، وهو الصواب .

                                                                                                          ( الوجه الثاني ) هو رجوع ، صححه الناظم ، وقيد الخلاف بما إذا علم ، والظاهر أنه مراد من أطلق .

                                                                                                          ( المسألة الثانية 4 ) إذا خلط الصبرة الموصى بقفيز منها بغيرها بخير منها فهل يكون ذلك رجوعا أم لا ؟ أطلق الخلاف .

                                                                                                          ( أحدهما ) لا يكون رجوعا . وهو الصحيح ، قال في الهداية : فإن أوصى بطعام فخلطه بغيره لم يكن رجوعا ، وبه قطع في المذهب والمستوعب والكافي والمقنع [ ص: 664 ] والمحرر وشرح ابن منجى وغيرهم ، وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين وشرح الحارثي ، وصححه في الخلاصة ، ولم يقيده أكثرهم بالخيرية ، بل أطلقوا ، فشمل الخيرية وغيرها ، وصرح به في المغني والشرح وشرح ابن رزين والحاوي فقالوا : سواء كان دونه أو مثله أو خيرا منه .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) يكون رجوعا ، اختاره صاحب البلغة والرعايتين والحاوي ، ويأتي كلامهما ، قال الحارثي : وهو مفهوم إيراد القاضي في المجرد ، انتهى . وصرحوا بالخيرية ، وصححه الناظم فيما إذا خلطه بمثله ، وأطلقهما في القاعدة الثانية والعشرين وقال : هما مبنيان على أن الخلط هل هو استهلاك أو اشتراك ، فإن قلنا هو اشتراك لم يكن رجوعا وإلا كان رجوعا ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : الصحيح من المذهب أن الخلط اشتراك ، فيكون موافقا لما قاله في المغني والكافي والمقنع والمحرر وغيرهم ، فلا يكون رجوعا .

                                                                                                          وقال في الرعايتين والحاوي الصغير : وإن وصى بقفيز منها ثم خلط بخير منها فقد رجع وإلا فلا ، وزاد في الكبرى : قلت : إن خلطها بأردأ منها صفة فقد رجع ، وإن خلطها بمثلها في الصفة فلا ، انتهى وقال في البلغة : ولو أوصى له بقفيز من صبرة ثم خلطها بغيرها لم يكن رجوعا إلا أن يخلطها بخير منها فيكون رجوعا ، انتهى .

                                                                                                          ( تنبيه )

                                                                                                          تلخص أن صاحب الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والمحرر والشرح وابن رزين وابن منجى والحارثي وغيرهم قالوا : لم يكن ذلك رجوعا ، ولم يقيده البعض بالخيرية ولا عدمها ، وقيده البعض كما تقدم ، والإطلاق موافق للقول الثاني الذي ذكره المصنف بالنسبة إلى التقييد وعدمه ، وقيده صاحب البلغة والرعايتين والحاوي وغيرهم بالخيرية ، وهو موافق لما قدمه المصنف في تقديم المصنف الخيرية على الإطلاق ، مع أن الذين أطلقوا أكثر الأصحاب والذين قيدوا أقل ، وهو صاحب البلغة وتبعه ابن حمدان وصاحب الحاوي والله أعلم . بل [ ص: 665 ] الأولى له أن يجعل محل الخلاف المطلق مع الإطلاق ويقدمه ، ويجعل التقيد بالخيرية طريقة يؤخره عكس ما عمل ، والظاهر أنه تابع صاحب التلخيص وترجح عنده فقدمه :

                                                                                                          ( المسألة الثالثة 5 ) إذا عمل الثوب قميصا والخبز فتيتا أو نسج الغزل أو ضرب النقرة أو ذبح الشاة أو بنى أو غرس فهل يكون ذلك رجوعا أم لا ؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعايتين والحاوي والفائق ، وأطلقه في الكافي والنظم في البناء والغراس .

                                                                                                          ( أحدهما ) يكون رجوعا ، وهو الصحيح ، واختاره الشيخ الموفق والشارح ، وصححه في التصحيح فيما إذا جعل الخبز فتيتا ونسج الغزل ونحوه مما ذكره المقنع ، وجزم به في الوجيز ، وصححه في النظم في غير البناء والغرس ، وقدمه في الكافي وغيرهما ، وصححه الحارثي فيهما ، وصحح في المحرر فيما إذا أزال اسمه فطحن الحب ونسج الغزل أنه رجوع .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) لا يكون رجوعا ، اختاره أبو الخطاب ، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم ، قال في الخلاصة : لا يكون رجوعا ، في الأصح .




                                                                                                          الخدمات العلمية