الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 110 ] ( والإشراك في بعضه ) أي المبيع ( كالتولية في كله ) في الأحكام المذكورة لأن الإشراك تولية في بعض المبيع ( إن بين البعض ) كمناصفة أو بالنصف وإلا فلا يصح جزما كأشركتك في بعضه أو شيء منه للجهل ، فإن قال في النصف فله الربع ما لم يقل بنصف الثمن فإنه يكون له النصف وإدخال أل على بعض صحيح وإن كان خلاف الأكثر ، وشمل كلامه ما لو باع غير الأب والجد مال الطفل ثم قال له المشتري أشركتك في هذا العقد فيكون جائزا ( فلو أطلق ) الإشراك كأشركتك فيه ( صح ) العقد ( وكان ) المبيع ( مناصفة ) بينهما كما لو أقر بشيء لزيد وعمرو لأن ذلك هو المتبادر من لفظ الإشراك .

                                                                                                                            نعم لو قال بربع الثمن مثلا كان شريكا بالربع فيما يظهر أخذا مما تقرر في أشركتك في نصفه بنصف الثمن بجامع أن ذكر الثمن في كل مبين للمراد من اللفظ قبله لاحتماله وإن نزل لو لم يذكر هذا المخصص على خلافه وتوهم فرق بينهما بعيد .

                                                                                                                            وقال الزركشي : لو تعدد الشركاء فهل يستحق الشريك نصف ما لهم أو مثل واحد منهم كما لو اشتريا شيئا ثم أشركا ثالثا فيه فهل له نصفه أو ثلثه ؟ لم يتعرضوا له ، [ ص: 111 ] والأشبه الثاني .

                                                                                                                            وقضية كلامه كغيره أنه لا يشترط ذكر العقد لكن قال الإمام وغيره : ولا بد في الإشراك من ذكر البيع أو العقد بأن يقول أشركتك في بيع هذا أو في هذا العقد ولا يكفي أن يقول أشركتك في هذا ونقله صاحب الأنوار وأقره وعليه أشركتك في هذا كناية ، ويمكن رد ما في التولية عن الجرجاني إليه ( وقيل لا ) يصح للجهل بقدر المبيع وثمنه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإلا فلا يصح ) ظاهره وإن قال بعده بنصف الثمن أو نحوه ، وينبغي أن محل البطلان ما لم يعين جزءا من الثمن ، فإن ذكره كأن قال أشركتك في شيء منه بنصف الثمن أو بربعه كان قرينة على إرادة ما يقابله من المبيع فيصح ويكون في الأولى شريكا بالنصف وفي الثانية بالربع ، قال في العباب : ولو قال أشركتك في نصفه بنصف الثمن كان مناصفة لمقابلة نصف الثمن ، أو قال في نصف الثمن ليكون بيننا لم يصح انتهى : ولعله للتنافي بين ما اقتضاه قوله في نصف الثمن من أنه جعل له ربع المبيع بربع الثمن وبين قوله بيننا المقتضي كونه المناصفة ، أو أن قوله أشركتك في نصف الثمن إنما يقتضي أن يكون الثمن الذي استحقه البائع مشتركا بين المشتري والشريك ليكون المبيع مشتركا بينهما والفساد على تقدير إرادة ذلك ظاهر ( قوله : فإنه يكون له للنصف ) ولعل وجهه أن عدوله عن بعتك ربعه بنصف الثمن إلى أشركتك قرينة على ذلك والمعنى حينئذ أشركتك فيه بجعل نصفه لك بنصف الثمن إلخ ومع ذلك فيه شيء .

                                                                                                                            وبقي ما لو اشتراه بمائة ثم قال لآخر أشركتك في نصفه بخمسين هل يكون له النصف أو الربع ؟ فيه نظر ، والأقرب أن له الربع لأن عدوله عن قوله بنصف الثمن إلى قوله بخمسين قرينة على أنه بيع مبتدأ ، وكأنه قال بعتك ربعه بخمسين ( قوله : غير الأب ) أنظر مفهوم قوله غير ، ولعله لمجرد التصوير لا للاحتراز لأن حكم الأب والجد يفهم بالأولى ، وإنما تعرض لغير الأب والجد لئلا يتوهم أنه متهم بمحاباة المشتري ليأخذ منه بأن يتواطأ معه على ذلك ، ولأنه لما كان للأب تولي الطرفين دون غيره ربما يتوهم امتناع أخذه من المشتري لأنه بذلك يصير كالمتولي لهما ( قوله : ثم قال له ) أي للولي ( قوله : نعم لو قال بربع الثمن ) بقي ما لو قال أشركتك بالنصف بربع الثمن هل يصح أم لا ؟ فيه نظر ، والذي يظهر الصحة ويكون شريكا بالربع ، والباء فيه بمعنى في ونقل عن بعض أهل العصر خلافه ( قوله : فرق بينهما ) أي بين ما لو قال بربع الثمن مثلا وبين قوله أشركتك في نصفه إلخ ( قوله : فهل يستحق الشريك ) أي من أشركوه معهم ( قوله : كما لو اشتريا ) مثال لتعدد الشركاء

                                                                                                                            [ ص: 111 ] قوله : والأشبه الثاني ) وينبغي أن مثل ذلك عكسه كأن اشترى شيئا ثم قال لاثنين أشركتكما فيه فيكون المبيع أثلاثا . وبقي ما لو اختلفت حصصهم كأن كان لواحد النصف والآخر الثلث والآخر السدس ، ثم قالوا للرابع أشركناك معنا فالظاهر أن يكون له النصف وللثلاثة النصف وكأن كل واحد باعه نصف ما بيده لأنه لا يظهر هنا كونه كأحد الثلاثة لاختلاف أنصبائهم ( قوله : أنه لا يشترط إلخ ) معتمد ( قوله : وعليه ) أي إذا بنينا عليه ( قوله : ويمكن رد ما في التولية ) مراده بما في التولية ما قدمه عند قوله وليتك إلخ من أنه يكفي في التولية وليتك : يعني من غير ذكر العقد ولكنه لم ينقله عن الجرجاني ونقله عنه حج



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 110 ] قوله : غير الأب والجد ) أي : أو هما بالأولى [ ص: 111 ] قوله : وقضية كلامه كغيره ) لعل مراده كلامه في غير هذا الكتاب .

                                                                                                                            وإلا ففي كون هذا قضية كلامه هنا منع ظاهر ; لأنه صور التولية فيما مر بما إذا ذكر العقد حيث قال وليتك العقد ، ثم أحال عليه هنا بقوله والإشراك في بعضه كالتولية في كله ، فاقتضى أنه لا بد من ذكر العقد في الإشراك أيضا ، وعبارة التحفة : وقضية كلام الشيخين وغيرهما أنه لا يشترط إلخ . ( قوله : ويمكن رد ما في التولية عن الجرجاني إليه ) أي أنه [ ص: 112 ] كناية كما هو ظاهر ولم تتقدم له النسبة إلى الجرجاني كما تقدم التنبيه عليه هناك




                                                                                                                            الخدمات العلمية