والأوجه أنه أيضا ، فإذا [ ص: 365 ] ظهر رشده عقد ; لأنه مكلف ( فلو يختبر السفيه ) لاختلال صلاح دينه وماله ( دام الحجر ) أي جنسه وإلا فقد انقطع حجر الصبي ببلوغه وخلفه حجر السفه كما مر فيتصرف في ماله من كان يتصرف فيه قبل ذلك ( وإن بلغ غير رشيد انفك ) الحجر عنه ( بنفس البلوغ ) أو غير رشيد ثم رشد فبنفس الرشد ( وأعطي ماله ) ولو امرأة فيصح تصرفها حينئذ ولا يحتاج إلى إذن الزوج ( وقيل يشترط فك القاضي ) ; لأن الرشد يحتاج إلى نظر واجتهاد ، ورد بأنه حجر ثبت من غير حاكم فلم يتوقف زواله على إزالة الحاكم كحجر الجنون ، وجمع بلغ رشيدا المصنف بين الانفكاك وإعطاء المال إشارة لرد مذهب حيث ذهب إلى أنه لا يسلم لها إلا إن تزوجت وبعده بإذن زوجها ولا ينفذ تبرعها بما زاد على الثلث ما لم تصر عجوزا . مالك
وأما ما رواه أبو داود { } أشار لا تتصرف إلا بإذن زوجها لضعفه وبتقدير صحته يحمل على الأول ( فلو ) الشافعي ( حجر ) أي حجر الحاكم ( عليه ) دون غيره من أب أو جد لوقوعه في محل الاجتهاد ، وإنما حجر عليه لآية { ( بذر بعد ذلك ) أي بعد بلوغه رشيدا ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } أي أموالهم لقوله تعالى { وارزقوهم فيها واكسوهم } وخبر { خذوا على أيدي سفهائكم } نعم نقل الروياني عن استحباب رد الحاكم أمره بعد الحجر عليه إلى أبيه أو جده ، فإن لم يكن فلعصباته لشفقتهم ، ويستحب الإشهاد على حجر السفيه ولو رأى النداء عليه ليجتنب في المعاملة فعل ، وعلى هذا لو عاد رشيدا لم ينفك إلا برفع الحاكم كما لا يثبت إلا به ( وقيل يعود الحجر بلا إعادة ) كالجنون الشافعي صحيح ، وهذا هو السفيه المهمل على المشهور ، ويطلق على من بلغ غير رشيد أيضا ، وهذا تصرف غير صحيح ، ولو وتصرفه قبل الحجر عليه لم يحجر عليه لتعذر اجتماع الحجر وعدمه في شخص واحد ولا حجر بشحته على نفسه مع اليسار ; لأن الحق له ، والقائل بالحجر به لم يرد به حقيقته بدليل تعبيره بأنه لا يمنع من التصرف ولكن ينفق عليه بالمعروف من ماله إلا أن يخاف عليه إخفاء ماله لشدة شحه فيمنع من التصرف فيه ; لأن هذا أشد من التبذير ( ولو ) غبن في تصرف دون آخر ( لم يحجر عليه في الأصح ) ; لأن الأولين لم يحجروا على الفسقة ، والثاني يحجر عليه كالاستدامة وكما لو بذر ، وفرق الأول بين استدامته بالفسق المقترن بالبلوغ وبين ما هنا بأن الأصل ثم بقاؤه وهنا ثبت الإطلاق ، والأصل بقاؤه وبينه وبين الحجر يعود التبذير أن الفسق لا يتحقق به إتلاف المال ولا عدمه بخلاف التبذير ( و ) على أنه لا بد من حجر الحاكم في عود التبذير ( من ) ( فسق ) مع صلاح تصرفه في ماله بعد بلوغه رشيدا ( فوليه القاضي ) ; لأنه الذي يعيد الحجر ; إذ ولاية الأب ونحوه زالت فصار النظر لمن له الولاية العامة ( وقيل وليه في الصغر ) كما لو بلغ سفيها ، وإذا قلنا بعود الحجر بنفس السفه فوجهان أصحهما أنه القاضي أيضا . ( حجر عليه لسفه ) أي سوء تصرف ( طرأ )
وحاصل ذلك أن فيه طريقين أصحهما القطع بأنه للقاضي .
قال الروياني : ولو : أي أو امرأة وفسرا قبلت شهادتهما حسبة ( ولو شهد عدلان بسفه رجل وليه في الصغر ) وهو الأب ثم الجد ( وقيل ) وليه ( القاضي ) والفرق بين التصحيحين أن السفه مجتهد فيه فاحتاج إلى نظر الحاكم بخلاف الجنون طرأ [ ص: 366 ] جنون فوليه
التالي
السابق
حاشية الشبراملسي
( قوله : ) والمراد ببلوغه رشيدا أن يحكم عليه بالرشد باعتبار ما يرى من أحواله ، ولا يتحقق ذلك إلا بعد مضي مدة يظهر فيها ذلك عرفا فلا يتقيد بخصوص الوقت الذي بلغ فيه كوقت الزوال مثلا ( قوله : أي أموالهم ) هذا بيان لحقيقة المعنى المراد من اللفظ ، وإلا فتقدم أول الباب أن الضمير للأولياء وأن الإضافة فيه إليهم لتصرفهم فيه وإن بلغ رشيدا
( قوله : فعل ) أي ندبا
( قوله : وهذا ) أي السفيه الذي بذر ولم يحجر عليه
( قوله : لكن ينفق عليه بالمعروف ) أي ولكن أراد هذا القائل بالحجر عليه أنه ينفق عليه إلخ
( قوله : إلا أن يخاف ) متصل بقوله ولا حجر بشحته إلخ ( قوله : فيمنع ) أي بالحجر عليه على ما هو ظاهر هذه العبارة ، لكن جعله ع تفريعا على مقابل الأصح القائل بالحجر وما قاله ع ظاهر ( قوله : ثبت الإطلاق ) أي إطلاق التصرف
( قوله : وعلى أنه لا بد من حجر ) معتمد
( قوله : وإذا قلنا بعود الحجر إلخ ) مرجوح ( قوله : وفسرا ) أي ما يحصل به السفه ، [ ص: 366 ] ومفهومه أنهما لو لم يفسرا لم يقبل ، وهو ظاهر
( قوله : ) والمراد ببلوغه رشيدا أن يحكم عليه بالرشد باعتبار ما يرى من أحواله ، ولا يتحقق ذلك إلا بعد مضي مدة يظهر فيها ذلك عرفا فلا يتقيد بخصوص الوقت الذي بلغ فيه كوقت الزوال مثلا ( قوله : أي أموالهم ) هذا بيان لحقيقة المعنى المراد من اللفظ ، وإلا فتقدم أول الباب أن الضمير للأولياء وأن الإضافة فيه إليهم لتصرفهم فيه وإن بلغ رشيدا
( قوله : فعل ) أي ندبا
( قوله : وهذا ) أي السفيه الذي بذر ولم يحجر عليه
( قوله : لكن ينفق عليه بالمعروف ) أي ولكن أراد هذا القائل بالحجر عليه أنه ينفق عليه إلخ
( قوله : إلا أن يخاف ) متصل بقوله ولا حجر بشحته إلخ ( قوله : فيمنع ) أي بالحجر عليه على ما هو ظاهر هذه العبارة ، لكن جعله ع تفريعا على مقابل الأصح القائل بالحجر وما قاله ع ظاهر ( قوله : ثبت الإطلاق ) أي إطلاق التصرف
( قوله : وعلى أنه لا بد من حجر ) معتمد
( قوله : وإذا قلنا بعود الحجر إلخ ) مرجوح ( قوله : وفسرا ) أي ما يحصل به السفه ، [ ص: 366 ] ومفهومه أنهما لو لم يفسرا لم يقبل ، وهو ظاهر
حاشية المغربي
[ ص: 365 ] قوله : إلا أن يخاف عليه إخفاء ماله ) من تتمة الضعيف . ( قوله : وعلى أنه لا بد من حجر الحاكم في ) [ ص: 366 ] كأنه إنما صرح بهذا جريا على ظاهر تعبير المتن بقوله ومن حجر عليه إذ هو ظاهر في أنه حجر عليه بحجر ، وإلا فموضع الوجهين كما قاله عود التبذير الرافعي إذا قلنا يعود الحجر بنفسه . قال : أما إذا قلنا القاضي هو الذي يعيده فهو الذي يلي أمره بلا خلاف ا هـ . فليراجع . ( قوله : وحاصل ذلك أن فيه طريقين إلخ ) يتأمل ويراجع كلام غيره
[ ص: 365 ] قوله : إلا أن يخاف عليه إخفاء ماله ) من تتمة الضعيف . ( قوله : وعلى أنه لا بد من حجر الحاكم في ) [ ص: 366 ] كأنه إنما صرح بهذا جريا على ظاهر تعبير المتن بقوله ومن حجر عليه إذ هو ظاهر في أنه حجر عليه بحجر ، وإلا فموضع الوجهين كما قاله عود التبذير الرافعي إذا قلنا يعود الحجر بنفسه . قال : أما إذا قلنا القاضي هو الذي يعيده فهو الذي يلي أمره بلا خلاف ا هـ . فليراجع . ( قوله : وحاصل ذلك أن فيه طريقين إلخ ) يتأمل ويراجع كلام غيره