الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 12 ] فصل وإن ثبتت رؤيته بمكان قريب أو بعيد لزم جميع البلاد الصوم ، وحكم من لم يره كمن رآه ولو اختلفت المطالع ، نص عليه ، ( و ) ذكره جماعة ، للعموم ، واحتج القاضي والأصحاب وصاحب المغني والمحرر بثبوت جميع الأحكام ، فكذا الصوم ، كذا ذكروه ، ومن يخالف في الصوم مع الاحتياط للعبادة لا أظنه يسلم هذا ، ولهذا على المذهب يجب مع الغيم ولا تثبت الأحكام ، واحتج بعضهم بأن ضابط اختلاف المطالع من [ ص: 13 ] جهة المنجمين ، كذا قال ، وأجاب القاضي عن قول المخالف : الهلال يجري مجرى طلوع الشمس وغروبها ، وقد ثبت أن لكل بلد حكم نفسه . كذا الهلال فقال : يتكرر مراعاتها في كل يوم ، فتلحق المشقة في اعتبار طلوعها وغروبها ، فيؤدي إلى قضاء العبادات ، والهلال في السنة مرة ، فليس كبير مشقة في قضاء يوم ، ودليل المسألة من العموم يقتضي التسوية ، وسبق قول أحمد أول المواقيت : الزوال في الدنيا واحد ، لعله أراد هذا ، وإلا فالواقع خلافه .

                                                                                                          وقال شيخنا : تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة بهذا ، قال : فإن اتفقت لزم الصوم وإلا فلا ، وفاقا للأصح للشافعية واختار صاحب الرعاية البعد مسافة قصر ، فلا يلزم الصوم .

                                                                                                          وفي شرح مسلم أنه الأصح للشافعية ، واختار بعض الشافعية البعد اختلاف الإقليم وعن ( م ) وقاله المغيرة وابن الماجشون يلزم بلد الرؤية وعمله فقط إلا أن يحمل الإمام الناس على ذلك ، وذكر ابن عبد البر ( ع ) أن الرؤية لا تراعى مع البعد ، كالأندلس من خراسان ، كذا قال : قال في الرعاية تفريعا على المذهب : واختياره لو سافر من بلد الرؤية ليلة الجمعة إلى بلد الرؤية ليلة السبت فبعد وتم شهره ولم يروا الهلال صام معهم ، وعلى المذهب يفطر ، فإن شهد به وقبل قوله أفطروا معه ، على المذهب ، وإن سافر إلى بلد الرؤية ليلة الجمعة من بلد الرؤية ليلة السبت وبعد أفطر معهم وقضى يوما ، على المذهب ، ولم يفطر على الثاني ، ولو عيد ببلد بمقتضى الرؤية ليلة الجمعة في أوله ، وسارت به سفينة [ ص: 14 ] أو غيرها سريعا في يومه إلى بلد الرؤية في أول ليلة السبت وبعد أمسك معهم بقية يومه ، لا على المذهب ، كذا قال . وما ذكره على المذهب واضح ، وعلى اختياره فيه نظر ، لأنه في الأولى اعتبر حكم البلد المنتقل إليه ، لأنه صار من جملتهم ، وفي الثانية اعتبر حكم المنتقل منه ، لأنه التزم حكمه . والأصح للشافعية اعتبار ما انتقل إليه ، والثاني ما انتقل منه ، قال صاحب المحرر فيما إذا أفطر على المذهب : وليكن خفية .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية