الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  379 [ ص: 119 ] 52 - ( حدثنا آدم بن أبي إياس قال : حدثنا شعبة قال : أخبرنا أبو مسلمة سعيد بن يزيد الأزدي قال : سألت أنس بن مالك : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ؟ قال : نعم ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم أربعة مر ذكرهم ، وأبو مسلمة بفتح الميم ، وسكون السين المهملة ، وفتح اللام ، وسعيد بالياء ، ويزيد من الزيادة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه الإخبار بصيغة الجمع في موضع واحد ، وفيه السؤال ، وفيه أن رواته ما بين عسقلاني وكوفي وبصري .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري أيضا في اللباس عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد ، وأخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن يحيى عن بشر بن المفضل ، وعن أبي الربيع الزهراني عن عباد بن العوام ، وأخرجه الترمذي فيه عن علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم ، وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن علي عن يزيد بن زريع ، وغسان بن مضر .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه واستنباط الحكم منه ) : قوله : "أكان النبي صلى الله عليه وسلم" استفهام على سبيل الاستفسار . قوله : "يصلي في نعليه" أي : على نعليه أو بنعليه كما ذكرنا ، والنعل الحذاء مؤنثة ، وتصغيرها نعيلة ، وقال ابن بطال : معنى هذا الحديث عند العلماء إذا لم يكن في النعلين نجاسة فلا بأس بالصلاة فيهما ، وإن كان فيهما نجاسة فليمسحهما ويصلي فيهما ، واختلفوا في تطهير النعال من النجاسات فقالت طائفة : إذا وطئ القذر الرطب يجزيه أن يمسحهما بالتراب ويصلي فيه ، وقال مالك وأبو حنيفة : لا يجزيه أن يطهر الرطب إلا بالماء ، وإن كان يابسا أجزأه حكه ، وقال الشافعي : لا يطهر النجاسات إلا الماء في الخف والنعل وغيرهما ، وقال ابن دقيق العيد : الصلاة في النعال من الرخص لا من المستحبات ؛ لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) كيف لا تكون من المستحبات بل ينبغي أن تكون من السنن ؛ لأن أبا داود روى في سننه : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن هلال بن ميمون الرملي ، عن يعلى بن شداد بن أوس ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ، ولا في خفافهم " ورواه الحاكم أيضا فيكون مستحبا من جهة قصد مخالفة اليهود ، وليست بسنة ؛ لأن الصلاة في النعال ليست بمقصودة بالذات ، وقد روى أبو داود أيضا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حافيا ومتنعلا" ، وهذا يدل على الجواز من غير كراهة ، وحكى الغزالي في الإحياء عن بعضهم أن الصلاة فيه أفضل .

                                                                                                                                                                                  ومما يستنبط منه : جواز المشي في المسجد بالنعل . .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية