الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  392 65 - حدثنا عثمان قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : قال عبد الله : صلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم : لا أدري زاد أو نقص - فلما سلم قيل له : يا رسول الله ، أحدث في الصلاة شيء ؟ قال : وما ذاك ؟ قالوا : صليت كذا وكذا . فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم ، فلما أقبل علينا بوجهه قال : إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ، ولكن إنما أنا بشر مثلكم ؛ أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ، ثم يسجد سجدتين .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة هذا الحديث للترجمة في قوله ( فثنى رجليه واستقبل القبلة ) ؛ لأنه استقبلها بعد أن سلم سلام الخروج من الصلاة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم ستة ؛ الأول : عثمان بن أبي شيبة . الثاني : جرير بن عبد الحميد . الثالث : منصور بن المعتمر . الرابع : إبراهيم بن يزيد النخعي . الخامس : علقمة بن قيس النخعي . السادس : عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ، وفيه القول ، وفيه أن رواته كلهم كوفيون وأئمة أجلاء ، وإسناده من أصح الأسانيد .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري أيضا في النذور عن إسحاق ، وأخرجه مسلم عن عثمان بن أبي شيبة وأبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم ومحمد بن يحيى وأبي كريب ومحمد بن حاتم وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ومحمد بن المثنى ويحيى بن يحيى ، وأخرجه أبو داود فيه عن عثمان به ، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الله المخزومي وعن الحسن بن إسماعيل وعن سويد بن نصر ، وعن محمد بن رافع ، وأخرجه ابن ماجه فيه عن بندار وعن علي بن محمد عن وكيع به .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 138 ] ( ذكر معناه وإعرابه ) : قوله ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم ) ؛ هذه الصلاة قيل : الظهر ، وقيل : العصر ، وروى الطبراني من حديث طلحة بن مصرف عن إبراهيم به أنها العصر فنقص في الرابعة ولم يجلس حتى صلى الخامسة ، ومن حديث شعبة عن حماد عن إبراهيم أنها الظهر وأنه صلاها خمسا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال إبراهيم ) ؛ أي : النخعي المذكور .

                                                                                                                                                                                  قوله ( لا أدري زاد أو نقص ) مدرج ، وفي رواية أبي داود : فلا أدري ؛ أي : فلا أعلم هل زاد النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته أو نقص ، والمقصود أن إبراهيم شك في سبب سجود السهو المذكور ؛ هل كان لأجل الزيادة أو النقصان ، وهو مشتق من النقص المتعدي لا من النقصان اللازم ، والصحيح كما قال الحميدي أنه زاد .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أحدث ) الهمزة فيه للاستفهام ، ومعناه السؤال عن حدوث شيء من الوحي يوجب تغيير حكم الصلاة بالزيادة على ما كانت معهودة أو بالنقصان عنه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( حدث ) بفتح الدال معناه وقع ، وأما حدث بضم الدال فلا يستعمل في شيء من الكلام إلا في قولهم : أخذني ما قدم وما حدث - للازدواج .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وما ذاك ؟ ) سؤال من لم يشعر بما وقع منه ولا يقين عنده ولا غلبة ظن ، وهو خلاف ما عندهم حيث قال : صليت كذا وكذا ، فإنه إخبار من يتحقق ما وقع ، وقوله ( كذا وكذا ) كناية عما وقع إما زائدا على المعهود أو ناقصا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فثنى ) بتخفيف النون مشتق من الثني ؛ أي : عطف ، والمقصود منه فجلس كما هو هيئة القعود للتشهد .

                                                                                                                                                                                  قوله ( رجله ) بالإفراد ، وفي رواية الكشميهني والأصيلي " رجليه " بالتثنية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( لنبأتكم به ) ؛ أي : لأخبرتكم به ، وهذا من باب نبأ بتشديد الباء وهو مما ينصب ثلاثة مفاعيل ، وكذلك أنبأ من باب أفعل ، والثلاثي نبأ ، والمصدر النبأ معناه الخبر ؛ تقول : نبأ وأنبأ ونبأ ، أي : أخبر ، ومنه أخذ النبي لأنه أنبأ عن الله تعالى ، واللام فيه لام الجواب وتفيد التأكيد أيضا ، وزعم بعضهم أن اللام بعد لو جواب قسم مقدر . ( فإن قلت ) : أين المفاعيل الثلاثة هاهنا ؟ قلت : الأول ضمير المخاطبين ، والثاني الجار والمجرور أعني لفظة " به " ، والضمير فيه يرجع إلى الحدوث الذي يدل عليه قوله : " لو حدث في الصلاة شيء " كما في قوله " اعدلوا هو أقرب للتقوى " والثالث محذوف ، قوله : " ولكن إنما أنا بشر مثلكم " ، لا نزاع أن كلمة " إنما " للحصر ، لكن تارة تقتضي الحصر المطلق وتارة حصرا مخصوصا ، ويفهم ذلك بالقرائن والسياق ، ومعنى الحصر في الحديث بالنسبة إلى الاطلاع على بواطن المخاطبين لا بالنسبة إلى كل شيء ، فإن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصافا أخر كثيرة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أنسى كما تنسون ) ، النسيان في اللغة خلاف الذكر والحفظ ، وفي الاصطلاح النسيان غفلة القلب عن الشيء ، ويجيء النسيان بمعنى الترك كما في قوله تعالى : " نسوا الله فنسيهم " ، " ولا تنسوا الفضل بينكم " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فذكروني ) ؛ أي : في الصلاة بالتسبيح ونحوه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وإذا شك أحدكم ) ، الشك في اللغة خلاف اليقين ، وفي الاصطلاح : الشك ما يستوي فيه طرف العلم والجهل ، وهو الوقوف بين الشيئين بحيث لا يميل إلى أحدهما ، فإذا قوي أحدهما وترجح على الآخر ولم يأخذ بما رجح ولم يطرح الآخر فهو الظن ، وإذا عقد القلب على أحدهما وترك الآخر فهو أكبر الظن وغالب الرأي فيكون الظن أحد طرفي الشك بصفة الرجحان .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فليتحر الصواب ) ، التحري القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول ، وفي رواية لمسلم : "فينظر أحرى ذلك إلى الصواب" ، وفي رواية : "فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب" ، وفي رواية : "فليتحر الذي يرى أنه صواب" . ويعلم من هذا أن التحري طلب أحد الأمرين وأولاهما بالصواب . قوله ( فليتم عليه ) ؛ أي : فليتم بانيا عليه ، ولولا تضمين الإتمام معنى البناء لما جاز استعماله بكلمة الاستعلاء ، وقصد الصواب في البناء على غالب الظن عند أبي حنيفة ، وعند الشافعي الأخذ باليقين .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ثم يسجد سجدتين ) ، ويروى " ثم ليسجد سجدتين " ؛ يعني للسهو .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر استنباط الأحكام ) : منها أن فيه دليلا على جواز النسخ وجواز توقع الصحابة ذلك ، دل على ذلك استفهامهم حيث قيل له صلى الله عليه وسلم : أحدث في الصلاة شيء . ومنها أن فيه جواز وقوع السهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الأفعال ، وقال ابن دقيق العيد : وهو قول عامة العلماء والنظار ، وشذت طائفة فقالوا : لا يجوز على النبي - صلى الله عليه وسلم - السهو ، وهذا الحديث يرد عليهم . قلت : هم منعوا السهو عليه في الأفعال البلاغية ، وأجابوا عن الظواهر الواردة في ذلك بأن السهو لا يناقض النبوة ، وإذا لم يقر عليه لم تحصل منه مفسدة بل تحصل فيه فائدة ؛ وهو بيان أحكام الناس وتقرير الأحكام ، وإليه مال أبو إسحاق الإسفرايني ، وقال القاضي عياض : واختلفوا في جواز السهو عليه - صلى الله عليه وسلم - في الأمور التي لا تتعلق بالبلاغ وبيان [ ص: 139 ] أحكام الشرع من أفعاله وعاداته وأذكار قلبه فجوزه الجمهور ، وأما السهو في الأقوال البلاغية فأجمعوا على منعه كما أجمعوا على امتناع تعمده ، وأما السهو في الأقوال الدنيوية وفيما ليس سبيله البلاغ من الكلام الذي لا يتعلق بالأحكام ولا أخبار القيامة وما يتعلق بها ولا يضاف إلى وحي فجوزه قوم ؛ إذ لا مفسدة فيه . قال القاضي عياض : والحق الذي لا شك فيه ترجيح قول من منع ذلك على الأنبياء في كل خبر من الأخبار ، كما لا يجوز عليهم خلف في خبر لا عمدا ولا سهوا لا في صحة ولا في مرض ولا رضى ولا غضب ، وأما جواز السهو في الاعتقادات في أمور الدنيا فغير ممتنع .

                                                                                                                                                                                  ومنها أن فيه جواز النسيان في الأفعال على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، واتفقوا على أنهم لا يقرون عليه بل يعلمهم الله تعالى به ، وقال الأكثرون : شرطه تنبيهه - صلى الله عليه وسلم - على الفور ؛ أي : متصلا بالحادثة ، وجوزت طائفة تأخيره مدة حياته ، ( فإن قلت ) : ما الفرق بين السهو والنسيان ؟ قيل : النسيان غفلة القلب عن الشيء والسهو غفلة الشيء عن القلب ، ففي هذا قال قوم : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسهو ولا ينسى ، فلذلك نفى عن نفسه النسيان في حديث ذي اليدين بقوله " لم أنس " ؛ لأن فيه غفلة ولم يغفل . وقال القشيري : يبعد الفرق بينهما في استعمال اللغة ، وكأنه يتلوح من اللفظ على أن النسيان عدم الذكر لأمر لا يتعلق بالصلاة ، والسهو عدم الذكر لا لأجل الإعراض . وقال القرطبي : لا نسلم الفرق ، ولئن سلم فقد أضاف - صلى الله عليه وسلم - النسيان إلى نفسه في غير ما موضع ؛ كقوله : إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني . وقال القاضي : إنما أنكر - صلى الله عليه وسلم - نسيت ؛ المضاف إليه وهو قد نهى عن هذا بقوله : " بئسما لأحدكم أن يقول : نسيت كذا ، ولكنه نسي " ، وقد قال أيضا : لا أنسى - على النفي - ولكن أنسى . وقد شك بعض الرواة في روايته فقال : أنسى أو أنسى ، وإن " أو " للشك أو للتقسيم ، وإن هذا يكون منه مرة من قبل شغله ومرة يغلب ويجبر عليه ، فلما سأله السائل بذلك في حديث ذي اليدين أنكره وقال : كل ذلك لم يكن ، وفي الرواية الأخرى : لم أنس ولم تقصر ؛ أما القصر فبين ، وكذلك لم أنس حقيقة من قبل نفسي ولكن الله أنساني ، وسنتكلم في هذا كما هو المطلوب في موضعه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  ومنها أن بعضهم احتج به على أن كلام الناسي لا يبطل الصلاة ، وقال أبو عمر : ذهب الشافعي وأصحابه إلى أن الكلام والسلام ساهيا في الصلاة لا يبطلها كقول مالك وأصحابه سواء ، وإنما الخلاف بينهما أن مالكا يقول : لا يفسد الصلاة تعمد الكلام فيها إذا كان في شأنها وإصلاحها ، وهو قول ربيعة وابن القاسم إلا ما روي عنه في المنفرد ، وهو قول أحمد ؛ ذكر الأثرم عنه أنه قال : ما تكلم به الإنسان في صلاته لإصلاحها لم يفسد عليه صلاته ، فإن تكلم لغير ذلك فسدت عليه . وذكر الخرقي عنه أن مذهبه فيمن تكلم عامدا أو ساهيا بطلت صلاته إلا الإمام خاصة ، فإنه إذا تكلم لمصلحة صلاته لم تبطل صلاته . وقال الشافعي وأصحابه ومن تابعهم من أصحاب مالك وغيرهم : إن من تعمد الكلام وهو يعلم أنه لم يتم الصلاة وأنه فيها أفسد صلاته ، فإن تكلم ناسيا أو تكلم وهو يظن أنه ليس في الصلاة لا تبطل ، وأجمعوا على أن الكلام عامدا إذا كان المصلي يعلم أنه في الصلاة ولم يكن ذلك لإصلاح صلاته أنه يفسد الصلاة إلا ما روي عن الأوزاعي أنه من تكلم لإحياء نفس أو مثل ذلك من الأمور الجسام لم تفسد بذلك صلاته ، وهو قول ضعيف في النظر ، وفي المغني : وقال ابن المنذر ما ملخصه أن الكلام لغير مصلحة الصلاة ينقسم خمسة أقسام ؛ الأول : الكلام جاهلا بتحريمه فيها ، قال القاضي في الجامع : لا أعرف عن أحد نصا فيه ، ويحتمل أن لا تبطل . الثاني : الكلام ناسيا ، وهو على نوعين ؛ أحدهما أن ينسى أنه في الصلاة ففيه روايتان إحداهما لا تبطل وهو قول مالك والشافعي ، والأخرى تبطل وهو قول النخعي وقتادة وحماد بن أبي سليمان وأصحاب الرأي ، والنوع الآخر أن يظن أن صلاته تمت فيتكلم فإن كان سلاما لا تبطل رواية واحدة ، وإلا فالمنصوص عن أحمد إن كان لأمر الصلاة لا تبطل ، وإن كان لغير أمرها مثل اسقني يا غلام ماء تبطل ، وعنه رواية ثانية أنها تفسد بكل حال ، وهذا مذهب أصحاب الرأي . وفيه رواية ثالثة أنها لا تبطل بالكلام في تلك الحال بحال سواء كان من شأن الصلاة أو لم يكن ، إماما كان أو مأموما ، وهذا مذهب مالك والشافعي . وتخرج رواية رابعة وهو أن المتكلم إن كان إماما تكلم لمصلحة الصلاة لم تفسد ، وإن تكلم غيره فسدت .

                                                                                                                                                                                  القسم الثالث : أن يتكلم مغلوبا على الكلام ، وهو ثلاثة أنواع ؛ أحدها أن تخرج الحروف من فيه بغير اختياره مثل : إن تثاوب فقال : آه ، أو تنفس [ ص: 140 ] فقال : آه ، أو يسعل فينطق في السعلة بحرفين وما أشبه هذا ، أو يغلط في القراءة فيعدل إلى كلمة من غير القرآن ، أو يجيئه بكاء فيبكي ولا يقدر على رده ؛ فهذا لا تفسد صلاته ، نص عليه أحمد ، وقال القاضي فيمن تثاوب فقال : آه آه : فسدت صلاته .

                                                                                                                                                                                  النوع الثاني : أن ينام فيتكلم ، فقد توقف أحمد عن الجواب فيه وينبغي أن لا تبطل .

                                                                                                                                                                                  النوع الثالث : أن يكره على الكلام فيحتمل أن يخرج على كلام الناسي ، والصحيح - إن شاء الله - أن هذا تفسد صلاته .

                                                                                                                                                                                  القسم الرابع : أن يتكلم بكلام واجب ، مثل أن يخشى على صبي أو ضرير الوقوع في هلكة ، أو يرى حية ونحوها تقصد غافلا أو نائما ، أو يرى نارا يخاف أن تشتعل في شيء ونحو هذا ، فلا يمكنه التنبيه بالتسبيح ، فقال أصحابنا : تبطل الصلاة بهذا ، وهو قول بعض أصحاب الشافعي ، ويحتمل أن لا تبطل وهو ظاهر قول أحمد ، وهذا ظاهر مذهب الشافعي .

                                                                                                                                                                                  القسم الخامس : أن يتكلم لإصلاح الصلاة ، وجملته أن من سلم من نقص في صلاته يظن أنها قد تمت ثم تكلم ففيه ثلاث روايات ؛ إحداها : لا تفسد إذا كان لشأن الصلاة . والثانية : تفسد ، وهو قول الخلال وأصحاب الرأي . والثالثة : صلاة الإمام لا تفسد ، وصلاة المأموم الذي تكلم تفسد ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  ومذهب أصحابنا : أنه لا يجوز الكلام في الصلاة إلا بالتكبير والتسبيح والتهليل وقراءة القرآن ، ولا يجوز أن يتكلم فيها لأجل شيء حدث من الإمام في الصلاة ، والكلام يبطل الصلاة سواء كان عامدا أو ناسيا أو جاهلا ، وسواء كان إماما أو منفردا ، وهو مذهب إبراهيم النخعي وقتادة وحماد بن أبي سليمان وعبد الله بن وهب وابن نافع من أصحاب مالك ، واحتجوا في ذلك بحديث معاوية بن الحكم السلمي أخرجه مسلم مطولا ، وفيه : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن . وأخرجه أبو داود والنسائي أيضا ، وهذا نص صريح على تحريم الكلام في الصلاة سواء كان عامدا أو ناسيا لحاجة أو غيرها ، وسواء كان لمصلحة الصلاة أو غيرها ، فإن احتاج إلى تنبيه إمام ونحوه سبح إن كان رجلا وصفقت إن كانت امرأة ، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : من نابه شيء في الصلاة فليقل : سبحان الله ، وإنما التصفيق للنساء والتسبيح للرجال . رواه سهل بن سعد ، أخرجه الطحاوي عنه ، وأخرجه البخاري مطولا ولفظه : أيها الناس ، ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق ! إنما التصفيق للنساء ، من نابه شيء في صلاته فليقل : سبحان الله ، فإنه لا يسمعه أحد حين يقول : سبحان الله إلا التفت . وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي .

                                                                                                                                                                                  قوله ( من نابه ) ؛ أي : من نزل به شيء من الأمور المهمة ، والمراد من التصفيق ضرب ظاهر إحدى يديه على باطن الأخرى ، وقيل : بإصبعين من أحدهما على صفحة الأخرى للإنذار والتنبيه ، وقال الطحاوي : إن هذا الحديث دل على أن كلام ذي اليدين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما كلمه به في حديث عمران وابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم كان قبل تحريم الكلام في الصلاة .

                                                                                                                                                                                  ومنها أن فيه دليلا على أن سجود السهو سجدتان ، وهو قول عامة الفقهاء ، وحكي عن الأوزاعي أنه يلزمه لكل سهو سجدتان ، وكذا حكي عن ابن أبي ليلى ، وقال النووي : وفيه حديث ضعيف .

                                                                                                                                                                                  ومنها : أن فيه دليلا على أن سجدتي السهو بعد السلام ، وهو حجة على الشافعي ومن تبعه في أنهما قبل السلام ، وفي المغني : السجود كله عند أحمد قبل السلام إلا في الموضعين اللذين ورد النص بسجودهما بعد السلام ، وهما إذا سلم من نقص في صلاته أو تحرى الإمام فبنى على غالب ظنه ، وما عداهما يسجد له قبل السلام ، نص على هذا في رواية الأثرم ، وبه قال سليمان بن داود وأبو خيثمة وابن المنذر ، وحكى أبو الخطاب عن أحمد روايتين أخريين إحداهما أن السجود كله قبل السلام ، والثانية أنها قبل السلام إن كانت لنقص وبعد السلام إن كانت لزيادة ، وهذا مذهب مالك وأبي ثور وبما قال أصحابنا الحنفية . قال إبراهيم النخعي وابن أبي ليلى والحسن البصري وسفيان الثوري : وهو مروي عن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعمار بن ياسر وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك رضي الله عنهم .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : لو سجد للسهو قبل السلام كيف يكون حكمه عند الحنفية ؟ قلت : قال القدوري : لو سجد للسهو قبل السلام جاز عندنا هذا في رواية الأصول ، وروي عنهم أنه لا يجوز لأنه أداه قبل وقته ، وفي الهداية : وهذا الخلاف في الأولوية ، وكذا قاله الماوردي في الحاوي وابن عبد البر وغيرهم .

                                                                                                                                                                                  ومنها : أن فيه الرجوع إلى المأمومين ، وفيه إشكال على مذهب الشافعي ؛ لأن عندهم أنه لا يجوز للمصلي الرجوع في قدر صلاته إلى قول غيره إماما كان أو مأموما ، ولا يعمل إلا على يقين نفسه ، واعتذر النووي عن هذا بأنه - صلى الله عليه وسلم - سألهم ليتذكر ، فلما ذكروه تذكر فعلم السهو فبنى عليه ، لا أنه رجع إلى مجرد قولهم ، ولو [ ص: 141 ] جاز ترك يقين نفسه والرجوع إلى قول غيره لرجع ذو اليدين حين قال صلى الله تعالى عليه وسلم : لم تقصر ولم أنس .

                                                                                                                                                                                  قلت : هذا ليس بجواب مخلص ، لأنه لا يخلو عن الرجوع سواء كان رجوعه للتذكر أو لغيره ، وعدم رجوع ذي اليدين كان لأجل كلام الرسول لا لأجل يقين نفسه ، فافهم .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن القصار : اختلفت الرواية في هذا عن مالك ؛ فمرة قال : يرجع إلى قولهم وهو قول أبي حنيفة ، لأنه قال : يبني على غالب ظنه ، وقال مرة أخرى : يعمل على يقينه ولا يرجع إلى قولهم كقول الشافعي .

                                                                                                                                                                                  ومنها أن فيه دلالة على أن البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة ؛ لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به .

                                                                                                                                                                                  ومنها أن فيه حجة لأبي حنيفة ولغيره من أهل الكوفة على أن من شك في صلاته في عدد ركعاتها تحرى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : فليتحر الصواب ، ويبن على غالب ظنه ، ولا يلزمه الاقتصار على الأقل ، وهو حجة على الشافعي ومن تبعه في قولهم فيمن شك : هل صلى ثلاثا أم أربعا مثلا لزمه البناء على اليقين وهو الأقل ، فيأتي بما بقي ويسجد للسهو . ( فإن قلت ) : أمر الشارع بالتحري وهو القصد بالصواب ، وهو لا يكون إلا بالأخذ بالأقل الذي هو اليقين على ما بينه في حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليبن على اليقين ويدع الشك . . . الحديث ، أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه - قلت : هذا محمول على ما إذا تحرى ولم يقع تحريه على شيء ، ففي هذا نقول : يبني على الأقل ؛ لأن حديثه ورد في الشك وهو ما استوى طرفاه ولم يترجح له أحد الطرفين ، ففي هذا يبني على الأقل بالإجماع . ( فإن قلت ) : قال النووي في دفع هذا : إن تفسير الشك هكذا اصطلاح طار للأصوليين ، وأما في اللغة فالتردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكا سواء المستوي والراجح والمرجوح ، والحديث يحمل على اللغة ما لم يكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية ، فلا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح - قلت : هذا غير مجد ولا دافع ؛ لأن المراد الحقيقة العرفية ، وهي أن الشك ما استوى طرفاه ، ولئن سلمنا أن يكون المراد معناه اللغوي فليس معنى الشك في اللغة ما ذكره ، لأن صاحب الصحاح فسر الشك في باب الكاف فقال : الشك خلاف اليقين ، ثم فسر اليقين في باب النون فقال : اليقين العلم ، فيكون الشك ضد العلم ، وضد العلم الجهل ، ولا يسمى المتردد بين وجود الشيء وعدمه جاهلا ، بل يسمى شاكا ، فعلم أن قوله : " وأما في اللغة فالتردد بين وجود الشيء وعدمه يسمى شكا " هو الحقيقة العرفية لا اللغوية .

                                                                                                                                                                                  ومنها أن فيه دليلا على أن سجود السهو يتداخل ولا يتعدد بتعدد أسبابه ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم بعد أن سها واكتفى فيه بسجدتين ، وهذا مذهب الجمهور من الفقهاء ، ومنهم من قال : يتعدد السجود بتعدد السهو .

                                                                                                                                                                                  ومنها أن فيه دليلا على أن سجود السهو في آخر الصلاة لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله إلا كذلك ، وقيل في حكمته : إنه أخر لاحتمال سهو آخر ، فيكون جابرا للكل . وفرع الفقهاء على أنه لو سجد ثم تبين أنه لم يكن آخر الصلاة لزمه إعادته في آخرها ، وصوروا ذلك في صورتين ؛ إحداهما : أن يسجد للسهو في الجمعة ثم يخرج الوقت وهو في السجود الأخير فيلزمه إتمام الظهر ويعيد السجود . والثانية : أن يكون مسافرا فيسجد للسهو وتصل به السفينة إلى الوطن أو ينوي الإقامة فيتم ، ثم يعيد السجود .

                                                                                                                                                                                  الأسئلة والأجوبة : منها ما قاله الكرماني : ( فإن قلت ) : قوله ( وسجد سجدتين ) دليل على أنه لم ينقص شيئا من الركعات ولا من السجدات ، وإلا لتداركها ، فكيف صح أن يقول إبراهيم : لا أدري ؟ بل تعين أنه زاد إذ النقصان لا يجبر بالسجدتين ، بل لا بد من الإتيان بالمتروك أيضا - قلت : كل نقصان لا يستلزم الإتيان به ، بل كثير منه ينجبر بمجرد السجدتين ، ولفظ : " نقص " لا يوجب النقص في الركعة ونحوها . قلت : قد ذكرنا فيما مضى عن الحميدي أنه قال : بل زاد ، وكانت زيادته أنه صلى الظهر خمسا كما ذكره الطبراني ، فحينئذ كان سجوده لتأخير السلام ولزيادته من جنس الصلاة ، وقوله : " إذ النقصان لا ينجبر بالسجدتين " غير مسلم ؛ لأن النقصان إذا كان في الواجبات أو في تأخيرها عن محلها أو في تأخير ركن من الأركان ينجبر بالسجدتين ، وقوله : " بل لا بد من الإتيان بالمتروك " إنما يجب إذا كان المتروك ركنا ، وأما إذا كان من الواجبات أو من السنن التي هي في قوة الواجب فلا يلزمه الإتيان بمثله ، وإنما ينجبر بالسجدتين .

                                                                                                                                                                                  ومنها ما قاله الكرماني أيضا : ( فإن قلت ) : الصواب غير معلوم ، وإلا لما كان ثمة شك ، فكيف يتحرى الصواب ؟ قلت : المراد منه المتحقق والمتيقن ؛ أي : فليأخذ باليقين . قلت : هذا الذي قاله بناء على مذهب إمامه ؛ فإنه فسر الصواب بالأخذ باليقين ، وأما عند أبي حنيفة : المراد منه [ ص: 142 ] البناء على غالب الظن ، واليقين في أين هاهنا ؟

                                                                                                                                                                                  ومنها ما قاله الكرماني أيضا : ( فإن قلت ) : كيف رجع إلى الصلاة بانيا عليها وقد تكلم بقوله : " وما ذاك " ؟ قلت : إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة ، أو أنه كان خطابا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وجوابا وذلك لا يبطل الصلاة ، أو كان قليلا ، وهو - صلى الله عليه وسلم - في حكم الساهي أو الناسي ؛ لأنه كان يظن أنه ليس فيها . قلت : مذهب إمامه أن الكلام في الصلاة إذا كان ناسيا أو ساهيا لا يبطلها ، فلا فائدة حينئذ في قوله : " إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة " ، والجواب الثاني لا يمشي بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، والجواب الثالث غير موجه لأن قوله صلى الله عليه وسلم : " وما ذاك ؟ " غير قليل على ما لا يخفى .

                                                                                                                                                                                  ومنها ما قاله الكرماني أيضا : فإن قيل : كيف رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قول غيره ولا يجوز للمصلي الرجوع في حال صلاته إلا إلى علمه ويقين نفسه ؟ فجوابه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سألهم ليتذكر ، فلما ذكروه تذكر فعلم السهو فبنى عليه ، لا أنه رجع إلى مجرد قول الغير أو أن قول السائل أحدث شكا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجد بسبب حصول الشك له ، فلا يكون رجوعا إلا إلى حال نفسه . قلت : هذا كلام فيه تناقض ؛ لأن قوله : " سألهم " إلى قوله : " فبنى عليه " رجوع إلى الغير بلا نزاع ، وقوله : " لا أنه رجع إلى مجرد قول الغير " يناقض ذلك ، وقوله : " فسجد بسبب حصول الشك " غير مسلم ؛ لأن سجوده إنما كان للزيادة لا للشك الحاصل من كلامهم ، لأنه لو شك لكان ترددا إذ مقتضى الشك التردد ، فحين سمع قولهم : " صليت كذا وكذا " ثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين .

                                                                                                                                                                                  ومنها ما قاله الكرماني أيضا : ( فإن قلت ) : آخر الحديث يدل على أن سجود السهو بعد السلام وأوله على عكسه - قلت : مذهب الشافعي أنه يسن قبل السلام ، وتأول آخر الحديث بأنه قول والأول فعل ، والفعل مقدم على القول لأنه أدل على المقصود ، أو أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بأن يسجد بعد السلام بيانا للجواز ، وفعل نفسه قبل السلام لأنه أفضل . قلت : لا نسلم أن الفعل مقدم على القول ؛ لأن مطلق القول يدل على الوجوب ، على أنا نقول : يحتمل أن يكون سلم قبل أن يسجد سجدتين ثم سلم سلام سجود السهو ، فالراوي اختصره ، ولأن في السجود بعد السلام تضاعف الأجر وهو الأجر الحاصل من سلام الصلاة ومن سلام سجود السهو ، ولأنه شرع جبرا للنقص أو للزيادة التي في غير محلها وهي أيضا نقص كالإصبع الزائدة ، والجبر لا يكون إلا بعد تمام المجبور ، وما بقي عليه سلام الصلاة فهو في الصلاة .

                                                                                                                                                                                  ومنها ما قاله الكرماني أيضا : ( فإن قلت ) : لم عدل عن لفظ الأمر إلى الخبر وغير أسلوب الكلام ؟ قلت : لعل السلام والسجود كانا ثابتين يومئذ فلهذا أخبر عنهما ، وجاء بلفظ الخبر بخلاف التحري والإتمام فإنهما ثبتا بهذا الأمر ، أو للإشعار بأنهما ليسا بواجبين كالتحري والإتمام . قلت : الفصاحة من التفنن في أساليب الكلام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أفصح الناس لا يجارى في فصاحته ، وقوله : " أو للإشعار بأنهما ليسا بواجبين " غير مسلم ، بل هما واجبان لمقتضى الأمر المطلق وهو قوله صلى الله عليه وسلم : من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم . والصحيح من المذهب هو الوجوب ، ذكره في المحيط والمبسوط والذخيرة والبدائع ، وبه قال مالك وأحمد ، وعند الكرخي من أصحابنا أنه سنة ، وهو قول الشافعي ، وعلى رواية : " فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ، ثم ليسجد سجدتين " لا يرد هذا السؤال فلا يحتاج إلى الجواب .

                                                                                                                                                                                  ومنها ما قاله الكرماني أيضا : ( فإن قلت ) : السجدة مسلم أنها ليست بواجبة ، لكن السلام واجب - قلت : وجوبه بوصف كونه قبل السجدتين ممنوع ، وأما نفس وجوبه فمعلوم من موضع آخر . قلت : قوله " مسلم " غير مسلم لما ذكرنا الآن ، وقوله : " ممنوع " غير ممنوع أيضا ؛ لأن محل السلام الذي هو للصلاة في آخرها متصلا بها ، فوجب بهذا الوصف ، ولا يمتنع أن يكون الشيء واجبا من جهتين .

                                                                                                                                                                                  ومنها : ما قيل إن التحري في حديث الباب محمول على الأخذ بالأقل الذي هو اليقين ؛ لأن التحري هو القصد ، ومنه قوله تعالى : تحروا رشدا . ومعنى قوله : " فليتحر الصواب " فليقصد الصواب فليعمل به ، وقصد الصواب هو ما بينه في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه عنه مسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدري كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على اليقين . . . الحديث ، وأجيب بأنه محمول على ما إذا تحرى ولم يقع تحريه على شيء ، فحينئذ نقول : إنه يبني على الأقل ولا يخالف هذا لما قلنا .

                                                                                                                                                                                  ومنها ما قيل : المصير إلى التحري لضرورة ، ولا ضرورة هاهنا ؛ لأنه يمكنه إدراك اليقين بدونه بأن يبني على الأقل ، فلا حاجة إلى التحري . وأجيب بأنه قد يتعذر عليه الوصول إلى ما اشتبه عليه بدليل من الدلائل ، والتحري عند عدم الأدلة مشروع كما في أمر القبلة ، فإن قيل : يستقبل - قلت : لا وجه لذلك ؛ لأنه عسى أن يقع له ثانيا وثانيا إلى ما لا يتناهى . [ ص: 143 ] فإن قيل : يبنيه على الأقل - قلت : لا وجه لذلك أيضا ؛ لأن ذلك لا يوصله إلى ما عليه ، فلا يبني على الأقل إلا عند عدم وقوع تحريه على شيء كما ذكرنا . .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية