الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  432 103 - ( حدثنا خلاد بن يحيى قال : حدثنا مسعر قال : حدثنا محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، قال مسعر : أراه قال ضحى ، فقال : صل ركعتين ، وكان لي عليه دين فقضاني وزادني ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن الترجمة في بيان الصلاة عند القدوم من السفر ، ومشروعية هذه الصلاة أعم من أن تكون بفعله صلى الله تعالى عليه وسلم وأن تكون بقوله ، فبين الأول بالحديث المعلق والثاني بحديث جابر هذا ، وقال بعضهم : ذكر حديث جابر بعد المعلق ليجمع بين فعل النبي عليه الصلاة والسلام وأمره ، فلا يظن أن ذلك من خصائصه ( قلت ) : قوله ( فلا يظن أن ذلك من خصائصه ) ليس كذلك ؛ لأنه يشعر أن كل فعل يصدر منه عليه الصلاة والسلام يظن فيه أنه من خصائصه ، وليس كذلك ، فإن مواضع الخصوص لها قرائن تدل على ذلك .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : ( فإن قلت ) ما وجه دلالته على الترجمة ؟ قلت : هذا الحديث مختصر من مطول ذكره في كتاب البيوع وغيره ، وفيه أنه قال : ( كنت مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في غزاة ، واشترى مني جملا بأوقية ، ثم قدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قبلي ، وقدمت بالغداة [ ص: 201 ] فوجدته على باب المسجد قال : الآن قدمت ؟ قلت : نعم ، قال : فادخل فصل ركعتين ) ، قلت : هذا في الحقيقة وجه الترجمة على ما ذكرناه ، ولكنه اقتصر على مجرد النقل ولم يوف حق الكلام ، وقال صاحب ( التلويح ) : وليس فيه ما بوب عليه هذا ؛ لأن لقائل أن يقول : إن جابرا لم يقدم من سفر لأنه ليس فيه ما يشعر بذلك ، قلت : هذا الكلام عجيب ، وكيف هذا ، والحديث مختصر من مطول ، وفيه التصريح بقدومه من السفر ، وقد جرت عادة البخاري في مثل هذا على الإحالة على أصل الحديث .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم أربعة : الأول : خلاد على وزن فعال بالتشديد ، مر في باب من بدأ بشقه الأيمن في الغسل ؛ الثاني : مسعر - بكسر الميم - مر في باب الوضوء بمد ؛ الثالث : محارب - بضم الميم وبالحاء المهملة وبكسر الراء ، وفي آخره باء موحدة - ابن دثار بكسر الدال المهملة وبالثاء المثلثة وبالراء ، السدوسي قاضي الكوفة ؛ الرابع : جابر بن عبد الله الأنصاري .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، وفيه العنعنة في موضع واحد ، وفيه أن رواته كلهم كوفيون ، وفيه من أفراد البخاري خلاد بن يحيى .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري في سبعة عشر موضعا هنا عن خلاد بن يحيى ، وفي الاستقراض كذلك ، وفي الهبة عن ثابت بن محمد ، وفي الجهاد عن سليمان بن حرب ، وفي الاستقراض عن أبي الوليد ، وفي الهبة عن بندار عن غندر ، وفي الشفاعة في وضع اليدين ، وفي الشروط في الجهاد في أربعة مواضع ، وفي النكاح في ثلاثة مواضع ، وفي النفقات والدعوات ، وأخرجه مسلم في الصلاة عن أحمد بن جواس ، وفيه وفي البيوع عن عبيد الله بن معاذ ، وفي البيوع أيضا عن يحيى بن حبيب ، وأخرجه أبو داود في البيوع عن أحمد بن حنبل ، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الأعلى ، وعن محمد بن منصور ، ومحمد بن عبد الله بن يزيد ، وفي السير عن عمرو بن يزيد .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وإعرابه ) ؛ قوله ( وهو في المسجد ) جملة حالية ؛ قوله ( أراه ) بضم الهمزة أي أظن ، والضمير المنصوب فيه يرجع إلى محارب ، وهذا كلام مدرج أعني قوله ( قال مسعر أراه قال ضحى ) ؛ قوله ( فقال ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قوله ( وكان لي عليه دين ) كذا هو في رواية الأكثرين ، وفي رواية الحموي ( وكان له ) أي لجابر عليه أي على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الدين كان ثمن جمل جابر ، وقال بعضهم : فيه التفات ، قلت : الالتفات لا يجيء إلا في رواية الحموي لا مطلقا ، وقال النووي : هذه الصلاة مقصودة للقدوم من السفر لا أنها تحية المسجد ، وفيه استحباب قضاء الدين زائدا ، وهو من باب المروءة ، وسيجيء فوائد هذا الحديث في موضعه إن شاء الله تعالى .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية