الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  469 140 - حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، قال : حدثنا فضيل بن سليمان ، قال : حدثنا موسى بن عقبة ، قال : رأيت سالم بن عبد الله يتحرى أماكن من الطريق فيصلي فيها ، ويحدث أن أباه كان يصلي فيها ، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في تلك الأمكنة ، وحدثني نافع ، عن ابن عمر أنه كان يصلي في تلك الأمكنة ، وسألت سالما ، فلا أعلمه إلا وافق نافعا في الأمكنة كلها ، إلا أنهما اختلفا في مسجد بشرف الروحاء .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم ستة ، الأول : محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم ، على وزن اسم المفعول [ ص: 269 ] البصري ، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين . الثاني : فضيل ، بضم الفاء ، وفتح الضاد المعجمة ، وسكون الياء آخر الحروف ، النميري ، بضم النون . الثالث : موسى بن عقبة ، بضم العين ، وسكون القاف ، وفتح الباء الموحدة ، تقدم في باب إسباغ الوضوء . الرابع : سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، تقدم في باب الحياء من الإيمان . الخامس : نافع مولى ابن عمر ، وقد تكرر ذكره . السادس : عبد الله بن عمر .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، وفيه الرواية بصيغة الماضي للتكلم ، وفيه صيغة التحديث بلفظ المضارع المفرد ، وبلفظ الماضي المفرد ، وفيه العنعنة في موضع واحد ، وفيه أن رواته ما بين بصري ومدني .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وما يستفاد منه ) . قوله : ( يتحرى ) ، أي : يقصد ويختار ويجتهد . قوله : ( أن أباه ) ، أي : عبد الله بن عمر بن الخطاب . قوله : ( وأنه ) ، أي : وأن أباه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا مرسل من سالم ، إذ ما اتصل سنده . قوله : ( وحدثني نافع ) القائل ذلك هو موسى بن عقبة ، وهو عطف على رأيت ، أي : قال موسى : وحدثني ، وسألت أيضا عطف عليه . قوله : ( بشرف الروحاء ) ، وهو موضع ارتفع من مكان الروحاء ، وهي بحاء مهملة ممدودة ، قال أبو عبيد الله البكري : هي قرية جامعة لمزينة على ليلتين من المدينة بينهما أحد وأربعون ميلا ، وقال كثير عزة : سميت الروحاء لكثرة أرواحها ، وبالروحاء بناء يزعمون أنه قبر مضر بن نزار ، وقال أبو عبيد : والنسبة إليهما روحاني على غير قياس ، وقد قيل : روحاوي على القياس ، وفي ( كتاب الجبال ) للزمخشري : بين المدينة ، والروحاء أربعة برد إلا ثلاثة أميال ، وفي ( صحيح مسلم ) في باب الأذان : ستة وثلاثون ميلا ، وفي كتاب ابن أبي شيبة على ثلاثين ميلا ، وقال ابن قرقول : هي من عمل الفرع على نحو من أربعين ميلا من المدينة ، وقال أبو عبيد : روى نافع ، عن مولاه أن بهذا الموضع المسجد الصغير دون الموضع الذي بالشرف ، قال : وروى أصحاب الزهري عنه عن حنظلة بن علي ، عن أبي هريرة : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم عليهما السلام بفج روحاء حاجا ، أو معتمرا ، أو بثنيتها ) ، وفي رواية الأعرج عن أبي هريرة مثله ، وروى غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، وقد وصل المسجد الذي ببطن الروحاء عند عرق الظبية : هذا واد من أودية الجنة ، وصلى في هذا الوادي قبلي سبعون نبيا عليهم السلام ، وقد مر به موسى بن عمران حاجا أو معتمرا في سبعين ألفا من بني إسرائيل ، ( ( فإن قلت ) ) : قد جاء عن عمر بن الخطاب خلاف فعل ابنه ، روى المعرور بن سويد : كان عمر في سفر ، فصلى الغداة ، ثم أتى على مكان فجعل الناس يأتونه ويقولون : صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : إنما هلك أهل الكتاب أنهم اتبعوا آثار أنبيائهم واتخذوها كنائس وبيعا ، فمن عرضت له الصلاة فليصل ، وإلا فليمض ، ( قلت ) : إن عمر إنما خشي أن يلتزم الناس الصلاة في تلك المواضع حتى يشكل على من يأتي بعدهم فيرى ذلك واجبا ، وعبد الله بن عمر كان مأمونا من ذلك ، وكان يتبرك بتلك الأماكن ، وتشدده في الاتباع مشهور ، وغيره ليس في هذا المقام .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية