الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  483 154 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة ، وأسامة بن زيد ، وبلال ، وعثمان بن طلحة الحجبي ، فأغلقها عليه ، ومكث فيها ، فسألت بلالا حين خرج : ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : جعل عمودا عن يساره ، وعمودا عن يمينه ، وثلاثة أعمدة وراءه ، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ، ثم صلى ، وقال لنا إسماعيل : حدثني مالك ، وقال : عمودين عن يمينه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : ( فجعل عمودا ) إلى آخره ، ورجاله قد تكرروا . قوله : ( وأسامة ) بالنصب عطفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويجوز رفعه عطفا على فاعل دخل . قوله : ( الحجبي ) بفتح الحاء المهملة ، ثم بالجيم ، وبالباء الموحدة المكسورة . قوله : ( فأغلقها ) ، أي : أغلق عثمان الكعبة ، أي : بابها ، ( ( فإن قلت ) ) : في رواية مالك إشكال ؛ لأنه قال : جعل عمودا عن يساره ، وعمودا عن يمينه ، وهذان اثنان ، ثم قال : وثلاثة أعمدة وراءه ، فتكون الجملة خمسة ، ثم قال : وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ، ( قلت ) : أجاب الكرماني عنه بأن لفظ العمود جنس يحتمل الواحد والاثنين ، فهو مجمل بينه مالك في رواية إسماعيل بن أبي أويس عنه ، وهي قوله : وقال لنا إسماعيل : حدثني مالك ، فقال : عمودين عن يمينه ، فحينئذ تكون الأعمدة ستة ، وقال خلف : لم أجده من حديث إسماعيل ، وقد اختلف عن مالك في لفظه ، فرواه مسلم ( عمودين عن يساره وعمودا عن يمينه ) عكس رواية [ ص: 285 ] إسماعيل ، وفي رواية البخاري : ( عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره ) ، قال البيهقي : وهو الصحيح ، وفي رواية : ( جعل عمودا عن يمينه وعمودين عن يساره ) عكس ما سبق ، وقد ذكر الدارقطني الاختلاف على مالك فيه ، فوافق الجمهور عبد الله بن يوسف في قوله : ( عمودا عن يمينه ) ، ووافق إسماعيل في قوله : ( عمودين عن يمينه ) ابن القاسم ، والقعنبي ، وأبو مصعب ، ومحمد بن الحسن ، وأبو حذافة ، وكذلك الشافعي ، وابن مهدي في إحدى الروايتين عنهما ، وأجاب قوم عنه باحتمال تعدد الواقعة ، وروى عثمان بن عمر عن مالك ( جعل عمودين عن يمينه وعمودين عن يساره ) فعلى هذا تكون الأعمدة سبعة ويردها قوله : ( وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ) بعد قوله : ( وثلاثة أعمدة وراءه ) ، وعن هذا قال الدارقطني : لم يتابع عثمان بن عمر على ذلك ، وأجاب الكرماني بجوابين آخرين ، الأول : هو أن الأعمدة الثلاثة المقدمة ما كانت على سمت واحد ، بل عمودان مسامتان ، والثالث على غير سمتها ، ولفظ المقدمين في الحديث السابق يشعر به ، فتعرض للعمودين المسامتين وسكت عن ثالثهما ، والثاني : أن تكون الثلاثة على سمت واحد ، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الوسطاني .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( وقال لنا إسماعيل ) وهو أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس ، وهذا موصول بواسطة قوله : لنا ، وهي رواية كريمة ، وفي رواية أبي ذر ، والأصيلي ، وقال إسماعيل ، بدون لفظ : لنا ، ورواية قال لنا أحط درجة من حدثنا . قوله : ( حدثني مالك ) يعني بهذا الحديث .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية