الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5833 باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سموا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي. قاله أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب في بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سموا"، أمر من سمى يسمي تسمية، ولا تكتنوا، من الاكتناء، والكنية كل مركب إضافي صدره أب أو أم؛ كأبي بكر، وأم كلثوم. قوله: " قاله أنس"؛ أي: قال أنس ما قاله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ومضى هذا التعليق موصولا في كتاب البيوع في باب: ما ذكر في الأسواق. قال البخاري: حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في السوق، فقال رجل: يا أبا القاسم، فالتفت إليه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: إنما دعوت هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سموا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي، وهذا الباب فيه خلاف. وقد عقد الطحاوي في هذا بابا وطول فيه من الأحاديث، والمباحث الكثيرة؛ فأول ما روى حديث علي رضي الله تعالى عنه، قال: قلت: يا رسول الله، إن ولد لي ولد أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم. قال: وكانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه، ثم قال: فذهب قوم إلى أنه لا بأس بأن يكتني الرجل بأبي القاسم، وأن يتسمى مع ذلك بمحمد، واحتجوا بالحديث المذكور. قلت: أراد بالقوم هؤلاء: محمد بن الحنفية، ومالكا، وأحمد في رواية، ثم افترق هؤلاء فرقتين، فقالت فرقة; وهم محمد بن سيرين، وإبراهيم النخعي، والشافعي: لا ينبغي لأحد أن يتكنى بأبي القاسم، كان اسمه محمدا أو لم يكن، وقالت فرقة أخرى; وهم الظاهرية، وأحمد في رواية: لا ينبغي لمن تسمى بمحمد أن يتكنى بأبي القاسم، ولا بأس لمن لم يتسم بمحمد أن يتكنى بأبي القاسم، وفي حديث الباب عن جابر على ما يأتي النهي عن الجمع بينهما، أعني بين الاسم والكنية، وقيل: المنع في حياته صلى الله عليه وسلم للإيذاء، وأبعد بعضهم فمنع التسمية بمحمد، وروى سالم بن أبي الجعد، كتب عمر رضي الله تعالى عنه إلى أهل الكوفة: لا تسموا باسم نبي، وروى أبو داود عن الحكم بن عطية، عن ثابت، عن أنس رفعه: تسمون أولادكم محمدا، ثم تلعنوه؟! وقال الطبري: يحمل النهي على الكراهة دون التحريم، وصحح الأخبار كلها، ولا تعارض، ولا نسخ، وكان إطلاقه لعلي رضي الله تعالى عنه في [ ص: 207 ] ذلك إعلاما منه أمته؛ ليفيد جوازه مع الكراهة، وترك الإنكار عليه دليل الكراهة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية