الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5899 27 - حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءه أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر حتى مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقا، فلا تؤذنا في مجالسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا فاقصص عليه، قال ابن رواحة: اغشنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى هموا أن يتواثبوا، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: أي سعد، ألم تسمع ما قال أبو حباب، يريد عبد الله بن أبي، قال كذا وكذا، [ ص: 247 ] قال: اعف عنه يا رسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: حتى مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي قوله: فسلم عليهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  وإبراهيم بن موسى الفراء. وأبو إسحاق الرازي يعرف بالصغير. وهشام بن يوسف الصنعاني. ومعمر، بفتح الميمين، ابن راشد.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في أواخر كتاب الأدب في باب: كنية المشرك، ومضى في تفسير سورة آل عمران أيضا، ومضى الكلام فيه هناك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ابن سلول" بالرفع; لأن سلول اسم أم عبد الله، ولا يظن أن سلول أبو أبي. والقطيفة، بفتح القاف؛ الدثار والمخمل نسبة إلى فدك، بفتح الفاء والدال المهملة، وهي قرية بخيبر. والعجاجة، بفتح العين المهملة وتخفيف الجيمين؛ الغبار. قوله: " خمر"؛ أي: غطى. قوله: " لا تغبروا"؛ أي: لا تثيروا الغبار. قوله: " لا أحسن"؛ أي: ليس شيء أحسن منه، والرحل، بالحاء المهملة؛ المنزل وموضع متاع الشخص. قوله: " واغشنا" من غشيه غشيانا؛ أي: جاء. قوله: " وهموا"؛ أي: قصدوا التحارب والتضارب، و"البحرة" البلدة، ويروى: "البحيرة" بالتصغير. و"التتويج" و"التعصيب" يحتمل أن يكون حقيقة، وأن يكون كناية عن جعله ملكا؛ لأنهما لازمان للملكية. قوله: " شرق" بكسر الراء؛ أي: غص به، يعني: بقي في حلقه لا يصعد ولا ينزل.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية