الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6870 71 - حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثني إبراهيم التيمي ، حدثني أبي قال : خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة ، فقال : والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة ، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل ، وإذا فيها المدينة حرم من عير إلى كذا ، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، وإذا فيه ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، وإذا فيها من والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ما قاله الكرماني : لعله استفاد من قول علي رضي الله تعالى عنه : تبكيت من تنطع في الكلام وجاء بغير ما في الكتاب والسنة ، وقال بعضهم : الغرض من إيراد الحديث هنا لعن من أحدث حدثا ، فإنه وإن قيد في الخبر بالمدينة فالحكم عام فيها وفي غيرها إذا كان من متعلقات الدين انتهى ، قلت : الذي قاله الكرماني هو المناسب لألفاظ الترجمة ، والذي قاله هذا القائل بعيد من ذلك يعرف بالتأمل .

                                                                                                                                                                                  وشيخ البخاري يروي عن أبيه حفص بن غياث بالغين المعجمة والثاء المثلثة ، عن سليمان الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، وإبراهيم يروي عن أبيه يزيد بن شريك التيمي .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في آخر الحج في باب حرم المدينة ، ومضى الكلام مستوفى فيه ، ولنذكر بعض شيء لبعد المسافة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " من آجر " قال الكرماني : الآجر بالمد وضم الجيم وتشديد الراء معرب ، وقال الجوهري : الآجر الذي يبنى به ، فارسي معرب ، ويقال أيضا : آجور على وزن فاعول ، وقال في باب الدال الترميد الآجر ، قلت : في لغة أهل مصر هو الطوب المشوي ، قوله : " أسنان الإبل " أي إبل الديات لاختلافها في العمد والخطأ وشبه العمد ، قوله : " عير " بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالراء جبل بمكة ، قوله : " إلى كذا " كناية [ ص: 39 ] عن موضع أو جبل ، قوله : " حدثا " أي بدعة أو ظلما ، قوله : " لعنة الله " المراد باللعنة هنا البعد عن الجنة أول الأمر بخلاف لعنة الكفار فإنها البعد عنها كل الإبعاد أولا وآخرا ، قوله : " صرفا ولا عدلا " الصرف الفريضة والعدل النافلة وقيل بالعكس ، قوله : " وإذا فيها ذمة المسلمين " أي في الصحيفة ، ويروى " فيه " أي في الكتاب ، والذمة العهد والأمان ، يعني أمان المسلم للكافر صحيح ، والمسلمون كنفس واحدة فيعتبر أمان أدناهم من العبد والمرأة ونحوهما ، قوله : " فمن أخفر " أي نقض عهده ، قوله : " والى " أي نسب نفسه إليهم كانتمائه إلى غير أبيه أو انتمائه إلى غير معتقه ، وذلك لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء وقطع الرحم ونحوه ، ولفظ " بغير إذن مواليه " ليس لتقييد الحكم به ، وإنما هو إيراد الكلام على ما هو الغالب .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية