الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1062 [ 1454 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن حبيب القاضي وهو عمر بن حبيب، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر قال: أن عمر قال: يا رسول الله إني أصبت من خيبر مالا لم أصب مالا قط أعجب إلي منه وأعظم عندي منه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت حبست أصله وسبلت ثمره " ، فتصدق عمر بن الخطاب به ثم حكى صدقته به.

التالي السابق


الشرح

عمر بن حبيب قاضي البصرة.

روى عن: ابن جريج، وهو ممن تكلموا فيه .

وآخر يقال له عمر بن حبيب، قال ابن عيينة: كان صاحبا لنا حافظا.

روى عن: عمرو بن دينار، والزهري.

وروى عنه: زيد بن رباح، يعد في المكيين [ ص: 59 ] .

وابن عون: هو عبد الله بن عون بن [أرطبان] أبو عمرو المزني، مولاهم، يقال: كان أرطبان مولى عبد الله بن مغفل.

سمع: ابن سيرين، ومجاهدا، وغيرهما.

وروى عنه: النضر بن شميل، وحماد بن زيد، ويزيد بن هارون، وسليم بن أخضر.

يقال: أنه مات سنة إحدى وخمسين ومائة .

والحديث من رواية ابن عون عن نافع مخرج في "الصحيحين" ، وروى البخاري عن قتيبة بن سعيد عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن ابن عون، ومسلم عن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي عن ابن عون قال: أنبأني نافع، عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أصاب أرضا بخيبر فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط أنفس عندي منه فما تأمر به؟

قال:" إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها".


قال: فتصدق بها عمر -رضي الله عنه- أنه لا تباع ولا توهب ولا تورث، وتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول.

و [في] بعض الروايات: قال ابن عون: فحدثت به ابن سيرين [ ص: 60 ] فقال: غير متأثل مالا أي: جامع، وكل شيء له أصل قديم وأجمع حتى يصير له أصل فهو مؤثل، وأثلة الشيء: أصله.

والحديث أصل في الوقف، وكان [للمهاجرين] والأنصار أوقاف بالمدينة وغيرها، ولم ينقل عن أحد منهم إنكار ذلك، واستدل به على جواز وقف الشائع؛ لأن قوله: "ملك مائة سهم من خيبر" يقتضي ظاهره الشيوع، ويروى أن ابن عمر جعل نصيبه من دار عمر سكنا لذوي الحاجة من آل عبد الله ، وعلى أنه يجوز لمن يتول أمر الوقف أن يأكل منه لما ذكر في رواية "الصحيحين"، وعلى أنه يجوز للواقف أن ينتفع بوقفه لأنه جوز الأكل لمن وليه وقد يليه الواقف، ويروى؛ أن أنسا رضي الله عنه وقف دارا بالمدينة وكان إذا حج مر بالمدينة فنزلها .

وقوله: "فتصدق به عمر بن الخطاب ثم حكى صدقته به" أي: حكي الراوي كيفية صدقته بذلك المال، وكأنه أشار به إلى ما في رواية "الصحيحين": أنه لا يباع ولا يوهب ... إلى آخره.




الخدمات العلمية