الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1758 [ 1506 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا إبراهيم بن محمد، عن محمد بن المنكدر، عن مالك بن أوس، عن عمر نحوه، وقال: إن عشت ليأتين الراعي بسرو حمير حقه .

التالي السابق


الشرح

مطر : هو ابن طهمان الوراق، أبو رجاء الخراساني، سكن البصرة.

روى عن: الحسن، والشعبي، وعمرو بن شعيب.

وسمع منه: هشام الدستوائي، وحماد بن زيد.

ويقال: أنه مات سنة خمس وعشرين ومائة.

والحكم: هو ابن عتيبة بن النهاس أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله مولى امرأة من كندة.

سمع: أبا جحيفة، وإبراهيم النخعي، ومجاهدا، وسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والقاسم بن مخيمرة.

وروى عنه: مسعر، ومنصور، وشعبة، وعبد الملك بن أبي غنية، وحمزة الزيات .

ولد سنة خمسين، ومات سنة خمس عشرة ومائة، وقيل: سنة ثلاث عشرة [ ص: 133 ] .

وشاهد الحديث قد قدمناه عن "سنن أبي داود".

وأحجار الزيت: موضع بالمدينة قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء.

وفيه دليل على بقاء سهم ذوي القربى بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الخلفاء بعده أعطوهم، ولأنهم أعطوا السهم عوضا عن الصدقة وتحريم الصدقة باق، وعن عمر رضي الله عنه تردد في أنه إذا كثر المال الخمس تاما أو يعطون بقدر حاجاتهم؟

وقوله: "لا يبلغ علمي إذا كثر أن يكون لكم كله" يشير إلى هذا التردد، هذا في خمس الغنيمة، وأما الفيء فذهب الشافعي إلى أنه يخمس أيضا ويقسم خمسه على خمسة أقسام كخمس الغنيمة، وفي أربعة أخماسه قولان:

أحدهما: أنها لمصالح المسلمين ويبدأ منها بالمقاتلة فيعطون منها قدر كفايتهم، ثم يصرف في الأهم فالأهم.

وأظهرهما: أنها للمقاتلة.

ومذهب عمر رضي الله عنه أن الفيء لا يخمس بل هو بأسره لجميع المسلمين يصرفه الإمام إلى مصالحهم على ما يراه.

وقوله: "ما أحد إلا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه" هو الذي أراد به، ويؤيده قوله: "لئن عشت ليأتين الراعي ... إلى آخره" يريد أني أعم العطاء حتى استوعب الذين بعدت ديارهم، وعن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية، فقال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى حتى بلغ: والذين جاءوا من بعدهم ثم قال: هذه استوعبت المسلمين عامة، فلئن عشت فليأتين الراعي وهو بسرو [ ص: 134 ] حمير نصيبه منها لم يعرق فيها جبينه .

والسرو مثل الخيف: وهو ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، وسرو حمير: محلتهم ومنزلهم، وحمير أبو قبيلة من اليمن: وهو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ومنهم كانت الملوك في الدهر الأول، ويروى بدل هذه اللفظة: "حتى يعدن".

وقوله: "إلا ما ملكت أيمانكم" قال الشافعي : لم يختلف أحد ممن لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة.

وما روي؛ أن ثلاثة مملوكين شهدوا بدرا فكان عمر رضي الله عنه يعطي كل رجل منهم كل سنة ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف . فقد يحتمل أنه خصصهم لشرفهم بشهود بدر، ويحتمل أنهم كانوا قد عتقوا وسموا مماليك باعتبار الحال السابقة، ويجيء الاحتمال الثاني فيما روي عن عائشة أنها قالت: كان أبي يقسم للحر والعبد ، وما روي عن علي وعثمان أنهما كانا يرزقان أرقاء الناس ويحتمل أن المراد أن ساداتهم أعطوا لهم ما يكفيهم، وذكر أبو سليمان الخطابي أن عامة الفقهاء تابعوا عمر رضي الله عنه في أن الفيء لا يخمس ولم يتابع الشافعي على ما قاله أحد، والمصير إلى قول الصحابي وهو الإمام العدل المأمور [ ص: 135 ] بالاقتداء به في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" أولى وأصوب.




الخدمات العلمية