الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس والثلاثون في أحاديث جامعة لأشراط الساعة أخبر بها صلى الله عليه وسلم وجد غالبها وفيه أنواع

                                                                                                                                                                                                                              روى الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من أشراط الساعة الفحش والتفحش ، وسوء الجوار ، وقطع الأرحام ، وأن يؤتمن الخائن ، ويخون الأمين ، كمثل القطعة الذهب الجيدة أوقد عليها ، فخلصت ووزنت فلم تنقص ، ومثل المؤمن كمثل النحلة أكلت طيبا ووضعت طيبا ، ألا إن أفضل الشهداء المقسطون ، ألا إن أفضل المهاجرين من هجر ما حرم الله عليه ، ألا إن أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده ، ألا إن حوضي طوله كعرضه ، أبيض من اللبن وأحلى من العسل ، آنيته عدد النجوم من أقداح الذهب والفضة ، من شرب منه شربة لم يظمأ آخر ما عليها أبدا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود الطيالسي والإمام أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ، ويفشو الزنا ، ويشرب الخمر ، ويقل الرجال ، وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبخاري وابن ماجه عن عمرو بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر ، وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البغوي وابن عساكر عن عروة بن محمد بن عطية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 167 ] قال : «إن من أشراط الساعة إخراب العامر ، وإعمار الخراب ، وأن يكون الغزو فداء ، وأن يتمرس الرجل بأمانته كما يتمرس البعير بالشجرة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بين يدي الساعة تقاتلون قوما نعالهم الشعر ، وهو هذا البارز» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل» .

                                                                                                                                                                                                                              زاد ابن أبي شيبة عن أنس ، وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتن عن مجاهد رضي الله عنه مرسلا : يمسي الرجل فيها مؤمنا ، ويصبح كافرا ، ويمسي كافرا ، ويصبح مؤمنا ، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عساكر في التاريخ عن ابن شريحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «بين يدي الساعة عشر آيات كالنظم في الخيط إذا سقطت منه واحدة توالت : خروج الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام ، وفتح يأجوج ومأجوج ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قبل المغرب مثل الترس ، فما تزال ترتفع إلى السماء حتى تملأ السماء ، ثم ينادي مناد : أيها الناس ، فيقبل الناس بعضهم على بعض ، هل سمعتم ؟ فمنهم من يقول : نعم ، ومنهم من يشك ، ثم ينادي الثانية : يا أيها الناس ، فيقول للناس : هل سمعتم ؟

                                                                                                                                                                                                                              فيقولون : نعم ، ينادي : أيها الناس ، أتى أمر الله فلا تستعجلوه ، فو الذي نفسي بيده ، إن الرجلين ينشران الثوب فما يطويانه ، وإن الرجل ليمدر حوضه ، فما يسقي منه شيئا أبدا ، وإن الرجل ليحلب ناقته ، فما يشربه أبدا»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ومسلم عن المستورد ونعيم بن حماد في الفتن عن ابن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «تقوم الساعة والروم أكثر الناس» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة ، حتى يأتي الرجل فيقول : من صعق فيكم الغداة ؟ فيقولون : صعق فلان وفلان وفلان» . [ ص: 168 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو يعلى والضياء عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا تقوم الساعة حتى لا تمطر السماء مطرا ، ولا تنبت الأرض شيئا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا تقوم الساعة حتى تزول الجبال عن أماكنها وترون الأمور العظام التي لم تكونوا ترونها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والترمذي وقال : غريب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان ، فتكون السنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، والجمعة كاليوم ، ويكون اليوم كالساعة ، وتكون الساعة كالضرمة بالنار» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج؛ وهو القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض ، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه : لا إرب لي فيه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبير وأبو نصر السجزي في الإبانة وابن عساكر عن أبي موسى ولا بأس بسنده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى يجعل كتاب الله عارا ، ويكون الإسلام غريبا ، وحتى تبدو الشحناء بين الناس ، وحتى يقبض العلم ، ويهرم الزمان ، وينقص عمر البشر ، وتنقص السنون والثمرات ، ويؤمن التهماء ويتهم الأمناء ، ويصدق الكاذب ، ويكذب الصادق ، ويكثر الهرج وهو القتل ، وحتى تبنى الغرف فتطاول ، وحتى تحزن ذوات الأولاد ، وتفرح العواقر ، ويظهر البغي والحسد والشح ، ويهلك الناس ، ويتبع الهوى ، ويقضى بالظن ، ويكثر المطر ، ويقل الثمر ، ويغيض العلم غيضا ، ويفيض الجهل فيضا ، ويكون الولد غيظا ، والشتاء قيظا ، وحتى يجهر بالفحشاء ، وتزوى الأرض زيا ، ويقوم الخطباء بالكذب؛ فيجعلون حقي لشرار أمتي ، فمن صدقهم بذلك ورضي به لم يرح رائحة الجنة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى سمويه والحاكم عن ابن عمر عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا تقوم الساعة حتى يخرج الدجال من يهودية أصبهان ، عينه اليمين ممسوحة ، والأخرى كأنها زهرة تشق الشمس شقا ، ويتناول الطير من الجولة ثلاث صيحات يسمعهن أهل المشرق وأهل المغرب ومعه جبلان جبل من دخان ونار ، وجبل من شجر وأنهار ، ويقول : هذه الجنة وهذه النار . [ ص: 169 ]

                                                                                                                                                                                                                              وسمعته يقول : يخرج من قبله كذاب ، قال : قلت : فما الثالث ؟ قال : «إنه أكذب الكذابين؛ إنه يخرج من قبل المشرق يتبعه حشارة العرب وسفلة الموالي أولهم مثبور ، وآخرهم مثبور ، هلاكهم على قدر سلطانهم ، عليهم اللعنة من الله دائمة» قال : فقلت : العجب كل العجب! قال : «وأعجب من ذلك سيكون ، فإذا سمعت به فالهرب الهرب» قال : قلت : كيف أصنع بمن خلفت ؟ قال : «مرهم فليلحقوا برؤوس الجبال» ، قال : قلت : فإن لم يتركوا وذاك ؟ قال : «مرهم أن يكونوا أحلاسا من أحلاس بيوتهم» قال : قلت : فإن لم يتركوا وذاك ؟ قال : «يا ابن عمر ، زمان خوف وهرج وسلب» ، قال : فقلت : يا أبا عبد الله ، ما لهذا الهرج من فرج ؟ قال : «بلى ، إنه ليس من هرج إلا وله فرج ، ولكن أين ما يبقى لها ، إنها فتنة ، يقال لها الجارفة ، تأتي على صريح العرب ، وصريح الموالي ، وذوي الكنوز ، وبقية الناس ، ثم تنجلي عن أقل من القليل»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم وابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يخرج الأعور الدجال من يهودية أصبهان ، لم تخلق له عين ، والأخرى كأنها كوكب ممزوجة من دم ، يشوي في الشمس شيئا ، يتناول الطير من الجولة ، ثلاث صيحات يسمعها أهل المشرق والمغرب ، له حمار ، ما بين عرض أذنيه أربعون باعا ، يطأ كل منهل في كل سبعة أيام يسير معه جبلان ، أحدهما فيه أشجار وثمار وماء ، وأحدهما فيه دخان ونار يقول : هذه الجنة ، وهذه النار» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الخطيب في فضائل قزوين والرافعي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «يخرج الدجال من يهودية أصبهان حتى يأتي الكوفة فيلحقه قوم من المدينة ، وقوم من الطور ، وقوم من ذي يمن ، وقوم من قزوين» ، قيل : يا رسول الله ، وما قزوين ؟

                                                                                                                                                                                                                              قال : «قوم يكونون بآخرة ، يخرجون من الدنيا زهدا فيها ، يرد الله بهم قوما من الكفر إلى الإيمان»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أما أول أشراط الساعة ، فنار تخرج من المشرق فيحشر الناس إلى المغرب» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير ، فلا تدع أحدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود والطيالسي والإمام أحمد ومسلم والأربعة وابن حبان عن أبي الطفيل عن [ ص: 170 ] حذيفة بن أسيد الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام ، ويأجوج ومأجوج ، ونار تخرج من قعرة عدن تسوق الناس إلى المحشر ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود والبيهقي عن سلامة ابنة الحر رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد فلا يجدون إماما يصلي بهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن عمرو بن تغلب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أشراط الساعة أن يقبض العلم ويفشو المال ، وتفشو التجارة» .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه الإمام أحمد والنسائي بلفظ : «ويكثر الهرج» .

                                                                                                                                                                                                                              وزاد : «ويظهر القلم ، ويبيع الرجل البيع ، فيقول : لا ، حتى أستأمر تاجر بني فلان ، ويلتمس في الحواء العظيم الكاتب فلا يوجد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن النجار عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويظهر الجهل» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى العسكري في الأمثال عن عمر ورجاله ثقات : «إن من أشراط الساعة أن يغلب على الدنيا لكع بن لكع ، وأفضل الناس مؤمن بين كريمين» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني وابن المبارك عن أبي أمية الجمحي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عن الأصاغر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم عن عمرو بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أشراط الساعة أن يفيض المال ، ويكثر الجهل ، وتظهر الفتن ، وتفشو التجارة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أشراط الساعة إذا كانت التحية على المعرفة» . [ ص: 171 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية