التنبيه الموفي مائة :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية : «فإن قلت :
nindex.php?page=treesubj&link=30364_33678_29021ما معنى قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=29ما يبدل القول لدي [ق : 29] ؟ فإن كان المراد لا يبدل الخبر فكيف يطلق الحديث ، لأن السياق في الأحكام فلهذا نسخ الخمسين إلى خمس وتبديل النسخ لا يبقي ، فإن كان المراد لا يبدل الحكم فقد تقرر أن النسخ في الأحكام جائز وقد وقع في هذا الحديث إلى خمس . فالجواب أنه تعالى إذا أخبر عن الحكم أنه مؤبد استحال التبديل والنسخ حينئذ لأجل العلم ، وقد أخبر الله تعالى أنه الفريضة أي أبدها فلا يبدل الخبر ولا يتوقع النسخ بعد ذلك والله تعالى أعلم» .
ويكون المراد أنه تعالى وعد هذه الأمة على ألسنة الملائكة أو في صحفها أن لهم أجر خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فلما نسخها إلى خمس حصل للعدد نقص ، وإن الأجر المراد لم ينقص لأن الحسنة بعشر أمثالها ، ولهذا قال تعالى : هن خمس وهن خمسون أي هن خمس عددا وخمسون اعتدادا ، ذلك الفضل من الله ، ويكون ذلك كقوله في الصيام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=887144«من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر» ، بتأويل أن
nindex.php?page=treesubj&link=29703_28847الحسنة بعشر أمثالها ، فستة وثلاثون في عشرة بثلاثمائة وستين عدد أيام السنة .
واعتبرت الصلاة بما تحتاج إليه كل صلاة من وضوء ونحوه ، فوجد لها ما يأتي على ساعتين وبعض الساعة غالبا ، فعلم بذلك أن الخمسين لو استقرت على أمة لاستوعبت اليوم والليلة لما تحتاج إليه كل صلاة من طهارة وغيرها ، وكانت الطهارة واجبة التجديد في أول الأمر ، ثم نسخ الواجب إلى الندب ، فكأن المصلي من هذه الأمة لهذه الخمس استوعب الدهر صلاة وكأنه أيضا استوعب الدهر صياما .
[ ص: 150 ]
والظاهر أن نقص الخمسين إلى خمس ليس من تبديل القول لأنه تبديل تكليف ، وأما بعد الإخبار بالخمس والخمسين فتبديل أخبار .
التَّنْبِيهُ الْمُوفِي مِائَةً :
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابْنُ دِحْيَةَ : «فَإِنْ قُلْتَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30364_33678_29021مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=29مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ [ق : 29] ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ لَا يُبَدَّلُ الْخَبَرُ فَكَيْفَ يُطْلَقُ الْحَدِيثُ ، لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي الْأَحْكَامِ فَلِهَذَا نَسَخَ الْخَمْسِينَ إِلَى خَمْسٍ وَتَبْدِيلُ النَّسْخِ لَا يُبْقِي ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ لَا يُبَدَّلُ الْحُكْمُ فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّسْخَ فِي الْأَحْكَامِ جَائِزٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى خَمْسٍ . فَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَخْبَرَ عَنِ الْحُكْمِ أَنَّهُ مُؤَبَّدٌ اسْتَحَالَ التَّبْدِيلُ وَالنَّسْخُ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ الْعِلْمِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ الْفَرِيضَةُ أَيْ أَبَدَهَا فَلَا يُبَدَّلُ الْخَبَرُ وَلَا يُتَوَقَّعُ النَّسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ» .
وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى وَعَدَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ فِي صُحُفِهَا أَنَّ لَهُمْ أَجْرَ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَلَمَّا نَسَخَهَا إِلَى خَمْسٍ حَصَلَ لِلْعَدَدِ نَقْصٌ ، وَإِنَّ الْأَجْرَ الْمُرَادَ لَمْ يَنْقُصْ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ أَيْ هُنَّ خَمْسٌ عَدَدًا وَخَمْسُونَ اعْتِدَادًا ، ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ فِي الصِّيَامِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=887144«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالَ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ» ، بِتَأْوِيلِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29703_28847الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، فَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ فِي عَشَرَةٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ عَدَدَ أَيَّامِ السَّنَةِ .
وَاعْتُبِرَتِ الصَّلَاةُ بِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ صَلَاةٍ مِنْ وُضُوءٍ وَنَحْوِهِ ، فَوَجَدَ لَهَا مَا يَأْتِي عَلَى سَاعَتَيْنِ وَبَعْضِ السَّاعَةِ غَالِبًا ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْخَمْسِينَ لَوِ اسْتَقَرَّتْ عَلَى أُمَّةٍ لَاسْتَوْعَبَتِ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ صَلَاةٍ مِنْ طَهَارَةٍ وَغَيْرِهَا ، وَكَانَتِ الطَّهَارَةُ وَاجِبَةَ التَّجْدِيدِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ، ثُمَّ نُسِخَ الْوَاجِبُ إِلَى النَّدْبِ ، فَكَأَنَّ الْمُصَلِّيَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِهَذِهِ الْخَمْسِ اسْتَوْعَبَ الدَّهْرَ صَلَاةً وَكَأَنَّهُ أَيْضًا اسْتَوْعَبَ الدَّهْرَ صِيَامًا .
[ ص: 150 ]
وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَقْصَ الْخَمْسِينَ إِلَى خَمْسٍ لَيْسَ مِنْ تَبْدِيلِ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ تَبْدِيلُ تَكْلِيفٍ ، وَأَمَّا بَعْدُ الْإِخْبَارِ بِالْخَمْسِ وَالْخَمْسِينَ فَتَبْدِيلُ أَخْبَارٍ .