الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 550 ] قصة عمرو بن سعدى القرظي حين مر على ديار بني النضير ، وقد صارت يبابا ليس بها داع ولا مجيب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد كانت بنو النضير أشرف من بني قريظة حتى حداه ذلك على الإسلام ، وأظهر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التوراة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الواقدي : حدثنا إبراهيم بن جعفر ، عن أبيه قال : لما خرجت بنو النضير من المدينة أقبل عمرو بن سعدى فأطاف بمنازلهم فرأى خرابها ، وفكر ثم رجع إلى بني قريظة فوجدهم في الكنيسة ، فنفخ في بوقهم ، فاجتمعوا ، فقال الزبير بن باطا : يا أبا سعيد ، أين كنت منذ اليوم لم نرك ؟ وكان لا يفارق الكنيسة ، وكان يتأله في اليهودية ، قال : رأيت اليوم عبرا قد عبرنا بها ; رأيت منازل إخواننا خالية بعد ذلك العز والجلد ، والشرف الفاضل والعقل البارع ، قد تركوا أموالهم ، وملكها غيرهم ، وخرجوا [ ص: 551 ] خروج ذل ، ولا والتوراة ما سلط هذا على قوم قط لله بهم حاجة ، وقد أوقع قبل ذلك بابن الأشرف ذي عزهم ، ثم بيته في بيته آمنا ، وأوقع بابن سنينة سيدهم ، وأوقع ببني قينقاع فأجلاهم ، وهم أهل جد يهود ، وكانوا أهل عدة وسلاح ونجدة ، فحصرهم ، فلم يخرج إنسان منهم رأسه حتى سباهم ، وكلم فيهم ، فتركهم على أن أجلاهم من يثرب ، يا قوم ، قد رأيتم ما رأيتم ، فأطيعوني وتعالوا نتبع محمدا ، فوالله إنكم لتعلمون أنه نبي ، قد بشرنا به وبأمره ابن الهيبان أبو عمير ، وابن حراش وهما أعلم يهود ، جاءانا يتوكفان قدومه ، وأمرانا باتباعه ، جاءانا من بيت المقدس ، وأمرانا أن نقرئه منهما السلام ، ثم ماتا على دينهما ، ودفناهما بحرتنا هذه . فأسكت القوم فلم يتكلم منهم متكلم ، ثم أعاد هذا الكلام ونحوه ، وخوفهم بالحرب والسباء والجلاء . فقال الزبير بن باطا : قد والتوراة قرأت صفته في كتاب باطا ; التوراة التي نزلت على موسى ليس في المثاني الذي أحدثنا . قال : فقال له كعب بن أسد : ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتباعه ؟ قال : أنت . قال كعب : فلم ، والتوراة ما حلت بينك وبينه قط ؟ قال الزبير : بل أنت صاحب عهدنا وعقدنا ، فإن اتبعته اتبعناه ، وإن أبيت أبينا . فأقبل عمرو بن سعدى على [ ص: 552 ] كعب . فذكر ما تقاولا في ذلك ، إلى أن قال كعب : ما عندي في أمره إلا ما قلت : ما تطيب نفسي أن أصير تابعا . رواه البيهقي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية