الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ( 44 ) ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين ( 45 ) وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ( 46 ) ) .

[ ص: 292 ] قوله تعالى : ( بجانب الغربي ) : أصله أن يكون صفة ؛ أي بالجانب الغربي ؛ ولكن حول عن ذلك وجعل صفة لمحذوف ضرورة امتناع إضافة الموصوف إلى الصفة ؛ إذ كانت هي الموصوف في المعنى ، وإضافة الشيء إلى نفسه خطأ ؛ والتقدير : جانب المكان الغربي .

و ( إذ ) : معموله للجار ، أو لما يتعلق به .

( وما كنت من الشاهدين ) : أي إذ قضينا .

و ( تتلو ) : في موضع نصب خبرا ثانيا ، أو حالا من الضمير في ثاويا .

و ( لكن رحمة ) أي أعلمناك ذلك للرحمة ، أو أرسلناك .

قال تعالى : ( فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون ( 48 ) ) .

قوله تعالى : ( قالوا سحران ) : هو تفسير لقوله : أولم يكفروا . وساحران بالألف : أي موسى وهارون .

وقيل : موسى ومحمد صلى الله وسلم عليهما .

وسحران - بغير ألف ؛ أي القرآن والتوراة .

قال تعالى : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ( 50 ) ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ( 51 ) الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ( 52 ) وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ( 53 ) أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون ( 54 ) ) .

و ( من أضل ) : استفهام في معنى النفي ؛ أي لا أحد أضل .

و ( وصلنا ) : بالتشديد والتخفيف متقاربان في المعنى .

و ( الذين ) : مبتدأ ، و " هم به يؤمنون " : خبره . و ( مرتين ) : في موضع المصدر .

[ ص: 293 ] قال تعالى : ( وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون ( 57 ) ) قوله تعالى : ( أولم نمكن لهم حرما ) : عداه بنفسه ؛ لأن نمكن : نجعل ؛ وقد صرح به في قوله : ( أولم يروا أنا جعلنا حرما ) [ العنكبوت : 67 ] .

و ( آمنا ) ؛ أي من الخسف ، وقصد الجبابرة . ويجوز أن يكون بمعنى يؤمن من لجأ إليه ، أو ذا أمن .

و ( رزقا ) : مصدر من معنى يجبى .

قال تعالى : ( وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين ( 58 ) ) .

و ( كم ) : في موضع نصب بـ " أهلكنا " .

و ( معيشتها ) : نصب ببطرت ؛ لأن معناه : كفرت نعمتها ، أو جهلت شكر معيشتها ، فحذف المضاف .

وقيل : التقدير : في معيشتها ، وقد ذكر في : ( سفه نفسه ) [ البقرة : 130 ] .

و ( لم تسكن ) : حال ، والعامل فيها الإشارة .

ويجوز أن تكون في موضع رفع على ما ذكر في قوله تعالى : ( وهذا بعلي شيخا ) [ هود : 72 ] .

و ( إلا قليلا ) : أي زمانا قليلا .

قال تعالى : ( وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون ( 60 ) ) .

قوله تعالى : ( فمتاع الحياة الدنيا ) أي فالمؤتى متاع .

قال تعالى : ( أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ( 61 ) ) .

قوله تعالى : ( ثم هو ) : من أسكن الهاء شبه " ثم " بالواو والفاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية