الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ القول في التزويج على خياطة ثوب بعينه ]

                                                                                                                                            مسألة : قال المزني : " وكذا لو قال نكحت على خياطة ثوب بعينه فهلك الثوب ، فلها مهر مثلها ، وهذا أصح من قوله : لو مات رجعت في ماله بأجر مثله في تعليمه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في رجل تزوج امرأة ، وأصدقها خياطة ثوب بعينه ، فهذا يجوز إذا وصفت الخياطة ، كما يجوز أن يعقد عليه إجارة ، فإن تجدد ما يمنع عن خياطته فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون بتلف الثوب .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون بعطلة الزوج بزمانة أو عمى .

                                                                                                                                            فإن تلف الثوب ، ففي بطلان الصداق وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو الذي نص عليه المزني هاهنا - : أن الصداق باطل ؛ لأنه معين في تالف ، فصار كما لو أصدقها حصاد زرع فهلك .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الصداق جائز ؛ لأن الثوب مستوفى به الصداق ، وليس هو الصداق ، فصار كمن استأجر دارا ليسكنها ، أو دابة ليركبها فهلك قبل السكنى والركوب ، لم تبطل الإجارة ؛ لهلاك من تستوفى به المنفعة ، كذلك تلف الثوب قبل الخياطة .

                                                                                                                                            وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قوليه فيمن خالع زوجته على رضاع ولد فمات ، هل يبطل بموته أم لا ؟ على قولين لأن الولد يستوفى به الرضاع المستحق .

                                                                                                                                            وإن تعطل الزوج عن الخياطة بعمى أو بزمانة مع بقاء الثوب ، فإن كان الصداق في ذمته ، لزمه أن يستأجر من يقوم بخياطته ، ولا يبطل الصداق بزمانته .

                                                                                                                                            وإن كان الصداق معقودا عليه في عينه بطل بزمانته وعطلته ؛ لأن الصداق مستوفى منه ، فبطل بتلفه كموت العبد المستأجر ، وانهدام الدار المكراة ، فصار استيفاء الصداق متعلقا بثلاثة أشخاص : مستوفى له ، ومستوفى به ، ومستوفى منه .

                                                                                                                                            فالمستوفى له : هي الزوجة ، وموتها لا يؤثر في فساده .

                                                                                                                                            [ ص: 418 ]

                                                                                                                                            والمستوفى منه : هو الزوج ، وموته مؤثر في فساده .

                                                                                                                                            والمستوفى به : هو الثوب ، وفي فساد الصداق بتلفه وجهان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية