الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل لا يجوز لوالد منع ولده من حج واجب ، ولا تحليله منه ، ولا يجوز للولد طاعته فيه ، وله منعه من التطوع ، كالجهاد ، فدل أنه لا يجوز له سفر مستحب بلا إذن ، وهو ظاهر ما ذكره الشيخ في بحث مسألة الجهاد ، ويتوجه : يستحب استئذانه . فإن ظن أنه ينضر به وجب وأنه واجب للجهاد لأنه يراد للشهادة بخلاف غيره ، كما فرق الأصحاب بين السفر له ولغيره في مسألة المدين ، ولا يجوز تحليله منه ، لوجوبه بشروعه .

                                                                                                          وقال أحمد في الفرض : إن لم تأذن لك أمك وكان عندك زاد وراحلة فحج ولا تلتفت إلى إذنها واخضع لها ودارها . ويلزمه طاعة [ ص: 225 ] والديه في غير معصية ، ويحرم فيها ، ولو أمره بتأخير الصلاة ليصلي به أخرها ، نص على ذلك كله ، قال في المستوعب وغيره : ولو كانا فاسقين ، وهو إطلاق كلام أحمد ، وقال شيخنا : هذا فيما فيه نفع لهما ولا ضرر عليه ، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا ، وإنما لم يقيده أبو عبد الله لسقوط فرائض الله بالضرر ، وعلى هذا بنينا تملكه من ماله ، فنفعه كماله ، فليس الولد بأكثر من العبد ، هذا كلامه ، ونقل أبو الحارث فيمن تسأله أمه شراء ملحفة للخروج إن كان خروجها في بر وإلا فلا يعينها على الخروج ، ونقل جعفر : إن أمرني أبي بإتيان السلطان له علي طاعة ؟ قال : لا ، فيحمل في هذا والذي قبله أنه وسيلة ومظنة في المحرم ، فلا مخالفة لما سبق ، وظاهرهما المخالفة ، وأنه لا طاعة إلا في البر ، ونقل المروذي : ما أحب أن يقيم معهما على الشبهة ، لأنه عليه السلام قال : { من ترك الشبهة فقد استبرأ لدينه وعرضه } ولكن يداري ، فظاهره لا طاعة في مكروه ، ونقل غيره فيمن تعرض عليه أمه شبهة بأكل فقال : إن علم أنه حرام بعينه فلا يأكل .

                                                                                                          وقال أحمد : إن منعاه الصلاة نفلا يداريهما ويصلي ، فظاهره لا طاعة في ترك مستحب .

                                                                                                          وقال : إن نهاه أبوه عن الصوم لا يعجبني صومه ولا أحب لأبيه أن ينهاه ، فظاهره لا تجب طاعته في تركه ، وذكر صاحب المحرر وتبعه ابن تميم لا يجوز منع ولده من سنة راتبة وأن مثله المكتري والزوج والسيد ، فيحتمل أنه بناه على الإثم بترك سنة [ راتبة ] ويأتي في [ ص: 226 ] العدالة في الشهادة ، وسبق كلام القاضي في الصلاة على الميت وفي زيارة القبور وإهداء القرب ، وقوله : ندب إلى طاعة أبيه ، وقول أحمد فيمن يتأخر من الصف الأول لأجل أبيه : لا يعجبني ، هو يقدر يبر أباه بغير هذا ، ويأتي أول الطلاق [ إن شاء الله تعالى ] [ كلام أحمد ] فيمن يأمره أحد أبويه بالطلاق ، وكلام شيخنا في أمره بنكاح معينة .

                                                                                                          وقال في الغنية : يجوز ترك النوافل لطاعتهما ، بل الأفضل طاعتهما ، والمسألة مذكورة في الآداب الشرعية نحو ثلث الكتاب ، والله أعلم .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية