الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الخامس : أن يقسم ماله بعدد الأصناف الموجودين في بلده ، فإن استيعاب الأصناف واجب وعليه يدل ظاهر قوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية فإنه يشبه قول المريض : إنما ثلث مالي للفقراء والمساكين وذلك يقتضي التشريك في التمليك .

والعبادات ينبغي أن يتوقى عن الهجوم فيها على الظواهر .

وقد عدم من الثمانية صنفان في أكثر البلاد ، وهم المؤلفة قلوبهم والعاملون على الزكاة .

ويوجد في جميع البلاد أربعة أصناف الفقراء والمساكين والغارمون والمسافرون أعني أبناء السبيل ، وصنفان يوجدان في بعض البلاد دون البعض ، وهم الغزاة والمكاتبون .

التالي السابق


(الخامس: أن يقسم ماله بعدد الأصناف الموجودين في بلده، فإن استيعاب الأصناف واجب) عند القدرة عليهم، سواء فرق بنفسه أو فرق الإمام، (وعليه) أي: على وجوب الاستيعاب (يدل ظاهر قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) الآية (فإنه شبيه قول المريض: إنما ثلث مالي للفقراء والمساكين) أضاف جميع الصدقات إليهم بلام التمليك والشرك بينهم بواو التشريك، (وذلك يقتضي التشريك في التمليك) ، وفيه تحقيق وتأكيد وحصر يقتضي حصر جنس الصدقات على الأصناف المعدودة، ولأنها مختصة بهم لا تتجاوز إلى غيرهم؛ لأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم (والعبادات ينبغي أن يتوقى) أي: يتحفظ (عن الهجوم فيها على الظواهر وقد عدم من) الأصناف (الثمانية في أكثر البلاد صنفان، وهم المؤلفة قلوبهم والعاملون على الزكاة) وفيه تفصيل يأتي في الفصل الثالث، (ويوجد في جميع البلاد أربعة أصناف) وهم: (الفقراء والمساكين والغارمون) وهم المدينون (والمسافرون أعني أبناء السبيل، وصنفان يوجدان في بعض البلاد دون بعض، وهم الغزاة) تفسيرا لقوله: وفي سبيل الله (والمكاتبون) تفسيرا لقوله: وفي الرقاب عند الكل سوى مالك كما سيأتي، فإذا قلنا بإسقاط العامل فرق على سبعة، سواء فرق بنفسه أو الإمام، وحكي قول: إذا فرق بنفسه سقط أيضا نصيب المؤلفة، وفيه تفصيل يأتي، ومتى فقد صنف أو أكثر قسم المال على الباقين، فإن لم يوجد أحد من الأصناف حفظت الزكاة حتى يوجدوا أو يوجد بعضهم، وإذا قسم الإمام لزمه استيعاب آحاد كل صنف، ولا يجوز الاقتصار على بعضهم؛ لأن الاستيعاب لا يعتذر عليه، وليس المراد أنه يستوعبهم بزكاة كل شخص، بل يستوعبهم من الزكوات الحاصلة في يده، وله أن يخص بعضهم بنوع من المال وآخرين بنوع، فإن قسم المالك فإن أمكنه الاستيعاب بأن كان المستحقون في البلد محصورين يفي بهم المال فقد أطلق في التتمة أنه يجب الاستيعاب، وفي التهذيب يجب إن لم نجوز نقل الصدقة وإلا فيستحب، وإن لم يكن سقط الوجوب والاستحباب اهـ .




الخدمات العلمية