الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3741 ) فصل : فأما حقوق الله تعالى فما كان منها حدا كحد الزنى والسرقة ، جاز التوكيل في استيفائه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : اغد يا أنيس إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها . فغدا عليها أنيس ، فاعترفت ، فأمر بها فرجمت } . متفق عليه . { وأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم ماعز ، فرجموه } . ووكل عثمان عليا في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة . ووكل علي الحسن في ذلك ، فأبى الحسن ، فوكل عبد الله بن جعفر ، فأقامه ، وعلي يعد . رواه مسلم .

                                                                                                                                            ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك ; لأن الإمام لا يمكنه تولي ذلك بنفسه . ويجوز التوكيل في إثباتها . وقال أبو الخطاب : لا يجوز في إثباتها . وهو قول الشافعي ; لأنها تسقط بالشبهات ، وقد أمرنا بدرئها بها ، والتوكيل يوصل إلى الإيجاب .

                                                                                                                                            ولنا ، حديث أنيس ; { فإن النبي صلى الله عليه وسلم وكله في إثباته واستيفائه جميعا ، فإنه قال : فإن اعترفت فارجمها } . وهذا يدل على أنه لم يكن ثبت ، وقد وكله في إثباته واستيفائه جميعا . ولأن الحاكم إذا استناب ، دخل في ذلك الحدود ، فإذا دخلت في التوكيل بطريق العموم ، وجب أن تدخل بالتخصيص بها أولى ، والوكيل يقوم مقام الموكل في درئها بالشبهات .

                                                                                                                                            وأما العبادات ، فما كان منها له تعلق بالمال ، كالزكاة والصدقات والمنذورات والكفارات ، جاز التوكيل في قبضها وتفريقها ، ويجوز للمخرج التوكيل في إخراجها ودفعها إلى مستحقها . ويجوز أن يقول لغيره : أخرج زكاة مالي من مالك ; لأن { النبي صلى الله عليه وسلم بعث عماله لقبض الصدقات وتفريقها ، وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوك [ ص: 54 ] بذلك ، فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب } . متفق عليه .

                                                                                                                                            ويجوز التوكيل في الحج إذا أيس المحجوج عنه من الحج بنفسه ، وكذلك العمرة . ويجوز أن يستناب من يحج عنه بعد الموت . وأما العبادات البدنية المحضة ، كالصلاة والصيام والطهارة من الحدث ، فلا يجوز التوكيل فيها ; لأنها تتعلق ببدن من هي عليه ، فلا يقوم غيره مقامه فيها ، إلا أن الصيام المنذور يفعل عن الميت ، وليس ذلك بتوكيل ; لأنه لم يوكل في ذلك ، ولا وكل فيه غيره . ولا يجوز في الصلاة إلا في ركعتي الطواف تبعا للحج . وفي فعل الصلاة المنذورة ، وفي الاعتكاف المنذور عن الميت روايتان .

                                                                                                                                            ولا تجوز الاستنابة في الطهارة ، إلا في صب الماء ، وإيصال الماء للأعضاء ، وفي تطهير النجاسة عن البدن والثوب وغيرهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية