الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4526 باب في فضائل عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما

                                                                                                                              ونحوه في النووي.

                                                                                                                              (التعريف بابن عباس)

                                                                                                                              وكان ولادته "رضي الله عنه" قبل الهجرة بثلاث سنين، بالشعب قبل خروج بني هاشم منه.

                                                                                                                              وحنكه صلى الله عليه وآله وسلم بريقه. وسماه: "ترجمان القرآن". وكان طويلا، أبيض، جسيما، وسيما، صبيح الوجه، وكان من علماء الصحابة.

                                                                                                                              قال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس، قلت: "أجمل الناس".

                                                                                                                              [ ص: 544 ]

                                                                                                                              فإذا تكلم، قلت: "أفصح الناس" وإذا تحدث قلت: "أعلم الناس".

                                                                                                                              وقال عطاء: كان ناس يأتون ابن عباس: في الشعر والأنساب، وناس يأتون: لأيام العرب ووقائعها، وناس يأتون: للعلم، والفقه. فما منهم صنف، إلا ويقبل عليهم بما شاءوا.

                                                                                                                              وقال فيه عمر بن الخطاب: عبد الله فتى الكهول، له لسان سيول، وقلب عقول.

                                                                                                                              وقال طاوس: أدركت نحو خمسمائة من الصحابة، إذا ذكروا ابن عباس فخالفوه، لم يزل يقررهم: حتى ينتهوا إلى قوله.

                                                                                                                              وتوفي "رحمه الله": بالطائف -بعد أن عمي- سنة ثمان وستين، وهو ابن سبعين سنة، وصلى عليه محمد ابن الحنفية، "رضي الله عنهما".

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص 37 ج16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              ( عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم: أتى الخلاء: فوضعت له وضوءا. فلما خرج، قال: "من وضع هذا؟" في رواية زهير: "قالوا". وفي رواية أبي بكر: "قلت": ابن [ ص: 545 ] عباس. قال: "اللهم فقهه في الدين") . )

                                                                                                                              وزاد في حديث آخر: "وعلمه التأويل". وفي رواية: "علمه تأويل القرآن" . وعند يعقوب بن سفيان -في تاريخه- بإسناد صحيح، عن أبي وائل؛ قال: قرأ ابن عباس "سورة النور" ثم جعل يفسرها، فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم: أسلمت).

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              وبالجملة؛ فيه: فضيلة الفقه، وهو فهم الكتاب والسنة المطهرة، واستحباب الدعاء بظهر الغيب، واستحباب الدعاء لمن عمل عملا خيرا مع الإنسان.

                                                                                                                              وفيه: إجابة دعاء النبي، صلى الله عليه وآله وسلم له، فكان من الفقه بالمحل الأعلى، ومن فهم القرآن بالمكان الأقصى، ومن هنا يقال: "حبر الأمة وبحرها".

                                                                                                                              وفي البخاري؛ (قال: ضمني النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: [ ص: 546 ] إلى صدره، وقال: "اللهم! علمه الحكمة") فسرها أبو ذر بقوله: "هي الإصابة في غير النبوة".

                                                                                                                              وقال "ابن وهب": قلت لمالك: ما الحكمة؟ قال: معرفة الدين، والتفقه فيه، والاتباع له.

                                                                                                                              وقال الشافعي "رحمه الله": "الحكمة": سنة رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم. واستدل لذلك بأنه تعالى ذكر تلاوة الكتاب وتعليمه، ثم عطف عليه "الحكمة" يعني في قوله: ويعلمهم الكتاب والحكمة فوجب أن يكون المراد من الحكمة: شيئا خارجا عن الكتاب، وليس ذلك إلا السنة، وهذا المعنى هو المتعين.

                                                                                                                              وقيل: هي الفصل بين الحق والباطل.

                                                                                                                              وقد بسط ابن عادل: الكلام على تفسير الحكمة. والصواب: ما قدمناه عن الشافعي، "رحمه الله تعالى".




                                                                                                                              الخدمات العلمية