الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4520 باب في فضل أبي ذر الغفاري، رضي الله عنه

                                                                                                                              ونحوه في النووي.

                                                                                                                              (التعريف بأبي ذر)

                                                                                                                              واسمه الشريف: "جندب بن جنادة". و"غفار" بكسر الغين، [ ص: 585 ] وتخفيف الفاء. هو "غفار بن مليل" مصغرا، ابن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة. منهم: هذا الصحابي الجليل القدر.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 27- 31 ج 16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عبد الله بن الصامت، قال: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا "غفار" -وكانوا يحلون الشهر الحرام- فخرجت أنا وأخي "أنيس"، وأمنا، فنزلنا على خال لنا. فأكرمنا خالنا، وأحسن إلينا. فحسدنا قومه؛ فقالوا: إنك إذا خرجت عن أهلك، خالف إليهم "أنيس" فجاء خالنا، فنثا علينا: الذي قيل له. فقلت: أما ما مضى من معروفك: فقد كدرته، ولا جماع لك فيما بعد. فقربنا صرمتنا، فاحتملنا عليها. وتغطى خالنا ثوبه، فجعل يبكي. فانطلقنا، حتى نزلنا بحضرة مكة. فنافر "أنيس" عن صرمتنا، وعن مثلها. فأتيا الكاهن. فخير أنيسا، فأتانا "أنيس" بصرمتنا، ومثلها معها. قال: وقد صليت، يا ابن أخي! قبل أن ألقى رسول الله، صلى الله عليه وسلم: بثلاث سنين. قلت: لمن؟ قال: لله. قلت: فأين توجه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي. أصلي عشاء، حتى إذا كان من آخر الليل: ألقيت كأني خفاء، حتى تعلوني الشمس، فقال "أنيس": إن لي حاجة بمكة، فاكفني. فانطلق "أنيس"، حتى [ ص: 586 ] أتى مكة، فراث علي، ثم جاء. فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة، على دينك، يزعم: أن الله أرسله. قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، كاهن، ساحر. وكان "أنيس" أحد الشعراء.

                                                                                                                              قال "أنيس": لقد سمعت قول الكهنة. فما هو بقولهم. ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فما يلتئم على لسان أحد بعدي: أنه شعر. والله! إنه لصادق، وإنهم لكاذبون.

                                                                                                                              قال: قلت: فاكفني، حتى أذهب، فأنظر. قال: فأتيت مكة، فتضعفت رجلا منهم، فقلت: أين هذا الذي تدعونه "الصابئ؟" فأشار إلي، فقال: "الصابئ!". فمال علي أهل الوادي: بكل مدرة وعظم، حتى خررت مغشيا علي. قال: فارتفعت -حين ارتفعت- كأني نصب أحمر. قال: فأتيت زمزم، فغسلت عني الدماء، وشربت من مائها. ولقد لبثت، يا ابن أخي! ثلاثين -بين ليلة ويوم- ما كان لي طعام إلا ماء زمزم. فسمنت، حتى تكسرت عكن بطني. وما وجدت على كبدي: سخفة جوع.

                                                                                                                              قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء، إضحيان: إذ ضرب على أسمختهم، فما يطوف بالبيت أحد. وامرأتين منهم تدعوان: "إسافا ونائلة". قال: فأتتا علي في طوافهما، فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى. قال: فما تناهتا عن قولهما. قال: فأتتا علي، فقلت: هن [ ص: 587 ] مثل الخشبة -غير أني لا أكني- فانطلقتا تولولان، وتقولان: لو كان هاهنا أحد من أنفارنا! قال: فاستقبلهما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر -وهما هابطان- قال: "ما لكما؟" قالتا: الصابئ بين الكعبة، وأستارها. قال: "فما قال لكما؟" قالتا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم وجاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى. فلما قضى صلاته، (قال: أبو ذر) : فكنت أنا أول من حياه: بتحية الإسلام؛ قال: فقلت: السلام عليك، يا رسول الله! فقال: "وعليك، ورحمة الله". ثم قال: "من أنت؟". قال: قلت: من غفار قال: فأهوى بيده، فوضع أصابعه على جبهته. فقلت: -في نفسي-كره أن انتميت إلى "غفار" فذهبت آخذ بيده، فقدعني صاحبه -وكان أعلم به مني- ثم رفع رأسه. ثم قال: "متى كنت هاهنا؟" قال: قلت: قد كنت هاهنا منذ ثلاثين -بين ليلة ويوم- قال: "فمن كان يطعمك؟". قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت، حتى تكسرت عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع.

                                                                                                                              قال: "إنها مباركة. إنها طعام طعم".

                                                                                                                              فقال أبو بكر: يا رسول الله! ائذن لي في طعامه -الليلة- فانطلق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وانطلقت معهما. ففتح أبو بكر بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف. وكان ذلك أول طعام أكلته [ ص: 588 ] بها. ثم غبرت ما غبرت. ثم أتيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: "إنه قد وجهت لي أرض، ذات نخل، لا أراها إلا يثرب. فهل أنت مبلغ عني قومك؟ عسى الله أن ينفعهم بك، ويأجرك فيهم!".

                                                                                                                              فأتيت "أنيسا" فقال: ما صنعت؟. قلت: صنعت أني قد أسلمت، وصدقت. قال: ما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت، وصدقت. فأتينا أمنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت، وصدقت. فاحتملنا، حتى أتينا قومنا "غفارا" فأسلم نصفهم. وكان يؤمهم: أيماء بن رحضة "الغفاري". وكان سيدهم.

                                                                                                                              وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم المدينة: أسلمنا. فقدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم المدينة: فأسلم نصفهم الباقي. وجاءت "أسلم" فقالوا: يا رسول الله! إخوتنا، نسلم على الذي أسلموا عليه؛ فأسلموا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "غفار: غفر الله لها. وأسلم: سالمها الله")
                                                                                                                              .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن الصامت؛ قال: قال أبو ذر "رضي الله عنه": خرجنا من قومنا "غفار" -وكانوا يحلون الشهر الحرام- فخرجت أنا وأخي "أنيس" وأمنا، فنزلنا على خال لنا. فأكرمنا خالنا، وأحسن إلينا.

                                                                                                                              [ ص: 589 ]

                                                                                                                              فحسدنا قومه؛ فقالوا: إنك إذا خرجت عن أهلك، خالف إليهم أنيس) يقال: "هو خالف إلى امرأة فلان". أي: يأتيها إذا غاب عنها. (فجاء خالنا، فنثا علينا: الذي قيل له) هو بنون، أي: أشاعه، وأفشاه. (فقلت: أما ما مضى من معروفك فقد كدرته، ولا جماع لك) أي: لا مجامعة لك معنا (فيما بعد. فقربنا صرمتنا) بكسر الصاد "هي القطعة من الإبل" وتطلق أيضا على "القطعة من الغنم".

                                                                                                                              (فاحتملنا عليها. وتغطى خالنا ثوبه، فجعل يبكي. فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، فنافر "أنيس" عن صرمتنا، وعن مثلها) معناه: تراهن هو وآخر؛ أيهما أفضل. وكان الرهن: صرمة ذا وصرمة ذاك، فأيهما كان أفضل: أخذ الصرمتين. فتحاكما إلى الكاهن، فحكم بأن "أنيسا" أفضل. وهو معنى قوله: (فأتيا الكاهن، فخير أنيسا) أي: جعله الخيار والأفضل. (فأتانا "أنيس" بصرمتنا، ومثلها معها).

                                                                                                                              قال أبو عبيد وغيره: "المنافرة": المفاخرة، والمحاكمة؛ فيفخر كل واحد من الرجلين على الآخر، ثم يتحاكمان إلى رجل؛ ليحكم أيهما خير وأعز نفرا. وكانت هذه المفاخرة في الشعر؛ أيهما أشعر، كما بينه في الرواية الأخرى.

                                                                                                                              (قال: وقد صليت، يا ابن أخي! قبل أن ألقى رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: بثلاث سنين. قلت: لمن؟ قال: لله، قلت: [ ص: 590 ] فأين توجه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي "عز وجل" أصلي عشاء، حتى إذا كان من آخر الليل: ألقيت كأني خفاء) بكسر الخاء، وتخفيف الفاء، وبالمد. وهو الكساء. وجمعه: "أخفية" ككساء وأكسية.

                                                                                                                              قال عياض: ورواه بعضهم، عن ابن ماهان: "جفاء" بجيم مضمومة، وهو "غثاء السيل". والصواب المعروف هو الأول.

                                                                                                                              (حتى تعلوني الشمس. فقال لي أنيس: إن لي حاجة بمكة، فاكفني. فانطلق أنيس، حتى أتى مكة، فراث علي) أي: أبطأ (ثم جاء. فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة، على دينك، يزعم أن الله "تبارك وتعالى" أرسله. قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، كاهن، ساحر -وكان أنيس أحد الشعراء- قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم. ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر) أي: طرقه وأنواعه، وهي بالقاف والراء، والمد.

                                                                                                                              (فما يلتئم على لسان أحد بعدي: أنه شعر. والله! إنه لصادق، وإنهم لكاذبون. قال: قلت: فاكفني حتى أذهب، فأنظر. قال: فأتيت مكة، فتضعفت رجلا منهم) يعني: نظرت إلى أضعفهم، فسألته؛ لأن الضعيف مأمون الغائلة، غالبا.

                                                                                                                              [ ص: 591 ]

                                                                                                                              وفي رواية ابن ماهان: "فتضيفت" بالياء، وأنكرها عياض وغيره.

                                                                                                                              قالوا: لا وجه له هنا.

                                                                                                                              (فقلت: أين هذا الذي تدعونه: "الصابئ؟" فأشار إلي، فقال: "الصابئ". فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم، حتى خررت مغشيا علي. قال فارتفعت -حين ارتفعت- كأني نصب أحمر) يعني: من كثرة الدماء التي سالت في بضربتهم. "والنصب": الصنم والحجر. كانت أهل الجاهلية: تنصبه، وتذبح عنده، فيحمر بالدم. وهو بضم الصاد وإسكانها، وجمعه: "أنصاب" ومنه قوله تعالى: وما ذبح على النصب .

                                                                                                                              (قال: فأتيت "زمزم" فغسلت عني الدماء، وشربت من مائها. ولقد لبثت، يا ابن أخي! ثلاثين -بين ليلة ويوم- ما كان لي طعام إلا ماء زمزم. فسمنت، حتى تكسرت عكن بطني) يعني: انثنت لكثرة السمن، وانطوت.

                                                                                                                              (وما وجدت على كبدي: سخفة جوع) بفتح السين وضمها، وإسكان المعجمة. وهي "رقة الجوع، وضعفه، وهزاله".

                                                                                                                              (قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء) أي: مقمرة، طالع قمرها، [ ص: 592 ] (إضحيان): بكسر الهمزة والحاء، وإسكان الضاد المعجمة. وهي المضيئة. ويقال: "ليلة إضحيان، وإضحيانة، وضحياء"، و"يوم ضحيان".

                                                                                                                              (إذ ضرب على أسمختهم): هكذا هو في جميع النسخ. وهو جمع "سماخ" وهو الخرق الذي في الأذن، يفضي إلى الرأس. يقال: "صماخ" بالصاد، و"سماخ" بالسين. والصاد أفصح وأشهر. والمراد بأصمختهم هنا: آذانهم. أي: ناموا. قال تعالى: فضربنا على آذانهم أي: أنمناهم.

                                                                                                                              (فما يطوف بالبيت أحد، وامرأتين) منهم. هكذا هو في معظم النسخ. وفي بعضها: "امرأتان".

                                                                                                                              والأول: منصوب بفعل محذوف، أي: ورأيت امرأتين (تدعوان: "إسافا ونائلة". قال: فأتتا علي في طوافهما، فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى. قال: فما تناهتا عن قولهما) أي: ما انتهتا عن قولهما. بل دامتا عليه.

                                                                                                                              ووقع في أكثر النسخ: "فما تناهتا على قولهما" قال النووي: وهو صحيح أيضا. وتقديره: "ما تناهتا من الدوام على قولهما".

                                                                                                                              (قال: فأتتا علي، فقلت: هن مثل الخشبة، غير أني لا أكني).

                                                                                                                              "الهن والهنة" بتخفيف نونهما: كناية عن كل شيء. وأكثر ما [ ص: 593 ] يستعمل: كناية عن الفرج والذكر. فقال لهما: ذكر مثل الخشبة في الفرج. وأراد بذلك سب "إساف ونائلة" وغيظ الكفار بذلك.

                                                                                                                              (فانطلقتا تولولان، وتقولان: لو كان ههنا أحد من أنفارنا!) "الولولة": الدعاء بالويل. "والأنفار": جمع "نفر" أو "نفير" وهو الذي ينفر عند الاستغاثة.

                                                                                                                              ورواه بعضهم: "أنصارنا" وهو بمعناه. وتقديره: لو كان هنا أحد من أنصارنا لانتصر لنا. (قال: فاستقبلهما: رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، وأبو بكر -وهما هابطان- قال: "ما لكما؟" قالتا: "الصابئ" بين الكعبة وأستارها. قال: ما قال لكما؟ قالتا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم). أي: عظيمة، لا شيء أقبح منها، كالشيء الذي يملأ الشيء ولا يسع غيره.

                                                                                                                              وقيل: معناه: لا يمكن ذكرها وحكايتها، كأنها تسد فم حاكيها وتملؤه لاستعظامها.

                                                                                                                              (وجاء رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى، فلما قضى صلاته، [ ص: 594 ] (قال أبو ذر): فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام، فقلت: السلام عليك، يا رسول الله! فقال: وعليك) السلام (ورحمة الله). هكذا هو في جميع النسخ: و"عليك" من غير ذكر "السلام".

                                                                                                                              وفيه: دلالة لأحد الوجهين للشافعية، أنه إذا قال في رد السلام: "وعليك": يجزئه؛ لأن العطف يقتضي كونه جوابا.

                                                                                                                              والمشهور من أحواله، صلى الله عليه وآله وسلم" وأحوال السلف: رد السلام بكماله. فيقول: "وعليكم السلام ورحمة الله". أو: "ورحمته وبركاته".

                                                                                                                              ثم قال: "من أنت؟" قال: قلت: من "غفار". قال: فأهوى بيده، فوضع أصابعه على جبهته. فقلت -في نفسي- كره أن انتميت إلى "غفار" فذهبت آخذ بيده، فقدعني صاحبه) أي: كفني. يقال: قدعه، وأقدعه: إذا كفه ومنعه. وهو بدال مهملة.

                                                                                                                              (وكان أعلم به مني، ثم رفع رأسه، فقال: "متى كنت ههنا؟" قال: قلت: قد كنت ههنا منذ ثلاثين -بين ليلة ويوم- قال: "فمن كان يطعمك؟" قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت، حتى تكسرت عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع. قال: "إنها مباركة، إنها طعام طعم"): بضم الطاء، وإسكان العين. أي: تشبع شاربها، كما يشبعه الطعام.

                                                                                                                              [ ص: 595 ]

                                                                                                                              (فقال أبو بكر، رضي الله عنه: يا رسول الله! ائذن لي في طعامه الليلة. فانطلق رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، وأبو بكر، وانطلقت معهما. ففتح أبو بكر رضي الله عنه بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، فكان ذلك أول طعام أكلته بها، ثم غبرت ما غبرت) أي: بقيت ما بقيت، (ثم أتيت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقال: إنه قد وجهت لي أرض) أي: أريت جهتها (ذات نخل، لا أراها إلا "يثرب") ضبطوه: "أراها" بضم الهمزة وفتحها. وهذا كان قبل تسمية المدينة: "طابة وطيبة" وقد جاء بعد ذلك حديث في النهي عن تسميتها: "يثرب" أو أنه سماها باسمها المعروف عند الناس حينئذ.

                                                                                                                              (فهل أنت مبلغ عني قومك؟ عسى الله أن ينفعهم بك، ويأجرك فيهم، فأتيت "أنيسا" فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني قد أسلمت وصدقت. قال: ما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت وصدقت. فأتينا أمنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما) أي: لا كراهة، بل أدخل فيه (فإني قد أسلمت وصدقت. فاحتملنا) يعني: حملنا أنفسنا ومتاعنا على إبلنا، وسرنا (حتى أتينا قومنا "غفارا" فأسلم نصفهم، وكان يؤمهم أيماء بن رحضة الغفاري) "أيماء" ممدود الهمزة في أوله، مكسورة على المشهور. وحكى عياض: فتحها أيضا.

                                                                                                                              [ ص: 596 ]

                                                                                                                              وأشار إلى ترجيحه. قال النووي: وليس براجح.

                                                                                                                              و"رحضة" براء ومهملة ومعجمة مفتوحات.

                                                                                                                              (وكان سيدهم. وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم "المدينة": أسلمنا. فقدم رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم "المدينة": فأسلم نصفهم الباقي. وجاءت "أسلم" فقالوا: يا رسول الله! إخوتنا، نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا. فقال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "غفار") غير مصروف، باعتبار القبيلة: (غفر الله لها). أي: غفر ذنب سرقة الحاج في الجاهلية.

                                                                                                                              وفيه: إشعار بأن ما سلف منها مغفور.

                                                                                                                              ("وأسلم") بن أقصى: (سالمها الله) عز وجل، بفتح اللام، من المسالمة وترك الحرب.

                                                                                                                              ويحتمل أن يكون قوله: "غفر الله لها" و"سالمها": خبرين يراد بهما الدعاء. أو هما خبران على بابهما.

                                                                                                                              وقصة إسلام "أبي ذر" رضي الله عنه: رواها البخاري أيضا مختصرة ومقطعة في قصة زمزم، وغيرها.




                                                                                                                              الخدمات العلمية