الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويجوز ) ( إقراض ) كل ( ما يسلم فيه ) أي في نوعه لصحة ثبوته في الذمة ، ولأنه صلى الله عليه وسلم اقترض بكرا وقيس عليه غيره .

                                                                                                                            وعلم أنه لا يرد امتناع السلم في المعين وجواز قرضه كالذي في الذمة ، فلو قال : أقرضتك ألفا وقبل وتفارقا ثم أعطاه ألفا جاز إن قرب الفصل عرفا وإلا فلا وإن نازع فيه السبكي أما لو قال : أقرضتك هذه الألف مثلا وتفارقا ثم سلمها إليه لم يضر وإن طال الفصل ، ويصح قرض كف من دراهم ليتبين قدرها بعد ويرد مثلها ولا أثر للجهل بها حالة العقد .

                                                                                                                            وقضية الضابط جواز إقراض النقد المغشوش لأنه مثلي تجوز المعاملة به في الذمة ، وهو ما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى واعتمده جمع متأخرون ، ولو جهل قدر غشه خلافا للسبكي في تقييده بذلك وللروياني في منعه مطلقا في الروضة هنا عن القاضي منع قرض المنفعة لامتناع السلم فيها وفيها كأصلها في الإجارة جوازهما وجمع الإسنوي وغيره أخذا من كلامهما بحمل المنع على منفعة محل معين والحل على منفعة في الذمة ، واعتمده الوالد رحمه الله تعالى [ ص: 226 ] في فتاويه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وعلم أنه ) أي من قوله لا في نوعه ( قوله : جاز إن قرب ) هذا القيد لا يعلم من المفرع عليه ( قوله : هذه الألف ) الأولى هذا لأن الألف مذكر ولكنه أنثه لتأويله بالدراهم ( قوله ليتبين قدرها ) افهم أنه لو أقرضه لا بهذا القصد لم يصح ، قال سم على حج : عبارة شرح الروض : فلو أقرضه كفا من الدراهم لم يصح ، ولو أقرضه على أن يستبين مقداره ويرد مثله صح ، ذكره في الأنوار ا هـ . ويمكن تنزيل كلام الشارح عليه بأن تحمل اللام في قوله ليتبين على معنى على ( قوله : ولا أثر للجهل بها حالة العقد ) أي ويصدق في قدرها لأنه الغارم حيث ادعى قدرا لائقا ، وإلا فيطالب بتعيين قدر لائق أو يحبس إلى البيان ( قوله : في تقييده بذلك ) الأولى بغير ذلك أو بما إذا علم ذلك ( قوله : جوازهما ) أي السلم والقرض ( قوله : محل معين ) أي عقار بخلافه من القن ونحوه لما مر من صحة السلم في ذلك وعبارته عند قول المتن في السلم ولا ينعقد بيعه ولو أسلم إليه ما ذكر في سكنى هذه سنة لم يصح بخلافه في منفعة نفسه أو قنه أو دابته كما قاله الإسنوي [ ص: 226 ] والبلقيني وغيرهما ، ووجهه أن منفعة العقار لا تثبت في الذمة بخلاف غيرها كما يعلم مما يأتي في الإجارة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وعلم أنه لا يرد امتناع السلم في المعين ) أي : من قوله : أي في نوعه . ( قوله : بحمل المنع على منفعة محل معين ) يعني منفعة خصوص [ ص: 226 ] العقار كما نبه عليه الشهاب حج ، ولعله لم يكن في النسخة التي كتب عليها الشهاب سم حتى كتب عليه ما نصه : قوله : وجمع الإسنوي أفتى بهذا الجمع شيخنا م ر .

                                                                                                                            وأقول : في هذا الجمع نظر ; لأن قرض المعين جائز فليجز قرض منفعة المعين حيث أمكن رد مثله الصوري ، بخلاف العقار ثم نقل عن شرح البهجة بعد نقله عنه جمع الإسنوي المذكور ما نصه والأقرب ما جمع به السبكي والبلقيني وغيرهما من حمل المنع على منفعة العقار كما يمتنع السلم فيها ; ولأنه لا يمكن رد مثلها ، والجواز على منفعة غيره من عبد ونحوه كما يجوز السلم فيها ولإمكان رد مثلها الصوري ا هـ . ما في حواشي الشهاب سم ، وظاهر ما ذكر أنه لا يجوز إقراض منفعة العقار وإن كانت منفعة النصف فأقل ، لكن يؤخذ من التعليل بأنه لا يمكن رد مثلها أنه يجوز حينئذ ، وإلا فما الفرق بين هذا وبين إقراض جزء شائع من دار بقيده الآتي في كلام الشارح آنفا ، وقد علم من كلامهم أن ما جاز قرضه جاز قرض منفعته فليتأمل




                                                                                                                            الخدمات العلمية