الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وخصه بأن جعله - عليه الصلاة والسلام - أولى بالمؤمنين من أنفسهم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح لما اختص الله تعالى رسوله بكرامته وفضله على جميع خلقه أولى بالمؤمنين من أنفسهم فقال تعالى : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ الأحزاب : 6 ] ، وقرأ عكرمة ( وهو أبوهم ) ، وقرأ مجاهد ( وهو أب لهم ) ، وقيل : إنها قراءة أبي بن كعب ، وفيه أربعة تأويلات :

                                                                                                                                            أحدها . أنه أولى بهم فيما يراه لهم منهم بأنفسهم . وهذا قول عكرمة .

                                                                                                                                            والثاني : أنه أولى بهم فيما يأمرهم به من آبائهم وأمهاتهم .

                                                                                                                                            والثالث : أنه أولى بهم في دفاعهم عنه ، ومنعهم منه من دفاعهم عن أنفسهم ، حتى لو عطش ورأى مع عطشان ما كان أحق به منه ، ولو رأوا سوءا يصل إليه ، لزمهم أن يقوه بأنفسهم ، كما وقاه طلحة بن عبيد الله بنفسه يوم أحد .

                                                                                                                                            والرابع : أنه أولى بهم من قضاء ديونهم وإسعافهم في نوائبهم .

                                                                                                                                            وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ما من مؤمن إلا أنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة ، اقرءوا إن شئتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ الأحزاب : 6 ] فأيما مؤمن ترك مالا فلورثته ، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه . فكان هذا مما خص الله تعالى رسوله من الكرامات ، وكان ما يفعله من قضاء الديون تفضلا منه لا واجبا عليه : لأنه لو كان واجبا لقام به الأئمة بعده ، إلا أن يكون من سهم الغارمين فيكون واجبا في سهم من الصدقات إن احتمله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية