الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وولي الكافرة كافر ، ولا يكون المسلم وليا لكافرة : لقطع الله الولاية بينهما بالدين ، إلا على أمته ، وإنما صار ذلك له لأن النكاح له ، تزوج صلى الله عليه وسلم أم حبيبة وولى عقدة نكاحها ابن سعيد بن العاص وهو مسلم وأبو سفيان حي وكان وكيل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو ابن أمية الضمري ( قال المزني ) ليس هذا حجة في إنكاح الأمة ، ويشبه أن يكون أراد أن لا معنى لكافر في مسلمة ، فكان ابن سعيد ووكيله صلى الله عليه وسلم مسلمين ولم يكن لأبيها معنى في ولاية مسلمة إذا كان كافرا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وأصل ذلك أن اتفاق الدين شرط في ثبوت الولاية على المنكوحة ، فلا يكون الكافر وليا لمسلمة ولا المسلم وليا لكافرة : لقوله تعالى : ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [ النساء : 141 ] وقوله أيضا : لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض [ المائدة : 51 ] فدلت هاتان الآيتان على أن لا ولاية لكافر على مسلمة ، وقال تعالى : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض [ التوبة : 71 ] فدل على أن لا ولاية لمسلم على كافرة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان ، [ ص: 116 ] وكان أبوها وإخوتها كفارا ، وهي مسلمة مهاجرة بأرض الحبشة ، تزوجها من أقرب عصباتها من المسلمين ، وهو خالد بن سعيد بن العاص ، فدل على انتقال الولاية بالكفر عمن هو أقرب إلى من ساواها في الإسلام ، وإن كان أبعد ، فلأن الله تعالى قد قطع الموالاة باختلاف الدين ، فلم تثبت الولاية معه كما لم يثبت الميراث ، وإنما الولاية إنما شرعت لطلب الحظ لها ودفع العار عنها ، واختلاف الدين يصد عن هذا أو يمنع منه ، كما قال تعالى : لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة [ التوبة : 10 ] .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية