الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إشكاليات العمل الإعلامي (بين الثوابت والمعطيات العصرية)

الأستاذ الدكتور / محي الدين عبد الحليم

سادسا: إشكالية الدعاية الصهيونية

توظف إسرائيل الجاليات اليهودية المنتشرة في جميع أنحاء العالم لتحقيق أغراضها، تلك الجاليات التي تبلغ خمسة ملايين يهودي في أمريكا الشمالية، وثلاثة ملايين فيما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية، ومليونين في أوربا الغربية، ونحو مليونين آخرين في باقي القارات.. وتستغل الدعاية الصهيونية هـذه الجاليات التي تتغلغل في المواقع الهامة والمراكز الحساسة في العالم، وتهيمن على مراكز الثقافة والإعلام، وتسيطر على مجال المال وقطاع المصارف والأعمال، للتحكم في مراكز صنع القرار في العالم، وكسب الرأي العام العالمي لصالحها. [ ص: 121 ]

كما تستغل إسرائيل المنظمات غير الحكومية، كالوكالة اليهودية التي تعرف بالمنظمة الصهيونية العالمية، والهستدروت (اتحاد عمال إسرائيل ) ، الذي يشرف على المعهد الإفريقي الآسيوي، ويصدر عشرات من الصحف والمطبوعات، ويرسل ويستقبل عشرات النقابيين من القيادات العمالية، إضافة إلى الأحزاب السياسية في الداخل والخارج. وقد نبه بعض الباحثين إلى نجاح الدعاية الصهيونية في إنشاء علاقات مع الأقليات الأخرى المسلمة المؤيدة للصهيونية في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى التجمعات اليهودية في تركيا وأرمينيا، وغيرهم من الأقليات التي استطاعت أن تنصهر في حركة سرية واحدة من خلال النظام الماسوني الدولي. وهكذا نرى أن الدعاية الصهيونية تنهج النهج العلمي، وتستفيد من التجارب السابقة في مختلف العصور، وتلجأ إلى الإغراق الإعلامي والتنويع لتحقيق أهدافها العليا، والانتصار في صراعها مع العرب والمسلمين [1] وتقيم الصهيونية العالمية خططها الإعلامية على حساب العرب والمسلمين، بما تقدمه من برامج جاذبة وأساليب متميزة، و (تكنيكات ) متقدمة، ممزوجة بإغراءات مادية، عن طريق المسابقات وأساليب الإثارة المختلفة، والإعلانات الاستفزازية التي تسعى إلى تغيير أنماط السلوك والعادات والأعراف والقيم والثقافة، حتى يفقد المسلم هـويته، ثم يتم [ ص: 122 ] تفريغـه مـن الداخـل، وإصابتـه باللامبـالاة، والعمـل علـى تحييـده إزاء قضاياه الأساسية.

وتمارس الصهيونية العالمية نشاطها الدعائي من خـلال القنوات التالية:

1 - صوت إسرائيل

وهي أولى الإذاعات المعادية، التي تؤكد بإلحاح دعائي يومي أنها صوت إسرائيل من (أورشليم القدس ) ، تأكيدا لكون القدس عاصمة لإسرائيل.. (وصوت إسرائيل، مؤسسة مستقلة مرتبطة مباشرة برئيس الوزراء، وتذيع على 15 موجة من أربع محطات بعدة لغات، لمدة 267 ساعة في الأسبوع، بمعدل 38 ساعة يوميا، ويلاحظ أن من بين تلك اللغات التي تبث بها اللغة الإيرانية، وهي موجهة للإيرانيين في بلادهم، وإلى طلبتهم في الخارج، واللغة السواحلية وهي لغة قبائل كثيرة في شرق إفريقيا، كما أن صوت إسرائيل تذيع برامجها العربية لمدة سبع ساعات يوميا، وتشتمل على ست نشرات إخبارية وشريط أنباء، وبرامج ترفيهية، وتعليقات سياسية ) [2]

2 - الإذاعات الأمريكية الخاضعة للنفوذ الصهيوني

تنتشر المؤسسات والهيئات والإذاعات التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية كافة، التي يوجد فيها 6700 محطة إذاعة تجارية، وأكثر من 700 محطة تلفزيونية، و1500 صحيفة يومية، [ ص: 123 ] ومئات الدوريات، إضافة إلى محطة حكومية واحدة هـي صوت أمريكا Voice of America التي تخضع هـي الأخرى لتوجهات اللوبي الإسرائيلي، وتقوم بالدعاية ضد الحركات التحررية في العالم [3]

3 - محطة C.B.N

وهـي شبكـة البث المسيحيـة Christian Broadcasting NetworK، ويقع مركز هـذه الشبكة في الولايات المتحدة، ويملكها (بات روبرتسون Bat Roperston) ، الذي يؤمن بأن إسرائيل هـي شعب الله المختار God"s Favoured Nation، وهو يروج لهذه الفكرة إعلاميا، من خلال البرنامج الذي يقدمه باسم نادي السبعمائة 700 Club، والذي يذاع عدة مرات يوميا ومدته ساعة ونصف، من خلال 130 محطة تلفزيون عامة، و6500 محطة تلفزيون سلكية [4] وتمتلك هـذه الشبكة محطة تلفزيون الشرق الأوسطMiddle East Television في جنوب لبنان، إضافة إلى إذاعة صوت الأمل، وتلفزيون نجمة الأمل في الشريط الحدودي الذي تحتله إسرائيل في الجنوب اللبناني.. وتعمل هـذه المحطات على تزيين صورة إسرائيل، وتقديمها على أنها دولة مقدسة، وتؤكد على أن الوقوف ضدها هـو معارضة الله، لأن الله يبارك من يباركها، ويلعن من يلعنها. [ ص: 124 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية