الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إشكاليات العمل الإعلامي (بين الثوابت والمعطيات العصرية)

الأستاذ الدكتور / محي الدين عبد الحليم

رابعا: الدعوة بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن

تقوم الدعوة الإسلامية على أساس ثابت ومبدأ راسخ في إعلام الجماهير بها، ويعتمد هـذا المبدأ على الكلمة الطيبة، والحكمة البالغة، من غير عصبية أو عنف، والحكمة تجعل الداعي إلى الله يقدر الأمور حق قدرها، كما تجعله ينظر ببصيرة المؤمن ليرى حاجة الناس فيعالجها [ ص: 176 ] بحسب ما يقتضيه الحال، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب، فتنشرح له صدورهم، ويرون فيه المنقذ لهم، الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم ومستقبلهم.

والموعظة الحسنة هـي الكلمة الطيبة تخرج من فم الداعية لتصل إلى عقول الناس وقلوبهم، فيجدون فيها الخير والسعادة، وهي التي تحمل للناس البشرى، وتأخذ بأيديهم إلى طريق الحق والصواب، ولا تسيء إلى أحد، ولا تعنف أحدا، وهي الكلمة الطيبة الرقيقة التي تلمس القلوب فترق لها، وتخالط النفوس فتهش لها وتفرح بها، وهي البلسم الشافي يداوي الجروح، ويخفف الآلام، ويشفي النفوس [1] وإمعانا في التسامح والرفق والرحمة والصبر، حث الإسلام على التحلي بحسن الخلق وسماحة النفس ولين القول حتى مع الجهلاء، والإعراض عن اللغو في الحديث، وعدم التجاوز في القول،

وفي ذلك يقول تعالى: ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هـونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) (الفرقان:63) .

وحث على الكلمـة الطيبـة والأداء الحسـن: ( وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) (البقرة:83) .

وقد نهج محمد صلى الله عليه وسلم هـذا النهج، مجسدا كل معانيه، سواء مع المؤمنين أم مع الطغاة والمتجبرين، وكذلك مع أهل الكتاب وحتى مع [ ص: 177 ] المنافقين والمشركين، ملتزما في ذلك بأوامر الله جل وعلا الذي حثه على اللين والرقة في معاملته للجميع: ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) (الأعراف:199) .

وهكذا تكشف الدعوة الإسلامية عن سمو في منهجها، ورقي في خططها، ورفعة في خطابها، وسماحة في أسلوبها، ودقة في مضمونها، والتزام في إعلامها.

التالي السابق


الخدمات العلمية