الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          رابعا: التفكير العلمي:

          حفل القرآن الكريم بكثير من الآيات، التي تحث على التعقل والتفكر والتدبر، إذ وردت مفردة (علم) وما يشتق منها، وفي مناسبات مختلفة في مئات المواضع من القرآن الكريم، ووردت مفردة (عقل) وما يشتق منها فيما يقرب من خمسـين مـوضعا منه، فـي حـين وردت مـفـردة (فـكر) وما يشتـق منها فيما يقرب من عشرين موضعا، فضلا عن مفردات القلم والقرطاس والكتاب وغيرها مـما يتعلق بالكتابة والقراءة والتعلم. ولم تكن آيات سورة العلق عفوية في دلالتها وهي أول ما تنزل من القرآن الكريم على النبي : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ) (العلق:1-5).

          فقد امتاز الخطاب القرآني بعقلانيته واستثارته للكوامن الدفينة في النفس الإنسانية، كل هذه المعطيات مهدت لنهوض العقل، الذي حمل هذه الرسالة إلى المستوى الذي أهله لقيادة البشرية، حضاريا وسياسيا، ردحا من الزمن غير قليل، كان العقل المسلم فيها محتفظا بفاعليته وتأثيره الكبير في صياغة معالم الحياة، مستنيرا بالوحي.

          هـذا الظـمأ إلى العـلـم، الـذي أثاره القرآن الكريم، مقترنا باستعداد المسلم لاستخـدام عقله استخـداما فعالا، كان القـاعدة [ ص: 124 ] المبسـطة لازدهار العلوم الإسلامية في عصور نهوضها المميزة في القرون الوسطى الإسلامية [1] .

          والعقل في حضارة القرآن الكريم وقيمه يتفاعل مع عناصر الكون ليبني صرح الحياة، فهذا العقل هو الذي يتأمل في ملكوت السماوات والأرض متدبرا آيات الله عظم شأنه، وهو الذي يمضي في رحلته المباركة باحثا عن أسرار الطبيعة، مكتشفا لقوانين العلوم، مدركا لروح التشريع، وقد استحثته تلك الآيات البينات في كتاب الله العزيز، دافعة له باتجاه التفكر والتدبر [2] .

          وفي سورة العنكبوت بضعة مواضع حثت على إعمال العقل والتفكر والتدبر، منها قول الله سبحانه: ( إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ) (الآية:17)، إذ تستثير هذه الآية تساؤلات في الذهن عن مصدر الرزق، ومن هو الذي يملك مفاتيحه؟

          وهذا الخطاب يتجه نحو الكافرين، الذين يقرون في الوقت نفسه أن الخلق لله عز وجل: ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله ) (العنكبوت:61)، فمن ذا الذي يملك مفاتيح الرزق، [ ص: 125 ] هل تملكها أوثان وأصنام من خشب أو حجارة؟! أم يملكها الذي خلق الكون وخلق فيه ظواهره المختلفة من بحار وأنهار وأشجار وزروع وغيوم وأمطار وأنعام وما إليها، والرزق يدور حول هذه جميعا؟ وهل يطلب الرزق ممن يملكه أم ممن لا يملكه؟ وهل يعبد الرزاق الوهاب أم من ليس له حظ في ذلك؟ وهكذا تترى التساؤلات لتقود في المحصلة إلى التسليم بأن الله تعالى ليس ربا فحسب إنما هو إله أيضا، وأنه وحده المستحق لكي يعبد ولا يشرك به شيئا.

          ثم قول الله عز وجل: ( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير ) (الآية:19)، فبعد أن استحث القرآن الكريم عقولهم لتقرير من هو الرزاق، استثار عقولهم في هذه الآية للتسليم بالبعث يوم القيامة، فقال بعضهم في هذه الآية أنها تنبه على دورة الحياة من إحياء وإماتة ثم إحياء من جديد، كما في دورة الليل والنهار، إذ ينشئ الله تعالى النهار، ثم يدخل الليل عليه، ثم يعيده نهارا مرة أخرى [3] . وتدل الآية أيضا على أن الذي بدأ الخلق أول مرة، وخلقه من العدم، أليس بقادر على أن يعيد إحياءه من جديد؟ فأيهما أهون من الآخر وأيسر منها؟ [4] ، كل ذلك يثير الذهن ويستفزه ليتحرك في مجال التأمل والمقارنة للوصول إلى إجابات تقرر أين يكون الحق. [ ص: 126 ]

          ثم تأتي الآية الأخرى المتممة: ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير ) (الآية:20)، فالآية السابقـة بـدأت بـقـول الله عز وجـل: ( أولم يروا ) ، التي يفهم منها ألم يروا فيما حولهم وقريبا منهم من معطيات ويتأملوا فيها، فلما لم يظهر من الكافرين أنهم تأملوا فيما هو حولهم، لأنه بات مألوفا لهم، لا يثير فيهم ما يحثهم على التفكر والتدبر، جاء قول الله عز وجل: ( قل سيروا في الأرض فانظروا ) . فالسير في الأرض يفتح العين والقلب على المشـاهد الجـديدة، التي لم تألفها العين، ولم يملها القلب، وهي لفتة عميقة إلى حقيقة عميقة، فالإنسان يعيش في المـكان فيألفه، فلا يكاد ينتبه إلى شيء من مشاهده أو عجائبه، حتى إذا سافر وتنقل وساح، استيقظ حسه وقلبه إلى كل مشهـد وإلى كل مظهر في الأرض الجديدة، مما كان يمر على مثله أو أروع منه في موطنه من دون التفات ولا انتباه. وربما عاد إلى موطنه بحس جديد، وروح جديدة، ليبحث ويتأمل ويعجب بما لم يكن يهتم به قبل سفره وغيبته [5] .

          إننا لنجـد أنفسـنا إزاء عدد من آيات السـير والنظر [6] . في القرآن الكريم، التي تستـهـدف إثارة الانتباه لما في [ ص: 127 ] المحيط القريب والبعيد، لما في السماوات والأرض، لما في البحار والمحيطات، من أشكال وألوان وأنواع المظاهر والظواهر المختلفة.

          ومع أن السير يحتمل أن يكون بالبدن أو بالقلب، أو كليهما [7] . فكذلك النظر يحتمل أن يكون رؤية عين ومعاينة أو رؤية قلبية بالتفكر والتدبر، وهي هنا على الاثنين معا [8] . ومقتضى الآية هنا، في سورة العنكبوت، السير والنظر من أجل البحث وتحري الأمر [9] . وإذا كان الخطاب للماضين يقتضي التأمل والتدبر النظري، إلا أنه يقتضي اليوم اعتماد وسائل البحث العلمي التجريبي، للبحث في كيفية بدء الله تعالى الخلق [10] . فقد باتت سبل العمل ميسورة متاحة للجميع من أهل العلم لاعتماد وسائل البحث العلمي الحديثة، والانتقال بنتائج بحوثهم من المحسوس إلى المعقول [11] .

          إن مجمل آيات السير والنظر تسعى للانتقال بالإنسان من الجمود العقلي إلى تفعيل دور العقـل، وتحـريـره من الانـكفاء على المـألوف ومـا هـو تقليد إلى الانعتاق نحو آفاق التأمل الواسعة، والانتقال من المعرفة الحسية التجريبية [ ص: 128 ] إلى الدلالات العميقة، التي تفضي إلى ترسيخ معاني الإيمان ومعطياته الدالة على خالق الكون والقائم على أمره في كل وقت وحين.

          فالمعرفة الحسية وحدها إذا بقيت أسيرة التجربة ودلالاتها المادية قد تفضي إلى الإلحاد والشك، ولكن لا بد من ربط المعطيات العلمية بالتصور الشمولي الكلي للكون والحياة، والإجابة عن التساؤلات العقدية المتعلقة بها - أي الكون والحياة - ومن يقف وراءهما.

          وسنكون الآن إزاء آيات من نوع آخر، تحض على التعقل والتفكر والتدبر، منها قول الله سبحانه: ( ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ) (الآية:35)، ومن معاني (آية) عبرة للناس [12] . والمراد من قول الله عز وجل في هذه الآية أن مشيئته قضت ببقاء آثار قرية لوط. وما أنزل الله عليها من العذاب وهو الحجارة، التي أمطرهم بها وكانت منضودة من سـجـيل [13] . وما ترك الله جـل شـأنـه هـذه الآثـار إلا لتـكون عـبرة [14] للأقـوام، التي ستمر على هذه الآثار، ليروا صـنـع الله عظم شأنه بالقوم، الذين كذبوا رسله [ ص: 129 ] ولم يجيبوا دعوته، فحل بهم هذا العذاب الشديد. فالعبرة المراد منها هنا الانتقال بالتصور من إدراك حسي إلى إدراك عقلي [15] يدفع المرء إلى التأمل والتدبر والتفـكر ومن ثـم التعقل، ليقوده عقله إلى ما ينبغي عليه العمـل بـمـوجبـه. ولا سيما إن ما تركه الله وعفاه من آثارهم ليدل دلالة واضحة على ما حل بالقوم من الخراب والدمار بسبب كفرهم [16] .

          ثم تعززت هذه الدلالات بقول الله سبحانه: ( وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ) (الآية:38)؛ وهنا ينبه المولى عظم شأنه العباد مرة أخرى إلى عظيم ما صنع بالمكذبين من عاد وثمود، عاد الذين كانوا يسكنون بالأحقاف في جنوب الجزيرة العربية بالقرب من حضرموت، وثمود وكانت مساكنهم في شمال الجزيرة العربية، وما زالت مساكنهم تعرف حتى الآن بمدائن صالح [17] . ترك الله تعالى مساكنهم بخرابها وأطلالها لتكون عبرة لمن يمر بها فيرى ما يمكن أن يفعله الله تعالى بمن يكذب رسله، وينحرف عن السبيل والصراط المستقيم [18] ، فيبعث مرآها النفوس إلى التفكر والتدبر وتقليب على الأمور على الوجه الذي يقود إلى الحق. [ ص: 130 ]

          ويتجه خطاب الله سبحانه هذا إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليزدادوا يقينا وإلى المكذبين من قبل، والمكذبين في كل وقت، يستحثهم: أين عقولكم؟ لو أنكم استعمـلـتم عقـولكم في تأمل كل ذلك، لكان حالكم مختلف [19] . ولا سيما أن هؤلاء المكذبين لم يكونوا من الأغبياء العمي الجاهلين، بل: ( وكانوا مستبصرين ) لهم بصائر وعقول تسعهم للتفكر والتدبر والاهتداء بالآيات، التي أثار انتباههم نحوها.

          وبعد عرض هاتين الآيتين أود أن أشير هنا إلى ما انحرف إليه (علم الآثار) وما انحرفت إليه (السياحة)، فإن هذين الميدانين قد حرفا كثيرا عن مقاصد الله سبحانه وتعالى مما عفاه من آثار الماضين. فقد تبين أن الله ترك كل هذه الآثار للتفكر والتدبر في مصير من مضى من ملوك وجبابرة وظالمين وطواغيت، أين هم الآن؟ وأين سلطانهم؟ وأين عروشهم؟ وأين ممالكهم؟ كل ذلك زال وانتهى، فذلك رسالة إلى كل ظالم متجبر ليعتبر بمن سبق قبل أن يكون هو عبرة للآخرين.

          وترك الله تعالى هذه الآثار لبيان ما حل بالكافرين والمكذبين أيضا، فذلك سخط الله تعالى عليهم في هذه الحياة الدنيا، وهذه ديارهم بخرابها تشهد على ذلك، وبما يمكن أن يحل بمن هو مثلهم في أي وقت وحين، وفي أي مكان كان، لا يعجز الله في ذلك من شيء. [ ص: 131 ]

          فما هي سنة النبي مع هذه (الآثار)؟

          ( لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر، قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصـابهم، إلا أن تكونوا باكين".. ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي ) [20] .

          وفي روايـة أخـرى: ( لا تـدخلوا عـلى هـؤلاء المعـذبين، إلا أن تكونوا بـاكيـن، فـإن لـم تكونوا باكين فـلا تدخـلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم ) [21] . هكذا إذا ينبغي التعامل مع الآثار، إنها مواضع للعبرة والتفكر، وزيادة اليقين بالله تعالى، وبقدرته وجبروته، بما يبعث على الخوف والرهبة من أن يحل بالمرء ما حل بهم، فيراجع نفسه متعظا ومعتبرا، مصححا حاله مع الله سبحانه، إلا أن المؤسسات الرسمية المعاصرة حرفت الأمر عن منهجه الصحيح، فتحولت الآثار إلى مجال للتباهي بالمخلفات الحضارية (العظيمة والباهرة)، وأصبحت رمزا لعظمة الأمة وتفوقها في الماضي!

          أما السياحة فذهبت إلى ما هو أشقى من ذلك، إذ حولت هذه الآثار إلى أمـاكن للاحـتـفالات والمهرجـانات، وأقـامت إلى جـوارها أمـاكن اللهو، التي لا تنفك عن نشر الفسوق، ولا سيما ما تشيعه أفواج السياحة الأجنبية من عري، كل ذلك سياحة وتقدم ورقي وتحضر، فأنى هذا مما أراده الله جل شأنه، وأين ذهبت مدارك العقل؟ وكيف انحرفت عن مسارها؟ [ ص: 132 ]

          وما وقع ذلك إلا تحت تأثير قيم حضارة الغرب المنحرفة عن الرؤية الشرعية السليمة للحياة وللدين ومكانته في هذه الحياة، كان أحرى بالجهات ذات العلاقة أن تقيم إلى جوار هذه الأماكن (بانوراما) تتضمن مشاهد مرسومة أو متحركة تشرح ما حل بأهل هذه الديار، وتستجلب إليها أفواجا من طلبة المدارس والجامعات، بوصفهم الشباب المعول عليهم، ليطلعوا عن كثب على ما حل بالكافرين، بل يمكن استجلاب حتى الأفواج السياحية للغرض نفسه، ليكون ذلك في باب الدعوة إلى الله تعالى.

          وأخيرا، نشير إلى قول الله جل شأنه في سورة العنكبوت: ( خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين ) (الآية:44)؛ ومثل هـذه الآية في القـرآن الكريـم كثـير، ولـكن من أبرزهـا قـوله سبحانه وتعالى: ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) (فصلت:53)، فـالإنـسـان نـفـسـه آيـة، بل إن كل جزء فيه هـو آية تدل على عظمة الخـالـق، لينطلق الإنسان من نفسه متأملا ومتدبرا في الكون الواسع والرحيب.

          وبوسعنا القول: إن أمام المسلم قرآنين، قرآن مكتوب، هو المصحف الذي بين يديه، وفيه كلام الله العزيز، وقرآن الكون الشاهد من حولنا، فكل ما فيه هو آية، آية بحاجة إلى تدبر وتفكر وتأمل، كل ما في الكون مدهش، يثير التعجب، من تلك الكائنات، التي لا نراها بالعين المجردة، وكشفتها لنا "المكروسكوبات"، فإذا هي كائنات مجهرية، لها نظامها الداخلي، ونظامها [ ص: 133 ] الخارجي، على صغر حجمها الضئيل جدا؛ أليس ذلك بالأمر العجيب، وصولا إلى تلك المجرات الهائلة في نواحي الكون المختلفة، التي لا نراها بالعين المجردة أيضا ولكن كشفتها لنا التلسكوبات، فأي نظام ينتظمها، وأي قوة تلك التي تمسك بها أن تزول؟!

          وبين المجهريات والمجرات، ملايين من المخلوقات تعج بها الأرض، وكثير منها بحاجة إلى أن تكتشف، فما خفي من أمرها كثير، وكل اكتشاف ينبغي أن يقودنا إلى تدبر في أمر الله تعالى، فلا قيمة للعلم إن كان للعلم وحـده، أو أن يكون لخدمة الحياة الدنيا، فالاستغراق في هذا وحده لا يعكس رقي العقل حقيقة، فرقيه وسموه يكونان عندما تقوده هذه الاكتشافات إلى معرفة الله تعالى، إيمانا به، ويقينا بأمره، وأن شرعه يجب أن يكون هو النافذ في حياتنا، بالانتقال من المدارك الحسية إلى المدارك العقلية, فهنا تكمن براعة العقل الإنساني حقيقة.

          فإذا ما انتظم العقل في منهج التفكير العلمي، يربط بين الأسباب والمسببات، وليربط كل ذلك بمسبب الأسباب، الله جل شأنه، إذا ما رسخ ذلك في عقل المسلم تخلى تلقائيا عن التفكير الخرافي والأسطوري واللامنهجي، وهذا ما يمنح الحياة العلمية والعملية أبعادها الرصينة المنطقية والمعقولة في جوانبها كافة، ثم لينعكس ذلك بدوره على نمط البناء الحضاري في أبعاده المادية والمعنوية. [ ص: 134 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية