ثالثا: سورة العنكبوت:

اختلف المعنيون في توصـيف سـورة العنـكبوت، فقال بعضهم مدنية، وقال بعضهم مكية، وقال بعضهم فيها آيات مكية وأخرى مدنية، ولكن الراجح عند معظمـهم أنـها كلها مكية، أما الرأي الذي يرى أن الأحد عشرة آية الأولى منها مدنيـة فـمردود، لأن الآيـة الثـامنة منها نزلت في إسـلام سـعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه ولا خلاف في أن إسلام سعد كان في مكة ^[1] ..

واختلفوا حول آخر ما نزل في مكة فقال بعضهم: سورة "العنكبوت"، وقال بعضهم: سورة "المؤمنون"، وقال آخرون: سورة "المطففين" ^[2] ، إلا أن المؤكد أن سورة "العنكبوت" هي من بين آخـر ما نزل في مـكة، وعدد آياتـها (69) آية، كما هو في المصحف الكريم. [ ص: 26 ]

وعرفت السورة بهذا الاسم، ولم يذكر لها أسم آخر، فقد عرفت به منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى أن مشركي مكة كانوا يسخرون عندما سمعوا باسمها وباسم سورة الفيل ^[3] . وتسمية السورة تسمية إلهية، اختيرت بعناية ليتناسب الاسم مع المضمون ^[4] . وجاء هذا التناسب من ناحيتين؛ الأولى بذكر العنكبوت في السورة في قول الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=41 ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) (العنـكـبوت:41)..

والثـانيـة في ذلك النوع من التناسب غير الظاهر عبر إبراز جانب قوة المؤمنين في تمسكهم بدينهم وعقيدتهم، ولجوئهم إلى الله تعالى في السراء والضراء، بينما نرى في الجانب الآخر ضعف الكافرين، وضعف عقائدهم، وضعف ما استندوا إليه من أصنام وأوثان ليس لها من ضر أو نفع ^[5] .

وانطوت السورة على مقررات العقيدة في أصولها الكبرى وهي:

الوحدانية والرسالة والبعث والجزاء، في حين دار محور السورة حول الإيمان وتثبيته في القلوب في جميع الأحوال، ولا سيما في أوقات الفتنة، التي هي سنة [ ص: 27 ] من سنن الله سبحانه في الحياة الدنيا لتمحيص المؤمنين، في وقت عانوا فيه أصناف العذاب على أيدي مشركي مكة، وقد ظن بعضهم أن الكافرين لن يتسلطوا عليهم، فافتـتـحت السـورة بالإخـبار عن الفتـنـة، وجـاء ذلك بتفصـيل مطول أشار إلى ما تعرض له الماضون بأشد مما تعرض له المسلمون، ثم أشارت السورة إلى هداية الله تعالى للمؤمنين المجاهدين إلى أقوم السبل ونصره لهم ^[6] . وهي باختـصار أشـارت إلى الكليات الأساسية لعلاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبأخيه الإنسان.

ولما كانت سورة العنكبوت من أخريات ما تنزل على النبي في العهد المكي، فإن هذا يعني - من ناحية أسباب النزول - أنها تنزلت في مرحلة انتقالية وجاءت لتهيئ أذهان المؤمنين ونفوسهم لتقبل المرحلة الجديدة وبعض ما ستكتنف عليه من مظاهر ومعطيات. وهذا يفسر ما ورد فيها من إشارات إلى الجهاد والهجرة والمنافقين وأهل الكتاب وكيفية مجادلتهم.

كما تضمنت سـورة العنكبوت زوايا لإطـلالات متعددة دفعتني لتناول ما فيها من قيم حضارية شكلت - عند إعادة هيكلتها - مبادئ مهمة للمنهج الحياتي، الذي ارتضاه الله تعالى لعباده المؤمنين. [ ص: 28 ]

ثالثًا: سورة العنكبوت:

اختلف المعنيون في توصـيف سـورة العنـكبوت، فقال بعضهم مدنية، وقال بعضهم مكية، وقال بعضهم فيها آيات مكية وأخرى مدنية، ولكن الراجح عند معظمـهم أنـها كلها مكية، أما الرأي الذي يرى أن الأحد عشرة آية الأولى منها مدنيـة فـمردود، لأن الآيـة الثـامنة منها نزلت في إسـلام سـعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه ولا خلاف في أن إسلام سعد كان في مكة ^[1] ..

واختلفوا حول آخر ما نزل في مكة فقال بعضهم: سورة "العنكبوت"، وقال بعضهم: سورة "المؤمنون"، وقال آخرون: سورة "المطففين" ^[2] ، إلا أن المؤكد أن سورة "العنكبوت" هي من بين آخـر ما نزل في مـكة، وعدد آياتـها (69) آية، كما هو في المصحف الكريم. [ ص: 26 ]

وعُرفت السورة بهذا الاسم، ولم يُذكر لها أسم آخر، فقد عُرفت به منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى أن مشركي مكة كانوا يسخرون عندما سمعوا باسمها وباسم سورة الفيل ^[3] . وتسمية السورة تسمية إلهية، اختيرت بعناية ليتناسب الاسم مع المضمون ^[4] . وجاء هذا التناسب من ناحيتين؛ الأولى بذكر العنكبوت في السورة في قول الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=41 ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) (العنـكـبوت:41)..

والثـانيـة في ذلك النوع من التناسب غير الظاهر عبر إبراز جانب قوة المؤمنين في تمسكهم بدينهم وعقيدتهم، ولجوئهم إلى الله تعالى في السراء والضراء، بينما نرى في الجانب الآخر ضعف الكافرين، وضعف عقائدهم، وضعف ما استندوا إليه من أصنام وأوثان ليس لها من ضر أو نفع ^[5] .

وانطوت السورة على مقررات العقيدة في أصولها الكبرى وهي:

الوحدانية والرسالة والبعث والجزاء، في حين دار محور السورة حول الإيمان وتثبيته في القلوب في جميع الأحوال، ولا سيما في أوقات الفتنة، التي هي سُنة [ ص: 27 ] من سُنن الله سبحانه في الحياة الدنيا لتمحيص المؤمنين، في وقت عانوا فيه أصناف العذاب على أيدي مشركي مكة، وقد ظن بعضهم أن الكافرين لن يتسلطوا عليهم، فافتـتـحت السـورة بالإخـبار عن الفتـنـة، وجـاء ذلك بتفصـيل مطول أشار إلى ما تعرض له الماضون بأشد مما تعرض له المسلمون، ثم أشارت السورة إلى هداية الله تعالى للمؤمنين المجاهدين إلى أقوم السبل ونصره لهم ^[6] . وهي باختـصار أشـارت إلى الكليات الأساسية لعلاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبأخيه الإنسان.

ولما كانت سورة العنكبوت من أخريات ما تنزل على النبي في العهد المكي، فإن هذا يعني - من ناحية أسباب النزول - أنها تنزلت في مرحلة انتقالية وجاءت لتهيئ أذهان المؤمنين ونفوسهم لتقبل المرحلة الجديدة وبعض ما ستكتنف عليه من مظاهر ومعطيات. وهذا يفسر ما ورد فيها من إشارات إلى الجهاد والهجرة والمنافقين وأهل الكتاب وكيفية مجادلتهم.

كما تضمنت سـورة العنكبوت زوايا لإطـلالات متعددة دفعتني لتناول ما فيها من قيم حضارية شكلت - عند إعادة هيكلتها - مبادئ مهمة للمنهج الحياتي، الذي ارتضاه الله تعالى لعباده المؤمنين. [ ص: 28 ]