الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( شعر ) الشين والعين والراء أصلان معروفان ، يدل أحدهما على ثبات ، والآخر على علم وعلم .

                                                          فالأول الشعر ، معروف ، والجمع أشعار ، وهو جمع جمع ، والواحدة شعرة . ورجل أشعر : طويل شعر الرأس والجسد . والشعار : الشجر ، يقال أرض كثيرة الشعار . ويقال لما استدار بالحافر من منتهى الجلد حيث ينبت الشعر حوالي الحافر : أشعر ، والجمع الأشاعر . والشعراء من الفاكهة : جنس من الخوخ ، وسمي بذلك لشيء يعلوها كالزغب . والدليل على ذلك أن ثم جنسا ليس عليه زغب يسمونه : القرعاء . والشعراء : ذبابة كأن على يديها زغبا .

                                                          ومن الباب : داهية شعراء ، وداهية وبراء . قال ابن دريد : ومن كلامهم إذا تكلم الإنسان بما استعظم : " جئت بها شعراء ذات وبر " . وروضة شعراء : كثيرة النبت . ورملة شعراء : تنبت النصي وما أشبهه . والشعراء : الشجر الكثير .

                                                          ومما يقرب من هذا الشعير ، وهو معروف ، فأما الشعيرة : الحديدة التي تجعل مساكا لنصل السكين إذا ركب ، فإنما هو مشبه بحبة الشعير . والشعارير : صغار القثاء . والشعار : ما ولي الجسد من الثياب ; لأنه يمس الشعر الذي على البشرة .

                                                          [ ص: 194 ] والباب الآخر : الشعار : الذي يتنادى به القوم في الحرب ليعرف بعضهم بعضا . والأصل قولهم شعرت بالشيء ، إذا علمته وفطنت له . وليت شعري ، أي ليتني علمت . قال قوم : أصله من الشعرة كالدربة والفطنة ، يقال شعرت شعرة . قالوا : وسمي الشاعر لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره . قالوا : والدليل على ذلك قول عنترة :


                                                          هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم



                                                          يقول : إن الشعراء لم يغادروا شيئا إلا فطنوا له . ومشاعر الحج : مواضع المناسك ، سميت بذلك لأنها معالم الحج . والشعيرة : واحدة الشعائر ، وهي أعلام الحج وأعماله . قال الله جل جلاله : إن الصفا والمروة من شعائر الله . ويقال الشعيرة أيضا : البدنة تهدى . ويقال إشعارها أن يجز أصل سنامها حتى يسيل الدم فيعلم أنها هدي . ولذلك يقولون للخليفة إن قتل : قد أشعر ، يختص بهذا من دون كل قتيل . والشعرى : كوكب ، وهي مشتهرة . ويقال أشعر فلان فلانا شرا ، إذا غشيه به .

                                                          وأشعره الحب مرضا ، فهذا يصلح أن يكون من هذا الباب إذا جعل ذلك عليه كالعلم ، ويصلح أن يكون من الأول ، كأنه جعل له شعارا .

                                                          فأما قولهم : تفرق القوم شعارير ، فهو عندنا من باب الإبدال ، والأصل شعاليل ، وقد مضى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية