الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( صعد ) الصاد والعين والدال أصل صحيح يدل على ارتفاع ومشقة . من ذلك : الصعود ، خلاف الحدور ، ويقال : صعد يصعد . والإصعاد : مقابلة الحدور من مكان أرفع . والصعود : العقبة الكئود ، والمشقة من الأمر ، قال الله تعالى : سأرهقه صعودا . قال :


                                                          نهى التيمي عتبة والمعلى وقالا سوف ينهرك الصعود

                                                          وأما الصعدات فهي الطرق ، الواحد صعيد . وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إياكم والقعود بالصعدات إلا من أدى حقها . ويقال : صعيد وصعد وصعدات ، وهو جمع الجمع ، كما يقال : طريق وطرق وطرقات . فأما الصعيد فقال قوم : وجه الأرض . وكان أبو إسحاق الزجاج يقول : هو وجه الأرض ، والمكان عليه تراب أو لم يكن . قال الزجاج : ولا يختلف أهل اللغة أن الصعيد ليس بالتراب . وهذا مذهب يذهب إليه أصحاب مالك بن أنس . وقولهم : إن الصعيد وجه الأرض سواء كان ذا تراب أو لم يكن ، هو مذهبنا ، إلا أن الحق أحق أن يتبع ، والأمر بخلاف ما قاله الزجاج . وذلك أن أبا عبيد حكى عن الأصمعي أن الصعيد التراب . وفي الكتاب المعروف بالخليل ، قولهم : تيمم بالصعيد ، أي خذ من غباره . فهذا خلاف ما قاله الزجاج .

                                                          [ ص: 288 ] ومن الباب الصعداء ، وهو تنفس بتوجع ، فهو نفس يعلو ، فهو من قياس الباب ، وأما الصعود من النوق فهي التي يموت حوارها فترفع إلى ولدها الأول فتدر عليه . وذلك - فيما يقال - أطيب للبنها . ويقال : بل هي التي تلقي ولدها . وهو تفسير قوله :


                                                          لها لبن الخلية والصعود

                                                          ويقال : تصعدني الأمر ، إذا شق عليك . قال عمر : " ما تصعدتني خطبة النكاح " . وقال بعضهم : " الخطبة صعد ، وهي على ذي اللب أربى " . ومما يقارب هذا قول أبي عمرو : أصعد في البلاد : ذهب أينما توجه . ومنه قول الأعشى :


                                                          فإن تسألي عني فيا رب سائل     حفي عن الأعشى به حيث أصعدا

                                                          ومما لا يبعد قياسه الصعدة من النساء : المستقيمة القامة ، فكأنها صعدة ، وهي القناة المستوية تنبت كذلك ، لا تحتاج إلى تثقيف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية