الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( ضحى ) الضاد والحاء والحرف المعتل أصل صحيح واحد يدل على بروز الشيء . فالضحاء : امتداد النهار ، وذلك هو الوقت البارز المنكشف . ثم يقال للطعام الذي يؤكل في ذلك الوقت : ضحاء . قال :

                                                          [ ص: 392 ]

                                                          ترى الثور يمشي راجعا من ضحائه

                                                          ويقال : ضحي الرجل يضحى ، إذا تعرض للشمس ، وضحى مثله . ويقال : اضح يا زيد ، أي ابرز للشمس . والضحية معروفة ، وهي الأضحية .

                                                          قال الأصمعي : فيها أربع لغات : أضحية وإضحية ، والجمع : أضاحي ; وضحية ، والجمع : ضحايا ; وأضحاة ، وجمعها : أضحى . قال الفراء : الأضحى مؤنثة ، وقد تذكر ، يذهب بها إلى اليوم . وأنشد :


                                                          دنا الأضحى وصللت اللحام

                                                          وإنما سميت بذلك لأن الذبيحة في ذلك اليوم لا تكون إلا في وقت إشراق الشمس . ويقال : ليلة إضحيانة وضحياء ، أي مضيئة لا غيم فيها . ويقال : هم يتضحون ، أي يتغدون . والغداء : الضحاء . ومن ذلك حديث سلمة بن الأكوع : بينا نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - نتضحى - يريد نتغدى . وضاحية كل بلدة : ناحيتها البارزة . يقال : هم ينزلون الضواحي . ويقال : فعل ذلك ضاحية ، إذا فعله ظاهرا بينا . قال :


                                                          عمي الذي منع الدينار ضاحية     دينار نخة كلب وهو مشهود

                                                          وقال :

                                                          [ ص: 393 ]

                                                          وقد جزتكم بنو ذبيان ضاحية     بما فعلتم ككيل الصاع بالصاع

                                                          فأما قول جرير :


                                                          فما شجرات عيصك في قريش     بعشات الفروع ولا ضواح

                                                          فإنه يقول : ليست هي في النواحي ، بل هي [ في ] الواسطة . ويقال للسماوات كلها : الضواحي . وقال تأبط شرا :


                                                          وقلة كسنان الرمح بارزة     ضحيانة . . . . . . . . . . . .

                                                          فهي البارزة للشمس .

                                                          قال أبو زيد : ضحا الطريق يضحو ضحوا وضحوا ، إذا بدا وظهر . فقد دلت هذه الفروع كلها على صحة ما أصلناه في بروز الشيء ووضوحه . فأما الذي يروى عن أبي زيد عن العرب : ضحيت عن الأمر إذا رفقت ، فالأغلب عندي أنه شاذ في الكلام . قال زيد الخيل :


                                                          لو أن نصرا أصلحت ذات بينها     لضحت رويدا عن مصالحها عمرو

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية